المراقبون للشأن السياسي في بلادنا، تزداد حيرتهم -يوماً بعد يوم - لإصرار أحزاب "اللقاء المشترك" أن تتحفنا (بمناسبة وبدون مناسبة) بالغريب والعجيب في العمل السياسي. آخر تلك البدع ما خرجت به أحزاب "اللقاء المشترك" مؤخراً وهي تواصل لعبة المماحكات مع المؤتمر الشعبي العام، في موضوع قبول دعوته للحوار.. حيث لم تكتف بالشروط الغريبة السابقة بل زادت إليها شرطاً جديداً (أكثر غرابة) وهي تطالب بإشراك ممثلين لما يسمى بالحراك الجنوبي ولجماعة الحوثي في عملية الحوار مع الحزب الحاكم. وتكمن الغرابة والخرافة معاً في هذا الشرط الجديد لأحزاب "اللقاء المشترك" في سببين واضحين، الأول: أنهم عكسوا فهماً خاطئاً لدعوة فخامة الأخ رئيس الجمهورية لحوار شامل وواسع يضم أطراف سياسية أخرى، ويضم ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني والعلماء والشخصيات الاجتماعية والاعتبارية.. ولم تذهب أو تعني دعوة فخامته (بأي شكل من الأشكال) بأن تشمل خارجين عن القانون يرفعون السلاح في وجه الدولة والنظام والقانون، أو من يثيرون النعرات المناطقية البغيضة ويدعون إلى الانفصال والتشتت، مستهدفين أعظم منجزات الوطن التاريخية والتي أصبحت تشكل خياراً شعبياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً. أما السبب الثاني والذي يثير الشفقة والتندر على أحزاب "اللقاء المشترك" فهو: كيف قبلت لنفسها (وهي أحزاب شرعية وممثلة في البرلمان) أن تكون نداً لأطراف وجماعات لا تمتلك الشرعية، بل وحتى ليس لها أي غطاء أو تفويض شعبي يتيح لها أن تجلس على طاولة واحدة للحوار تضم الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة وبقية الأحزاب السياسية التي تمتلك كامل الشرعية والأهلية التي تتيح لها تلك الحقوق وغيرها. أن الواجب الوطني والالتزام السياسي (خاصة في ظل هذه الظروف الدقيقة بتحدياتها الكبيرة) تتطلب من أحزاب "اللقاء المشترك" أن تترفع عن مماحكاتها ومزايداتها، التي تسعى من خلالها لتعطيل الحوار الذي من شأنه أن يضر بالوطن وبمكتسباته وانجازاته ووحدته، وأن ترتقي إلى حوار جاد ومسؤول يخدم الوطن ومسيرته الديمقراطية بعيداً عن سفاسف الأمور وصغائرها.