يعتبر حمدين صباحي اكثر القادة المصريين شعبية في الحملة ضد دستور مصر الجديد الذي دعمه الاسلاميون. ويستعد صباحي الآن لمعركته القادمة ، ضد خطط القادة الاسلاميين لاجراء اصلاحات تنقل مصر الى اقتصاد السوق على الطريقة الغربية. إعداد عبدالإله مجيد: قال صباحي انه حذر الرئيس محمد مرسي في لقاء مغلق قبل اسابيع ألا يستمع الى ما يقوله حلفاؤه في جماعة الاخوان المسلمين. واضاف صباحي انه ابلغ مرسي "ان فكر الاخوان الاقتصادي والاجتماعي لا يختلف عن فكر مبارك وهو قانون السوق". وقال صباحي للرئيس المصري "انك لن تفعل أكثر من جعل الفقراء أكثر فقرا وسيغضبون عليك مثلما غضبوا على مبارك". وينظر غالبية الاقتصاديين بتوجس وخوف الى افكار صباحي الناصرية. فهو معارض شديد للانفتاح الاقتصادي باتجاه السوق الحرة عموما وبصفة خاصة لقرض صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 مليار دولار الذي يقول اقتصاديون ان مصر بأمس الحاجة اليه من اجل تفادي انهيار عملتها انهيارا كارثيا. ولكن ما يثير قلق بعض الدبلوماسيين الغربيين ان صباحي أخذ يبرز بوصفه صوتا يتزايد قوة في السياسة المصرية لأسباب منها الحملة التي خاضها ضد الدستور المدعوم من الاسلاميين. ويتوقع المعسكران الآن ان تحقق المعارضة مكاسب كبيرة في الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها في غضون شهرين على خلفية سجال محتدم حول قرض صندوق النقد الدولي. ويتمتع صباحي بأوسع قاعدة جماهيرية بين قادة المعارضة. وبعد خوضه سباق الرئاسة في الربيع انهى المرحلة الأولى بأصوات تقرب من اصوات مرسي نفسه. ويشكل الاصلاح الاقتصادي الآن اختبارا كبيرا لديمقراطية مصر الهشة. وفي وقت لا تتمتع الحكومة بثقة شعبية كافية فان التغييرات التي تعتزم اجراءها في النظام الضريبي أو بالغاء الدعم عن سلع اساسية لخفض العجز في الميزانية يمكن بكل سهولة ان تفجر مواجهات جديدة في الشوارع مثلما فعلت اصلاحات كهذه في السابق. وقال صباحي انه إذا كان مرسي يتوقع من خصومه ان يسكتوا لأن الاقتصاديين يقولون ان الحاجة ماسة الى هذه الاصلاحات فان على الرئيس ان يراجع نفسه. وقال صباحي في مقابلة اجرتها معه صحيفة نيويورك تايمز في مكتب مستعار من مخرج سينمائي تزينه صور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وتشي غيفارا ايضا "لماذا ندعم الرئيس ، ومن أجل ماذا ندعمه؟ هل هو حاكم ديمقراطي؟ هل هو ثوري؟ هل هو نموذج للرئيس بحيث اريده أن ينجح؟" وكان صباحي (58 عاما) المعروف بكتابة الشعر والاقتباس من الأدب العربي من السياسيين المصريين الذين عانوا السجن مع الاخوان المسلمين في النضال ضد الدكتاتورية ونال رصيدا فريدا من المصداقية بين القادة العلمانيين الآخرين بفضل تاريخه النضالي. ولكن صباحي حين لم يتمكن من الانتقال الى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية رفض ان يمحض تأييده الى مرسي أو منافسه احمد شفيق رئيس وزراء مبارك سابقا. وقال صباحي في مقابلة تلفزيونية وقتذاك انه خيار بين "الاستبداد باسم الدولة والاستبداد باسم الدين". وقال صباحي في حديثه لصحيفة نيوويرك تايمز ان مرسي لم يحكم بطريقة ديمقراطية رغم فوزه ديمقراطيا في الانتخابات. واضاف "انه يركل السلَّم الذي تسلق عليه" مشيرا الى ان مرسي في اعلانه الدستوري لتحصين سلطته ضد الطعون القضائية ، حتى لشهر واحد ، انهى مصداقيته كحاكم ديمقراطي. وتسبب الانقسام الذي احدثه الاعلان الدستوري بين الاسلاميين والمعارضة في تأجيل قرض صندوق النقد الدولي ودفع مصر خطوة اقرب الى الانهيار الاقتصادي. وتحدثت وسائل الاعلام المصرية عن "حمى دولرة" تجتاح البلاد بتسابق المواطنين على بيع جنيهاتهم المصرية. وهبط الجنيه المصري الى أدنى مستوياته منذ 8 سنوات. وانخفضت احتياطات مصر من العملات الأجنبية الى 15 مليار دولار من 43 مليار دولار قبل سقوط مبارك في محاولة لدعم الجنيه المصري. ويقول اقتصاديون ان مصر تحتاج بصورة عاجلة الآن الى نحو 14 مليار دولار لتفادي الانهيار. ومن المتوقع ان يكون قرض صندوق النقد الدولي ضوء أخضر لمؤسسات الاقراض الأخرى بعد ان يخلص الصندوق الى ان مصر تسير نحو قدر اكبر من التوازن. وقالت هبة هندوسة من منتدى البحوث الاقتصادية ان خطر الكارثة سيهدد مصر إذا لم يُمنح القرض مضيفة ان مصر لا تستطيع ان تتحمل ثمن الانتظار. وتضم المعارضة وجوها أخرى مثل محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وعمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية ووزير الخارجية سابقا ولكنهما لا يتمتعان بجماهيرية صباحي الذي يمثل شريحة من المصريين تنظر بريبة عميقة الى السوق الحرة وصندوق النقد الدولي بل ان المغني الشعبي ياسر المناوهلي سجل اغنية وشريط فيديو يهجو فيهما قرض صندوق النقد قائلا "يا صندوقه سمُّه في الشهد .. مين هايدوقه يا باني لي بيتي ..بيتي .. يا صندوقه يا زارع لي غيطي .. يا صندوقه من غيرك انت عيشة كحيتي صندوق النقد يا صندوقه علمني اصنع وازرع واركع .. لصندوقه وريني فين..." ويؤكد صباحي ان مصر لن تحتاج الى قرض صندوق النقد الدولي إذا اتبعت وصفاته الجذرية للابتعاد عن السياسة الاقتصادية الغربية التقليدية. وبالاضافة الى فرض ضرائب تصاعدية على الأثرياء يدعو صباحي الى سد العجز في الميزانية بضريبة قدرها 20 في المئة تُفرض لمرة واحدة على ثروة كل من يملك ما يعادل نحو 17 مليون دولار ، أو زهاء 1 في المئة من المصريين في تقديره. كما يدعو صباحي الى منع تصدير المواد الأولية ، بما فيها سلع مهمة مثل الغاز والقطن ، لاستخدامها في الانتاج المحلي. ويقترح زيادة الضرائب على الشركات التي تستهلك الموارد الطبيعية وعلى العقارات والصفقات التي تجري في البورصة. ويريد صباحي في الوقت نفسه توسيع قطاع الدولة لإيجاد مزيد من فرص العمل للفقراء.وأوضح صباحي ان تحالف القوى التي وحدتها معارضة الدستور المدعوم من الاسلاميين سيعمل الآن بالطرق السلمية لاسقاطه. وأكدت اللجنة المشرفة على الاستفتاء يوم الثلاثاء اقراره بنسبة 64 في المئة من الأصوات. وقال صباحي لصحيفة نيويورك تايمز ان اعتراضه الرئيسي على الدستور هو عدم ضمانه الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للفقراء. ورغم اعتراف صباحي بوجود خلافات شديدة مع بعض الأحزاب التي تدعم القطاع الخاص في ائتلاف قوى المعارضة فانه اعرب عن الأمل بأن تخوض هذه القوى الحملة الانتخابية في قائمة موحدة لانهاء الأغلبية التي فازت بها جماعة الاخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية السابقة. وقال صباح ان ذلك سيكون تطورا ايجابيا من كل النواحي لأن الرئيس سيكون من الاخوان والبرلمان والحكومة من القوى الديمقراطية والوطنية "وحينذاك ستُعالج مشاكل البلد". وذهب صباحي الى ان مرسي لا يعرف كيف يتوجه الى التعددية المصرية قائلا "ان مصر تحتاج الى رئيس يلهم المصريين ، يقول لهم غدا سيكون يوما جميلا ، فقط كونوا صبورين معي اليوم". واضاف صباحي "لماذا يتحمل الفقراء؟ انهم يتحملون بسبب الأمل ولكن مرسي لا يفهم الحكاية ولا يعرف كيف يعمل". وتابع صباحي ان مرسي لا يعرف إلا "القاء المواعظ بعد صلاة الجمعة. بعد 14 قرنا على اسلامنا يعلمنا الدين! يا عمي نحن نريد ان نأكل ، نريد فرص عمل. ولكن كلا ، ان عقله في مكان آخر".