هؤلاء الذين اختاروا المنفى عن سبق إصرار وترصد، لا أستطيع أن أصدقهم.. فالوطن هو آخر همهم، إن لم يكن ليهمهم أصلاً، إنهم بارعون في تشويه الذاكرة، خدمتهم الثورة "العنكبوتية" ربما، ولعل " ثورتهم لا تتعدى ما يتقيأونه في هذه الشبكة". قال ذلك بعد أن فرغ من قراءة مقالة ل" لطفي شطارة" يتحسر فيها على ما آلت إليه ثورة تاجهم في أرصفة لندن، ووصفها بأنها "بين تغييب العقل والاندفاع وراء العاطفة"، وصب جام غضبه على زعيمهم أحمد الحسني الذي استهوى التسكع في لندن بعد انتهاء مدة عمله كسفير للجمهورية اليمنية في دمشق، ورحبت به الامبراطورية الاستعمارية القديمة فمنحته حق اللجوء السياسي، قال شطارة عن الحسني الذي توجوه : كان صديقنا السفير يتعامل معنا بتعالي كأطفال سياسة (...) كما أن صديقنا كان يثني على نفسه بأنه هو البارع في دهاليز السياسة، وأنه المفكر وأنه القائد الملهم". وماذا ترجو من هؤلاء ؟! ... أليس أن الناس الأقذار للعمليات القذرة؟! الخطة الإجرامية المعدة بخط أحمد عبدالله الحسني قائد القوات البحرية، والتي نفذت يوم13 يناير 1986 في عدن، تكشف كم أن هذا الرجل غارق في التآمر والإجرام. لا بأس أن نعيد نشر جزء من هذه الخطة: 1- المرحلة – " الاحتمال الأول " أ- اقتحام السكرتارية والتنفيذ في المكتب. ب- تأمين طقمين دشكا +1ب10. ج- تأمين رئاسة الأركان طقمين دشكا +30 جندي. د- تأمين الفتح واحد طقم. ه - إرسال طقم إلى التلفزيون، مع عشرة من أمن الدولة. و- فرق تخصصية لعشرين فرقة للتنفيذ ز- الكشف + خمس فرق احتياطي. ح- السيطرة على التلفزيون. 2- المرحلة الأولى " الاحتمال الثاني" أ- في حالة عدم الحضور، تنفذ المهمة، بواسطة الفرق المتخصصة الاحتياطي. ب- تأمين اقتحام البيوت بواسطة المدفعية 100سم. 3- المرحلة الثانية: - إغلاق طريق لحج - فتح طريق أبين ودخول المقاتلين. - احتلال المعسكرات – بدر وطارق. - إرسال أطقم – عدد ثلاثة من أمن الدولة لمعالجة أوضاع اللواء الخاص. - معالجة أوضاع العند والمحور الغربي، ووضع المهام للوحدات. - معالجة صلاح الدين ووضع المهام. فماذا جرى؟! [ دعيت معظم الهيئات الحزبية والعسكرية القيادية للاجتماع صبيحة ذلك اليوم، ليتم قتل أو اعتقال الأعضاء المعارضين فيها، كما سرب بعض الشخصيات الحزبية المقربة من علي ناصر محمد إلى القادة المعارضين تطمينات تفيد بأن الرئيس علي ناصر محمد سيقدم على مفاجأة، لدى عقد اجتماع المكتب السياسي، تقضي بتلبية مطالب المعارضين، وذلك لضمان حضورهم جميعاً. كما اتخذت جميع الإجراءات اللازمة لتدمير بيوت قادة المعارضة تحسباً لتخلف أحدهم عن الحضور، وإجراءات أخرى لقطع الطرق للحد من تنقلات المسئولين الحزبيين والعسكريين المؤيدين لهم. كما أعد بيان إذاعي يعلن عن إعدام: علي عنتر، عبد الفتاح اسماعيل، علي شايع هادي، وعلي سالم البيض. قائلاً:" بدأت عناصر تجمع انتهازي يميني بتنفيذ مخططها الانقلابي بمحاولة اغتيال الرفيق علي ناصر محمد.. وقد تمكن المكتب السياسي للحزب الاشتراكي من مواجهة الوضع وتوجيه أجهزة الدفاع والأمن لإجهاض المحاولة الإجرامية التي لا يمكن إلا أن تكون جزءاً من النشاط التآمري المعادي لليمن الديمقراطي من جانب دوائر الامبريالية والرجعية". وقال" إن المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني شكل لجنة خاصة قامت بمحاكمة العناصر التي قادت محاولة الانقلاب وحكمت بإعدامها". وقد أذيع البيان فعلاً في يوم 13 كانون الثاني " يناير" في حوالي العاشرة صباحاً، حيث بدأ تنفيذ الخطة التي كان أعدها قائد القوات البحرية أحمد عبدالله الحسني، وذلك مع اكتمال المعارضين من أعضاء المكتب السياسي إلى قاعة الاجتماع في مبنى اللجنة المركزية ] وبقية ما جرى معروف للقاصي والداني .. وما أظن أن الذاكرة الوطنية قد أصابها النسيان.. هؤلاء وأشباههم ليسوا أهلاً للثقة ولا مصداقية لهم .. هكذا يعرفهم الشعب اليمني ، غير أن الإمبراطوريات الاستعمارية، حتى بعد أن تفقد مستعمراتها ، تظل على قدر من الوفاء لسياساتها القديمة ، لذلك ترحب بأفراد تاج مشروعها الذي أنهار وهوى والمسمى إتحاد الجنوب العربي . مالم يدركه الذين آثروا التسكع في أرصفة لندن أنهم بممارساتهم النضالية الانترنتية .. يعادون الشعب، وفي كل الأحول فالشعب يرفضهم .. حسبهم أنهم "لا يجدون وسيلة للحياة إلا بقتل كل مناسبة للحياة خارج سجن التفكير المغلق الذي يتعفنون فيه".