مواضيع ذات صلة لندن يبدو ان الرئيس محمد مرسي كسب المعركة، او الجولة الابرز منها عندما استطاع ان ينجز الدستور الجديد بأقل قدر ممكن من الخسائر، ويخرج نفسه، والبلاد من عنق الزجاجة، ولكن هذا لا يعني ان الايام المقبلة ستكون خالية من التحديات والعقبات. وعندما نقول ان مصر خرجت من عنق الزجاجة، فاننا نعني ان الحرب الاهلية التي كان يخشاها الجميع لم تقع، وان الجيش الذي توقع الكثيرون ان يتدخل في ذروة الصدامات بين السلطة والمعارضة، ظل في ثكناته، بل لعب دورا كبيرا في حفظ الامن والنظام، وتوفير الاجواء اللازمة للاقتراع على مشروع الدستور. حالة الارتياح كانت بادية على الرئيس المصري وهو يلقي خطابه بالامس، وكأن حملا ثقيلا قد سقط عن كاهله، فالخطاب جاء حافلا بالحديث عن التعددية الحزبية والحريات واحترام الرأي الآخر، والاعتراف بالمعارضة، ولعل النقطة الاهم تتمثل في اعتراف الدكتور مرسي بحصول اخطاء من قبله وحكومته، والتعهد بعدم تكرارها، وهذا امر جيد ومحمود. فالدستور الجديد 'يجعل من الوحدة الوطنية فريضة وركيزة لبناء الدولة، دستور يحيي حقوق العمال والفلاحين، ويحافظ على الملكية فلا مصادرة لحقوق احد، دستور يحافظ على هوية مصر العربية والاسلامية ويؤكد ريادتها الفكرية والثقافية، ويؤسس لدورها الحضاري والانساني في العالم' مثلما جاء في الخطاب. من المؤكد ان المعارضة المصرية التي تشكل جبهة الانقاذ بقيادة الدكتور محمد البرادعي رأس حربتها، لها رأي آخر، وتحفظات عديدة على الدستور او بعض بنوده، ولكن ترحيب الكثيرين به من امثال عبد المنعم ابو الفتوح وطارق البشري، وضع هذه المعارضة في موقف صعب للغاية. لا شك ان هناك انتهاكات، وطعونا واتهامات بالتزوير، وهذا امر منطقي يحدث في الغالبية الساحقة من عمليات الاقتراع، والامر متروك للقضاء للبت فيها، وهذا لا يعني ان الشعب قال كلمته، وان مشروع الدستور فاز بأغلبية الاصوات. التحدي الاكبر امام الرئيس مرسي هو الازمة الاقتصادية، وكيفية مواجهتها بحلول خلاقة تعطي ثمارها سريعا في توفير فرص العمل لملايين العاطلين، وتخفف الاعباء المعيشية عن كاهل المواطن المصري حيث يعيش حوالي 40 مليونا تحت خط الفقر. اما التحدي الاكبر امام المعارضة فيتمثل في الاستعداد للمعركة الثانية والاكثر خطورة وهي معركة الانتخابات البرلمانية، متشجعة بتصويت ما يقرب من ثلث الناخبين برفض الدستور في الاستفتاء الاخير. من اهم اسس الديمقراطية هو التبادل السلمي للسلطة، والاحتكام لصناديق الاقتراع، وامام المعارضة فرصة كبرى لاثبات وجودها، واظهار حجمها من خلال الوسائل الديمقراطية، والتعبير الحر. مصر قد تكون خرجت من عنق زجاجة ازمة الاستفتاء، ولكنها لم تخرج من اعناق زجاجات ازمات اخرى عديدة، وعلى الرئيس مرسي ان يبدأ فورا في فتح حوار مع جميع التيارات المعارضة، وطمأنة الاشقاء الاقباط وبما يؤدي في نهاية المطاف الى تعزيز الوحدة الوطنية فعلا لا قولا فقط.