لا يمكن لأي عاقل أن يرفض الحوار، حتى على مستوى الخصومات الشخصية، ثمة من يتغلب على عواطفه ويمد يده بالصفح لمن أساء إليه.. فما بالك إذا كانت الدعوة للحوار تهدف إلى وضع رؤية مشتركة لأن يسهم الجميع في معالجة الراهن من المشكلات والتغلب على التحديات. من الغريب أن يأتي الترحيب بالدعوة الرئاسية إلى الحوار من الاتحاد الأوروبي، ولا يأتي ذلك من بعض أحزاب وقيادات المعارضة. ومبعث استغرابي أن المعارضة لابد أن تكون في مقدمة المرحبين بهذه المبادرات لأنها تتيح أمام هذه القوى السياسية وغيرها على الساحة فرصة عرض وجهات نظرها أمام الجميع، ومناقشة مالدى الآخرين من آراء وتصورات لصياغة شراكة مجتمعية للنهوض بالمواطن وتجاوز عراقيل التنمية والاستقرار. أما أن يأتي الترحيب من دول الاتحاد الأوروبي، وليس من المعارضة المعنية بالأمر فذلك مبعث الاستغراب والاستهجان في آن واحد.
ومع أن الفرصة لاتزال قائمة لموقف إيجابي ومشارك في اجتماعات الحوار الوطني المرتقبة مطلع يناير القادم من قبل مختلف الأطراف والقوى السياسية إلا أن استباق هذه المبادرة الرئاسية بالصمت أو بالتعبير عن مواقف سلبية تجاهها مسألة لاتثير الغرابة فحسب، بل إنها مواقف تثير الاستياء والحنق!
الاتحاد الأوروبي عندما يعبر عن موقفه المؤيد والمرحب بمبادرة الحوار الوطني يعبر عن قناعة بأهمية هذا الحوار الذي يمثل رؤية عميقة لاستنباط الحلول الناجعة لتحديات التنمية القائمة أمام اليمن. فلماذا لاتفكر قيادات أحزاب «المشترك» بمثل هذه العقلية، وتتخلص من تراث المماحكات والمكايدات السياسية والحزبية، وتقدم نفسها على أسس جديدة تقنع الناس بقدرة هذه الأحزاب على تجاوز الصورة السلبية التي وضعت فيها نفسها خلال الفترة الماضية، حيث اتسم سجالها السياسي بالخوف من الحوار وإقصاء نفسها عن تحمل مسئولياتها كطرف ضمن منظومة العمل الديمقراطي القائم بما يعنيه ذلك من تواجدها في المعترك الحضاري الذي يخوضه اليمن بأكمله وليس حزباً أو طرفاً سياسياً بعينه ! ومن أشد المواقف الأكثر غرابة واستهجاناً أن تنأى هذه القيادات الحزبية بنفسها عن اتخاذ مواقف واضحة تجاه التحديات التي تستهدف استقرار ووحدة اليمن ونهوضه الحضاري بفعل الجرائم التي يرتكبها رموز الإرهاب والتخريب والتمرد سواء في مناطق صعدة أو بعض مديريات المحافظات الجنوبية.
أتصور أن الرهان على قوى التخلف والإرهاب والتخريب هو رهان خاسر لأي قوى أو حزب سياسي؛ لأن هذا الرهان مرفوض أخلاقياً على الأقل باعتباره يورث الدم ويفتح القبور ويدعو النسور إلى وليمة لايحبذها الإنسان! فاحتذوا بالموقف الأوروبي أيها الصامتون!