هنالك من لا يجرؤ على المواجهة فتراه يغمز على الجنوب (الوطن والهوية) من زاوية تتبع زلات حقبة حكم الدولة الوطنية الجنوبية الناشئة 30 نوفمبر 67م-21 مايو90م.. لا خلاف في نضال الجنوبيين اليوم هو من أجل استعادة الدولة وليس لإعادة إنتاج النظام السابق, وهو قول لا يعني بالضرورة السكوت والتغاضي عن التطاولات بالحكمة المرحب بها على الدوام.. فبقدر ما نرفض أخطاء الماضي فلن نقبل بأي حال من الأحوال الإساءة لرموزنا الوطنية أمثال قحطان وسالمين ومطيع وعنتر.. الخ، لأن الماضي ليس كومة من الأخطاء والصراعات كما يصوره الإعلام الشمالي وحزب الرابطة، بل فيه ومضات كثر أدناها (حديدة) الفقر التي جلس عليها الجنوبيون سواسية كأسنان المشط حتى جاءت (الوحدة) فتفيدها (الخبرة) كأنها خردة. المقاربة الأخرى أن خيار (فك الارتباط) 21 مايو 94م كان في الاتجاه الصحيح، لكن ملابسات اللحظة التاريخية حينها مع تداخلات الرغبة الدولية في حل الجيش الجنوبي المسيس كلها لم تساعد على الانتصار له في ذلك التوقيت.. وهنا تبرز عظمة الشعوب الحية في تحويل الانكسارات إلى انتصارات، فمن تحت رماد الهزيمة العسكرية صيف 94م وأخطاء الماضي المتسبب في كليهما (العسكر) و(الاشتراكي) لملم الشعب جراحاته واستوعب المؤامرة وتشعباتها اليمنية والإقليمية والدولية، بعدها أطلق حراكه التحرري انتصاراً لخيار (فك الارتباط)، ومن يدعي غير ذلك- إذا افترضنا حسن النوايا- فإنه سينتهي من حيث بدأ الحراك التحرري الجنوبي المطالب ب(فك الارتباط) عن (ج.ع.ي). الانتصار لخيار (فك الارتباط) بعد توفيق الله يتطلب الإخلاص والإصرار القادر على تحويل تراكمات تسعة عشر عاما من النضال المضني بحثاً عن مؤمنين بالفكرة، بدأها كوكبة من المفكرين والنخب يتقدمهم المفكر أ.د. ابوبكر السقاف والمناضل فاروق ناصر علي وآخرون.. النضال الأسطوري المبدئي للطليعة استطاع تحويل الفكرة إلى قضية لكل الشعب في تطور جماهيري لم يقابله بالتوازي معه بناء الحامل السياسي القادر على تجسيد الفكرة واقعاً، وهو تعطيل تسبب به بقايا (العسكر) و(الاشتراكي)، تارة من خلال الجدل العقيم وتارة أخرى تحت يافطة التريث والعقلنة مراهنة على عوامل خارجية كرافعة للعودة إلى السلطة مجددا. احتراماً لتضحيات الشعب العظيم ودماء الشهداء خلال تسعة عشر عاما نضاليا فإن من المعيب استمرار الترنح بمربع استجداء الحوار أو مشاريع الحلول الجاهزة من الجوار المهمش أصلا لإرادة شعوبه.. تحدي اللحظة أن يزحف الجنوبيون زمراً وفرادى مساء يوم 21 مايو القادم إلى ساحة العروض في ملحمة مليونية، تمثل في لحظتها التاريخية الراهنة استفتاءً على خيار (فك الارتباط).. مليونية (فك الارتباط) خيارنا القادم، وبقدر الحشد والتنظيم فيها سيتحدد مقدار تقدم المجتمع الدولي نحو الحق الجنوبي، والذي بدأت تباشيره الايجابية تلوح في الأفق. * منسق ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن