في شهر ديسمبر 1981م من القرن الماضي أعلنت السلطات البحرينية عن اكتشاف مؤامرة للقيام بأعمال تخريبية تستهدف الاستيلاء على السلطة، وكشفت التحقيقات أن عصابة التخريب قد تلقت تدريباً في إيران، وأنها تستهدف التخريب والفوضى في مختلف دول منطقة الخليج والجزيرة العربية. وكشفت وزارة الداخلية البحرينية أنها تمكنت من القبض على مجموعة تضم أفراداً من البحرينيين ومن جنسيات خليجية أخرى، قدموا إلى البحرين من إيران بعد أن تدربوا على حمل السلاح بهدف تقويض أمن البحرين، وقالت إن التحقيق الأولي دلَّ على أن المخطط لا يستهدف البحرين وحدها وإنما كان يشمل دولاً أخرى في المنطقة. بيَّن هذا الحادث أن المخاطر المحدقة بدول الخليج وشبه الجزيرة العربية بدأت تتحرك إلى داخل الدول ذاتها، حيث بدأ بالفعل- على حد تعبير وزير الداخلية السعودي- "تصدير الإرهاب" إلى دول الخليج والجزيرة من خلال الأيدي القذرة، التي يتم تدريبها على نسق خلايا التغلغل الشيوعي، وهو الدافع الذي حدا بالسعودية والبحرين إلى الاتفاق المبكر للأمن المشترك بين البلدين والذي بمقتضاه - حسب تصريح الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي - أصبح أمن البحرين جزءاً من أمن المملكة العربية السعودية. وقد لوحظ أن نظام الثورة الإيرانية منذ قيامها على نظام الشاه وقدوم الخميني من فرنسا التي أعطت هذا النظام ملجأ فيها غدا يهاجم الدول العربية ويتخذ المواقف العدائية إزاءها على النقيض من شعاراته، كما يستغل كل فرصة مواتية لخلق القلاقل والفتن والاضطراب في البلدان العربية، مثلما حدث أثناء تأدية المصلين فرائض الحج بالمملكة العربية السعودية في سنوات عديدة، واعتداء إيران على الأراضي الكويتية ومنشآتها النفطية بالطائرات، وتهديد الدول الخليجية، واستمرار احتلال الجزر الإماراتية، والعدوان على العراق، وتآمرها على وحدة لبنان وأمن مصر والسودان والصومال، ودعمها السافر للتمرد الحوثي في محافظة صعدة، والحراك الجنوبي وإرهاب القاعدة، وبعض أحزاب المعارضة اليمنية. وبالعودة إلى الوراء، فإن نظام الشاه السابق محمد رضا بهلوي الذي قدم خدمات جليلة للغرب باعتباره من أبرز أعمدتها إلى جانب الكيان الصهيوني في منطقة الخليج العربي، ولعب دور الشرطي لحماية طريق النفط القادم من أرض العرب، قد استنفذ دوره مع نهاية السبعينات من القرن الماضي بعد ترهله، مما دفع بالغرب إلى البحث عن بديل له غير مأسوف عليه نظير كل ما قدمه لهم من خدمات، بل رفضوا حتى منحه اللجوء السياسي هو وأسرته فوق أراضيهم واحتضنته مصر العربية. وفي تصريح لأول وزير خارجية إيراني ابراهيم يازدي، في النظام الثوري الجديد قال: "انتظروا فقط ستة أشهر من عودتنا إلى إيران لتروا ماذا سنفعل بالأنظمة في الخليج والجزيرة العربية"!!.. ويبدو أن هذه كانت وما تزال مهمة النظام الثوري الإيراني الجديد مقابل إيصالهم إلى السلطة، أن يتحول إلى فزَّاعة تبقي الاعتماد على الوجود والنفوذ الغربي في منطقة الخليج والجزيرة العربية. وقد ترجم نظام الخميني تصريح يازدي عملياً، فبعد أقل من عام كان العدوان الإيراني على العراق، لتتساقط من بعده كل شعارات الدجل والزيف، ويظهر النظام الإيراني على حقيقته كعجلة في آلة الأهداف التكتيكية للغرب وبعمامة إسلامية.. تفاصيل أخرى في العدد القادم.