هل يصبح الإنسان عدواً لنفسه ولصحته أحياناً؟ بتنا لا نعرف لماذا يصر كثير من الناس على العادات الغذائية الضارة، وقد يصل إقبالهم على تناول بعضها حد الإدمان. تتزايد النصائح الطبية وتحذر من الإفراط في تناول المشروبات الغازية التي أكدت الأبحاث الطبية خطورتها على الكلى، وآخرها ما أجريت عام 2009 على 3256 امرأة، ولوحظ أن هناك انخفاضاً لدى 30% منهن في مستوى عمل الكلية ممن يتناولن المشروبات الغازية مرتين يومياً، وأنهن يعانين من انخفاض قدرة الكلى لديهن على تصفية الدم بنسبة 30% مقارنة بغيرهن. وأن هذا التراجع له علاقة مباشرة بكل تأكيد بضغط الدم المرتفع ومن ثم مرض السكر. لتتأكد بنفسك من التأثيرات الكيميائية المباشرة للمشروبات الغازية، قم بسكب كمية من أحد المشروبات غامقة اللون في المرحاض واتركها لمدة ساعة واحدة ثم اسحب «السيفون» ستلاحظ أن جميع البقع قد زالت بفعل حامض السيتريك الذي تفاعل مع البقع وأزالها. تجربة أخرى بسيطة للغاية، قم بإزالة الصدأ عن»صامولة» صدئة لاستعمال قطعة قماش مبللة بهذا المشروب، ولاحظ مفعوله في إزالة الصدأ. وإذا أردت تنظيف أصابع البطارية من التآكل اسكب كمية من هذا المشروب الغازي أو تلك على أصابع البطارية ولاحظ فقاعات الغاز وهي تعمل بفعالية على تفتيت التآكل وإزالته. فماذا تفعل بجدار المعدة إذن؟ كما أن الخطر البطيء الأهم أيضاً يتمثل في خطورة إدمان المشروبات «الدايت» الذي يسبب هشاشة العظام، وتهدد المخ وتسبب فقدان الذاكرة التدريجي فضلاً عن إصابة الكبد بالتليف لما يسببه حامض «الفوسفوريك» الذي يسَرع طرح الكالسيوم الموجود في الدم عن طريق البول. ومن أجل ذلك تقوم العظام بتقديم الكالسيوم بهدف المحافظة على ثبات مستواه الطبيعي في مجرى الدم. كما أن غاز ثاني أكسيد الكربون يحرم المعدة من الخمائر اللعابية المهمة في عملية الهضم ويلغي دور الأنزيمات الهضمية التي تفرزها المعدة وبالتالي إعاقة عملية الهضم وعدم الاستفادة من الطعام. كما أنه لا يجب إغفال التأثير المباشر لمادة الكافيين الموجودة في تلك المشروبات وتأثيرها في زيادة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم والسكر وزيادة الحموضة المعدية واضطراب الهرمونات في الدم. هناك أضرار أخرى خافية، فالكالسيوم المذاب يتراكم في العروق، وفي خلايا الجلد، والأعضاء الحيوية، مما يؤثر في وظائف الكلى ويسبب حصوة الكلية. الأبحاث تشير بأصابع الاتهام إلى مواد التحلية المستخدمة في هذه المشروبات التي تؤذي نسيج الكلية بمرور الوقت، ومن ثم نجد أن ارتباطا وثيقا بين استهلاك المشروبات الغازية الخالية من السكر وزيادة الوزن. هذا لا يجعلنا نهمل تأثير المشروبات الغازية على الأسنان، فالسكر والأحماض الموجودة كحامض «الفوسفوريك» الذي يعزز المكونات الكربونية في أي مشروب يضعف الأسنان. كما أن حامض «الستريك» يؤدي أيضاً إلى تآكل مينا الأسنان. قد تكون الدعوة إلى تجنب تناول المشروبات الغازية تماماً ضرباً من ضروب الخيال، لكن على الأقل علينا أن نتجنب إدمانها أو الإفراط في تناولها . المحرر | [email protected]