صباح يوم الثاني من شهر يناير/كانون الثاني في إحدى شرفات مطعم الاتوموسفير أحد أشهر المطاعم وفي نقطة على ارتفاع 442 متراً أعلى برج خليفة، تكشف مدينة دبي هذه البقعة المتلألئة في وسط صحراء الخليج العربي، وعلى منضدة قرب إحدى النوافذ الزجاجية جلست الصديقتان مرام ومريم تتجاذبان أطراف الحديث عن روعة هذا المشهد، وعلى الطاولة المقابلة يجلس عم مرام ويعمل مصوراً سينمائياً يتابع حديث الفتاتين . مريم "مباغتة" صديقتها: أتدرين مرام؟ هناك حلم يراودني طوال عمري بالدوران حول العالم . مرام: ولماذا الدوران؟ انظري حولك، تجدين وجوهاً تطالعك من كل بقاع الدنيا . مريم: ولكن أريد أن أمتزج مع هذه الوجوه، أتعايش معهم، أتذوق طعامهم، أشاركهم أفراحهم أو حتى أتراحهم . مرام وفي حركة (مفاجئة) جذبت صديقتها من يديها . مريم: إلى أين؟ مرام : إلى أرض الأحلام، إلى القرية العالمية . عم مرام: بناتي أنا سمعت حديثكما وأود أن أرافقكما في هذه الرحلة . وبعد جلسة ثلاثية اتفق الثلاثة أن يقوم العم بتغطية الرحلة عبر كاميرته لتبدأ بعد ذلك رحلة في عالم جميل أسميتاه الفتاتين "اكتشاف ثقافة الآخر" . حافلة مكشوفة الفتاتان تستقلان إحدى الحافلات السياحية المكشوفة، والكاميرا تدور في حركة بانورامية حول "الحافلة" تكشف معالم دبي بدءاً من برج خليفة فمنطقة الدوان تاون وتطالع الأبراج الشاهقة على طول شارع "الشيخ زايد" منتقلة إلى "ممشى الجميرا" وفندق برج العرب، ومن نقطة إلى أخرى بالمدينة تكشف الكاميرا عن جواهر معمارية صنعت بأيادي صنّاع مهرة، كأنها مدينة رسم خطوطها فنان موهوب . البوابة الرئيسة نهار خارجي، الكاميرا ترصد نزول الفتاتين من الحافلة ضمن مجموعة سياحية كبيرة يزور القرية العالمية لأول مرة، فما إن وطأت الأقدام أرض المكان، كان التعبير الوحيد المرسوم على كل الوجوه هو "الدهشة"، وهم يشاهدون الألعاب تدور جيئة وذهاباً في حركة نشطة والعربات المزركشة تتجول بالزائرين حول القرية، وإذا ما الجميع على هذه الحالة إذ بالكاميرا تتركز على ألعاب نارية ملأت سماء القرية معلنة بدء احتفالات "اليوم الوطني"، فتلك أعلام الدولة ترفرف مرحبة بالسائحين من بقاع الأرض تشاركها في ذلك خيام البوص التي تقدم واجب الضيافة العربية من القهوة والتمر على رائحة البخور للآلاف من الزوار . صرخات ضاحكة مريم ومرام قريبتان من منطقة الألعاب، وهناك فوجئتا بأسرة تصرخ، ولما استوضحتا مكان الصوت، وجدتا أسرة بكامل أفرادها في لعبة يطلق عليها "بات كوستر" أو المنحنيات، وظلت عيون الفتاتين متابعتين لهذه الأسرة، واللعبة تنطلق بهم في سرعة عالية عبر منحدرات شديدة الإنحاء منتزعة منهم صرخات تارة وضحكات تارة أخرى . في حب الإمارات الكاميرا تلتقط وجهي الفتاتين وهما تشاهدان بانبهار إحدى عروض اليولة التي تقدمها القرية ضمن عدد من الفعاليات والعروض التراثية والفلكلورية والحفلات الغنائية، ولم تكتف الفتاتان بعروض اليولة، فها هما يشاهدان رقصات الرزفة والعيالة، ومن الرقصات الشعبية إلى الأمسيات الشعرية، مع اشتداد الزحام فقدت الكاميرا أثر الفتاتين للحظات وبعد معاناة وجدتهما تتمايلان مع أنغام الحفل الغنائي "في حب الإمارات" للفنان الإماراتي فاضل المزروعي على خشبة مسرح الثقافة العالمي . الكاميرا تترقب حركة غير عادية على صفحة المياه للنافورة التي تقع وسط القرية، حيث دارت في حركة بانورامية لترصد جمعاً كبيراً من البشر يشاهدون بانبهار هذا العرض، حيث تتراقص قطرات المياة منطلقة من هذه النافورة وسط القرية على أنغام موسيقا ساحرة، فتارة تراه ترقص على أنغام شرقية وتارة أخرى تراها ترقص على أنغام غربية والجميع فرح فهذا رجل يرفع ابنه على كتفه ليشاهد النافورة من وسط الزحام وآخر يفسح لزوجته مكاناً لترى هذا العرض الشيق، والغريب أن في كل مرة تنطلق عروض النافورة الراقصة نجد الآلاف من الناس يجتمعون ليشاهدوه رغم رؤيتهم لها مرات ومرات . الكاميرا تتابع الفتاتين خطوة بخطوة داخل الجناح اليمني، فمن جو تفوح منه رائحة الهيل والزعفران والأعشاب الطبيعية اختلطت الصديقتان بآلاف من السياح الذين يزورون الجناح، فها هي الرائحة الشهية تأتي من عشرات الأواني المملوءة بالتوابل والمطيبات، الممزوجة برائحة الحناء والعسل ومئات الأعشاب والوصفات الطبية، إضافة إلى الأحجار الكريمة من العقيق والمرجان والزمرد والفيروز، والتي تستخرج من باطن الجبال اليمنية وتتشكل على هيئة مسابح وقلادات وحلي . محاكاة الكاميرا تتابع جولة مع مرام ومريم في الجناح الإماراتي، حيث وجدت الفتاتان نفسيهما أمام حياة يومية تحاكي ماضي أجدادهما، حيث شاهدت مرام إحدى الخبازات تقوم بصنع بعض الأكلات الشعبية، كما بجوار الجناح شاهدتا عبدالمعطي السواس الذي كان يرتدي الزي الشامي التقليدي والطربوش، ويحمل إبريق "التمر الهندي" ويروي عطش زوار القرية بعصيره البارد الذي يصبه من إبريقه الفضي اللامع، ولكن ما رأته مريم ومرام في الجناح الإماراتي لم يثر انتباههما فقط ولكنه اثار شهيتهما فنراهما تلتهمان طبقين من اللقيمات الإماراتية بسرعة لا تحسدان عليهما . الجناح السعودي الكاميرا تبحث عن الفتاتين ما بين الأجنحة، فتراهما يدوران في الجناح السعودي حول كتاب كبير لم تر العيون مثل حجمه قط، فلما استفسرتا عن هذا الكتاب جاءهما الرد سريعاً من إدارة الجناح إنه كتاب "هذا محمد"، وهو الكتاب الأكبر في العالم، وهو موسوعة يبلغ وزنه 1500 كغم، والكتاب يتناول سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم" . مانجو استوائي وبعد فراغهما جلست الفتاتان تستريحان بجانب أحد الأكشاك التي تبيع الفواكه التايلاندية، وشاهدتا فيه أنواعاً كثيرة من الفواكه لم ترها مرام من قبل ولفضولها قامت بسؤال العاملة الفلبينية عن أسماء بعض الفواكه التي لديهم، فأجابتها لدينا المانجو الاستوائي الحامض والتمر الهندي وتفاحة الكستردو الرامبوتان والتنين، وهي كلها فواكه تزرع فقط في المناطق الاستوائية . حصن جواليور استغرقت جولة الكاميرا والفتاتان في هذا الجناح فترة كبيرة باعتباره أكبر الأجنحة وأكثرها ازدحاماً وتنوعاً للمنتجات المعروضة التي تتضمن المشغولات اليدوية من الحقائب والشنط والملبوسات والديكور المنزلي، ورصدت الكاميرا بعض زوار الجناح من السيدات يشترين الساري الهندي وهو اللباس التقليدي للنساء في الهند، حيث يمتد تاريخه إلى آلاف السنين، ودارت الكاميرا لتكشف عن واجهة الجناح، وهو تجسيد لحصن "جواليور" وهو من الآثار الهندية ويعتبر هذا الحصن تحفة فنية بحد ذاتها . عُرس لبناني الكاميرا تركض وراء مجموعات من البشر يتابعون حفل عرس على الطريقة اللبنانية القديمة، وبالانتقال إلى عمق الجناح اللبناني تشتم رائحة أشجار الأرز، وترى دقة اختيار المنتجات المعروضة مثل الإكسسوارات والأطعمة المتنوعة التي تتميز بها لبنان ومن هذا الحفل انتقلت الكاميرا مباشرة إلى الجناح السوري، حيث المنتجات والملبوسات السورية مثل الأحذية والشنط والأكلات السورية الشهيرة التي يأتي على رأسها البوظة السورية . 3 قارات إلى قارة أخرى، تنتقل بنا الكاميرا مع مريم ومرام، حيث تعرفنا إلى الثقافة الإفريقية عبر الملابس والرقصات والإكسسوارات والتماثيل الإفريقية التي تعرض بأشكال متنوعة في الجناح الإفريقي، من قارة إفريقيا إلى قارة آسيا، فهذا الجناح الصيني يشهد إقبالاً كبيراً من الزوار لما يتميز به تنوع المنتجات الصينية وأحدثها مثل لعب الأطفال والألبسة والستائر والمفروشات . ومن الصين نتجه إلى تايلاند، حيث يمكن لزوار القرية العالمية التعرف إلى السياحة في تايلاند عبر البرامج السياحية التي تعرضها شركة السياحة التايلاندية في الجناح . ومن الجناح التايلاندي إلى جناح الإكوادور، وفي الجناح الإيراني تتوقف بنا الكاميرا لنشاهد الحلوى الإيرانية الشهيرة والسجاد ذا النوعيات الخاصة جداً، ولنتذوق بعض الأكلات الإيرانية عبر مطعم الجناح الإيراني . عودة الفراعنة تختطف عين الكاميرا من الجناح اليمني لتشاهد رقصة التنورة تؤديها إحدى الفرق المصرية، وما أن تنتهي الرقصة حتى تلتقط الكاميرا أصوات "تصفيق حار" من آلاف المحبين للفن المصري من كل الجنسيات، ما جعل الفتاتين تتبعان الكاميرا هذه المرة، بسرعة البرق لزيارة الجناح حتى يشبعا عطشهما من الفن والحضارة المصرية، تتابعان الفراعنة بأزيائهم الموشاة، وأغطية رؤوسهم المزركشة وعرباتهم الحربية وأسواقهم التجارية التي تعرض المنتجات القديمة والعصرية فهذه "جلابية مصرية"، وتلك بدلة رقص شرقي وفي الزواية مجموعة من المشغولات اليدوية، فضلاً عن عشرات التفاصيل التي يزخر بها الجناح المصري بالقرية العالمية .