يجمع كافة المحللين الرياضيين بأن تجربة الاحتراف في اليمن تجربة فاشلة، لا سيما ما يتعلق بلاعبي كرة القدم الأجانب المستقدمين للفرق الكروية بالأندية. "الجمهور" تناقش هذه التجربة من جوانب مختلفة وتطرح أبرز الأسباب الرئيسية لفشلها.. بالنظر إلى جذور تجربة الاحتراف الكروي في اليمن فإنها تعود إلى سبعينات وثمانينات القرن الماضي، فيما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية حينها.. جذور الاحتراف تجربة الاحتراف في السبعينات والثمانينات لم تكن بمفهومها المعروف اليوم، حيث كانت بعض الأندية تعتمد على بعض الموهوبين من الوافدين للبلاد، منهم يمنيون هاربون من جحيم الحكم الشمولي في الشطر الجنوبي في تلك الأيام، ومنهم عرب مهاجرون وخاصة من السودان. الشعب والأهلي ويعد نادي الشعب بصنعاء أبرز الأندية التي استقدمت لاعبين في صفوف الفريق الأول، أمثال اللاعب عزيز الكميم الملقب ب"ثعلب الملاعب"، والذي كان يتقاضى مكافآت شهرية بسيطة بدعم مباشر من رجل الأعمال محمد عبده سعيد أنعم، ومثله المدرب السوداني "سر الختم" بمقابل شهري بسيط من قبل رجل الأعمال نفسه، والذي كان يدعم النادي حباً في الرياضة والرياضيين وبدون أي مقابل. نادي أهلي صنعاء كان لديه محترفون أبرزهم حارس المرمى السوداني الشهير "السر بدوي"، ونادي الوحدة كذلك كان لديه بعض المحترفين أمثال طارق السيد. الكميم والسر نموذجان لو أخذنا عزيز الكميم في شعب صنعاء والسر بدوي في أهلي صنعاء كنموذجين احترافيين، فسنجد أنهما نموذجان ناجحان، فالأول ساهم في حصول نادي الشعب على العديد من بطولات الدوري والكأس حتى منتصف الثمانينات، والثاني ساهم في تحقيق الأهلي للعديد من البطولات المحلية في الثمانينات وتألق معه خارجياً في بطولة الأندية العربية والنجم الأول في المباراة التي حقق فيها الأهلي أكبر مفاجأة، عندما فاز في تلك البطولة على الرشيد العراقي الذي كان محتكراً لمعظم ألقاب البطولات العربية للأندية. بعد الوحدة وبعد قيام الوحدة المباركة عام 1990م، تواصلت عملية استقدام اللاعبين الأجانب بصورة بسيطة وخاصة من جانب النادي الأهلي، الذي بدأ بشراء لاعبين محليين في أندية أخرى، منهم على سبيل المثال لاعب شعب صنعاء عبدالرحمن الجلال.. وفي نهاية التسعينات ومطلع الألفية الثالثة بدأ باستقدام لاعبين أجانب منهم على سبيل المثال المهاجم السوداني "طلال". مرحلة الصندوق إلى هنا والصفقات الاحترافية كانت ناجحة في معظمها، إلى أن بدأت خيرات صندوق النشء والشباب والرياضة تنهال على الأندية، ومع دخول عدد من الشخصيات الداعمة ورجال الأعمال إلى خط الرياضة وتبوء مناصب بارزة في مجالس إدارات الأندية مطلع سنوات الألفية الثالثة. السماسرة حيث بدأ "السماسرة" بإقناع إدارات الكثير من الأندية بالتعاقد مع محترفين عرب وأفارقة، وبالتالي أصبحت الأندية اليمنية مسرحاً للمجهولين ولاعبي الحارات في بعض الدول العربية والإفريقية، الذين تم التعاقد معهم على أنهم لاعبو أندية معروفة ومحترفون. صفقات خاسرة وما إن يشارك هؤلاء اللاعبون في مباريات الدوري والكأس، حتى يكتشف الجميع حقيقة مستواهم العادي، مثلهم مثل أي لاعب يمني إن لم يكن أسوأ منه، وصارت معظم الصفقات الاحترافية صفقات خاسرة للأسف إلا في النادر، والنادر لا حكم له!!. ارتزاق ويمكن القول بأن عمليات الاحتراف صارت مصدراً لاسترزاق سماسرة مرتبطين بشراكة محورية مع مجموعة منتفعين في إدارات الأندية، والمهم هو توقيع عقد مع أي شخص أجنبي والحصول على عمولات كبيرة "كوميشن"، ليكتشف الجميع بعد ذلك بأن هذا "المحترف" ليس سوى "محيرف" فنياً وكروياً، وتمر الصفقة مرور الكرام دون حساب أو عقاب للإداريين الذين كانوا وراء هذه الصفقة الخاسرة.. وهكذا دواليك!!. اتحاد الكرة والحقيقة ان السبب الرئيسي فيما يحدث من تلاعب في صفقات المحترفين هو الاتحاد العام لكرة القدم الذي لم يضع ضوابط صارمة لتوقيع العقود الاحترافية، أهمها "البطاقة الدولية" التي لا يمكن ان يحصل عليها سوى لاعب كرة قدم مسجل رسمياً في نادٍ نظامي من الأندية المسجلة في الفيفا ضمن الجمعيات العمومية للاتحادات الوطنية.. بالإضافة إلى عدم وضع الاتحاد لعقوبات رادعة لكل من يتورط في حالات الغش والتزوير في أسماء وصفات اللاعبين الأجانب المحترفين. تناقض والدليل الآخر على أن ما يحدث في صفقات الاحتراف للأجانب هو سمسرة لا أقل ولا أكثر أن إداريي الأندية عادة ما يدلون بتصريحات عبر وسائل الإعلام بأن أنديتهم تعاني من قلة الدعم والإمكانيات، وفجأة نرى نفس هؤلاء الأشخاص وقد أعلنوا بأنهم قد وقعوا عقوداً احترافية بالعملة الصعبة مع محترفين أجانب!!. الضحايا وختاماً.. فإن اللاعب اليمني صار ضحية الصفقات الاحترافية مع الأجانب، وهم يرون بأنهم الأحق بآلاف الدولارات التي تنفق على من يقال بأنهم لاعبون أجانب محترفون، فيما هم في حقيقة الأمر مجرد أشخاص مجهولين لا يمتلكون أية مهارات أو مستوى كروي ولا يشكلون أية إضافة لأنديتهم.