ياة أصعب بكثير من استدراج رضا ال ماما . صديقتي تركت كل شيء و تزوجت ، كانت مسلوبة بالكامل بفكرة الزواج و هي الجميلة ، ألقت بخطط العمر بعيداً و هرولت نحو وهجٍ لزفةٍ انتهت بعد أقل من ساعة ، و سال عسلها في اليوم التالي ثرثرةً لنساء فارغات غيرن الموضوع سريعاً نحو غادة التي سافر زوجها للخليج ، تركنها عاجلاً كلوحة بهت لونها ، مكشوفة كلها على ذاتٍ لم تكتمل بعد .. لم أتمالك حزني عندما رأيتها آخر مرة ، كانت قد ذابت تماماً في تفاصيل المتزوجات العاديات ، تسألهن عن الدنيا فيجبن بنغمة واحدة : " الله يصلح الحال " ، عشقت المطبخ ، بدا لها كمعمل الكلية التي أحبتها يوماً و تخلت عن ولعها بها هي الأخرى لصالح الحلم الكبير ، انجبت طفلاً ، و أصبح حديثها هشًا كبسكوته الذي كانت تسألني عنه باهتمام الأمهات يومها ،و جافاً تماماً كنوع الحفاظات الذي امتدحته أكثر من مرة ، كلما ساد بيننا ذلك الشكل من الصمت الدخيل ، خسرتْ الكثير من بريق عينيها، حتى ضحكتها لم تعد شاهقة كالسابق ، كأنها سقطت من علوها و فقدت مقدرتها على تسلق البهجة من جديد. " من يفقد ذاته لا يكسب أي شيء " ، تعرف كثير من نساء هذا البلد ما أتحدث عنه تمام المعرفة ، لكن عندما تعيش حياة الخسارة لا تعود مضطراً لتحسين ظروفها ، ذلك أنه ليس مسموحا لكِ كأنثى في هذا المجتمع أن تستحوذي على مساحة تستوعب تقلبات رغباتك أو ما يمكنك معه الشعور بآدميتك كلما أوغل الوقت في الكبر و تغيرت لكنته تجاهك ، أنتِ متزوجة و لكِ من يصرف عليكِ و على أولادكِ ؛ إذن أنت على ما يرام ، الكثير من التفاصيل ليست ذات حاجة ، هذا ما يقرره العرف في العادة ، و يعطيه اسم ال " بطرة " و قلة " الولف " أحياناً ، و عليه لا يمكنك تغيير رأيك حيال زيجة ما أو تحريف بند من بنودها معفيةً من طائلة مساءلات لا ترحم ؛ مالم يكن لك ضلع مكسور ترقدين بسببه في إحدى المستشفيات الآن ، أو أن عطر امرأة أخرى قد عبق قميص زوجك في ليلة ما ، و اغرقت التفاصيل أروقه الحارات ، السؤال الآن : ماذا لو اشترط رجل قبل الزواج ألاّ تعمل زوجته و شعرت لاحقاً أن رغبتها ملحة في العمل ، الجواب : الزواج مش " شور و قول " .