تروى طرفة عربية أن لأحد الأعراب ولد يدعى "حمزة" وكان به مس من الحمق، فبينما كان الأعرابي وابنه في السوق سمعا منادياً ينادي فتى قائلاً: يا عبدالله.. يا عبدالله.. فأجابه الفتى: كلنا عبيد الله فأي عبدالله تعني؟.. فأعجب الأعرابي بذكاء الفتى وهو يتأمل ابنه حمزة، وبعد أسبوع كان وابنه في ذات السوق فإذا بمنادٍ يقول: يا عبدالله.. فنط ابن الأعرابي قائلا: كلنا حماميز الله فأي حمزة تعني؟!. ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن ذوي العقليات المغايرة من جهابذة "المشترك" لم يسلموا من مثل ذلك المس على حد تقديري.. فكلما نادى منادٍ: "يا حوثة.. يا حوثة" أجابوا على الفور: كلنا حوثة فأي واحد تعني؟.. وكلما صاح منادٍ يا حراك.. يا حراك.. قفزوا من مقاعدهم قائلين: "كلنا حراك فأي واحد تعني؟.. ولا استبعد أن يفاجئهم ذات منادٍ قائلا: يا قاعدة يا قاعدة.. فيجيبونه على حين غرة: كلنا قواعد فأية قاعدة تعني؟!. ومن يتأمل في ردود أفعالهم السريعة وتذبذب مواقفهم و"استاتيكية" طرحهم ورؤاهم وآخرها رؤية قادة الإصلاح يأخذه العجب، فقد طلعوا علينا برؤية مفادها "تجزئة اتفاق فبراير" فأية تجزئة يعنونها؟! وأي بند من بنوده يرون تأجيله إلى ما بعد الانتخابات، إذا علمنا أن هذا الاتفاق هو في الأصل بنود ثلاثة لا تقبل التجزئة، وأي تأجيل لإحداها يستحيل معه إنجاح الانتخابات القادمة؟!!. وبما أنهم ردوا على المنادي بالحراك بأنهم حراك كذلك فلا عجب أن يصروا على الاشتراط بالاعتراف بما يسمى ب"القضية الجنوبية"، ولكن الأعجب هو مقترحهم بتجزئة هذه المسألة كذلك.. وهي مسألة لم تعترف بها كافة الأطراف السياسية بعد لأنها لا تشكل قضية في حد ذاتها، وإنما هي "وعاء" سياسي مفترض إن لم نقل مشبوه، يهدف إلى تمرير الدعوة إلى الانفصال وإدخال الوطن في دوامة عنف وتشرذم، لعل وعسى أن يتسلل هؤلاء الجهابذة عبرها إلى السلطة التي تعني لهم المجد والهيلمان، فبئس ما سدروا فيه من حمق سياسي فاق حمق ابن صاحبنا الأعرابي.. قال الشاعر: لا تحسب المجد تمراً أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا [email protected]