تفاجأ مئات الآلاف من سكان مديريتي وصابين بالإعلان عن الخارطة النهائية لأقاليم الجمهورية، والتي ألحقت منطقتهم بأقليم آزال برغم مطالبتهم المستمرة منذ فترة باعتماد منطقتهم محافظة مستقلة وضمها إلى إقليم تهامة، نظرا لعدد من المبررات والأسباب أبرزها: أولاً: ما يتعلق بالناحية الجغرافية تقع وصاب في الجزء الغربي من محافظة ذمار، يحدها من الشمال مديرية عتمة من محافظة ذمار ومديرتي مزهر والجعفرية من محافظة ريمه، ومن الجنوب مديريتي القفر وحزم العدين من محافظة إب ومديرية جبل رأس من محافظة الحديدة، و من الشرق مديرية القفر من محافظة إب ومديرية عتمة من محافظة ذمار، و من الغرب مديرية زبيد وجزء من مديرية جبل رأس محافظة الحديدة، وتمتد وصاب إلى تخوم مدينة زبيد إذ لا يفصل بينها وبين مدينة زبيد سوى 15 كم، ويبتعد مركز مديرية وصاب السافل عن مدينة الحديدة ب 80كم ومركز وصاب العالي ب 120كم. ومن حيث المساحة تبلغ مساحتها نحو 1700كم ، فيما يبلغ سكان المنطقة المقيمين نحو (500000) نسمة وهذا العدد يمثل 27% من سكان محافظة ذمار. وتضم وصاب ست دوائر انتخابية هي (209، 210، 211، 212، 213، 214) ويمثلها في مجلس النواب ستة أعضاء. ثانيا :من الناحية الاقتصادية فإن وصاب ترتبط ارتباطا وثيقا بمدن الساحل التهامي منذ القدم كزبيد، الجراحي، حيس، الحسينية، بيت الفقيه، المنصورية، الحديدة.. فأسواق هذه المدن تعد أسواقاً أسبوعية لمعظم مناطق وصابين، حيث يتم توفير ما يقارب 90% من احتياجات المنطقة من مختلف المواد عبر تلك الأسواق. وبالمقابل فإن الكثير من أبناء تهامة يرتادون أسواق وصاب الأسبوعية المختلفة وذلك لشراء المنتجات الحرفية والزراعية من منطقة وصاب، إضافة إلى بيع منتجات مناطق تهامة في تلك الأسواق. ويشكل أبناء وصاب نسبة لا تقل عن 25% من سكان مدينة الحديدة ويمثلون رقماً كبيراً في حجم الاقتصاد لمدينة الحديدة من خلال تملكهم للكثير من المحلات التجارية والعقارية، وهو الحال مع بقية مدن الساحل التهامي ابتداءً بحيس جنوباً مروراً بالجراحي وزبيد والحسينية وبيت الفقيهوالحديدة والزيدية وشفر وعبس وإنتهاء بحرض شمالا. ثالثا : الجانب الثقافي إذ يبدو التشابك والانسجام والتشارك في هذا الجانب بين أبناء وصاب وتهامة أكثر عمقاً وتجذراً، فزبيد تاريخياً مثلت مركزاً علمياً وهجرة علم لأبناء وصاب من مختلف قراها وعزلها حيث كان يتدفق عليها المئات من طلبة العلم الذين يقيمون فيها لسنين ثم يعودون بعدها إلى قراهم لينشروا ما كسبوه من علم ومعارف في مختلف المجالات الدينية والأدبية، إضافة إلى ما اكتسبوه من ثقافة أخرى متعلقة بنمط الحياة والمعيشة، وبالعكس مثلت الكثير من هجر العلم في مناطق وصاب مقصداً للكثير من أبناء السهل التهامي سواء للتعليم أو التعلم.. من هنا نشأت ثقافة مشتركة بين المنطقتين، فالعادات والتقاليد تكاد تكون واحدة. رابعا: وفيما يتعلق بالتركيبة القبيلة والاجتماعية فإن وصاب تتشابه تماما مع المجتمع التهامي من حيث التركيبة الاجتماعية والقبلية فمجتمع تهامة بطبيعته مجتمعا مدنيا مسالما يقدس المؤسسية ويتباهى بها، يؤمن بالدولة ويتحمل جورها، يلجأ لحل خلافاته عبر الأطر الرسمية مهما طالت إجراءاتها وتعقدت آلياتها، والحالة نفسها تنطبق على وصاب، إضافة إلى ذلك فإن هذه المجتمعات منفتحة على الوافدين إليها بشكل كبير، بدون تمييز أو تحفظ. ولابد أن نشير إلى حالة الازدواجية الإدارية التي تعيشها وصاب فمثلا تتبع مديرية وصاب السافل قضائيا محافظة الحديدة، في حين تتبع إداريا محافظة ذمار مما جعل المواطنين يعانون الأمرَّين في حال التقاضي خاصة ونحن نعلم بأن الطبيعة المدنية للسكان هي الغالبة فهم في احتياج مستمر للإتصال بالمؤسسات الرسمية المتوزعة بين المحافظتين. اعتقد أن أي تقسيم إداري يقوم على اعتبارات من أهمها الجغرافيا والاقتصاد والثقافة والتركيبة المجتمعية من اجل تسهيل عملية التواصل والتشارك وإحداث عملية تنمية مستدامة في الوحدة الإدارية، وقد أغفلت جميع تلك الاعتبارات سابقا حينما تم إلحاق وصاب بمحافظة ذمار، وتغيب اليوم ثانية بعد خمسين عاماً من المعانة والحرمان والتهميش والتمييز والإقصاء.