سياسيون في المعارضة، بعضهم طوال عراض ويتولون مناصب حزبية رفيعة، تكلموا لوسائل الإعلام كلاماً "مخيط بصميل " حول عودة رئيس الجمهورية إلى صنعاء صباح الجمعة قبل الماضية، فقال بعض الزملاء " أيش من معارضين هؤلاء"؟ واحد كذاب صريح وواحد عدمي وواحد كاهن وواحد ضارب فال، وواحد راوية أساطير وواحد اذهب عقله الغضب فطالت لسانه بقلة الأدب. قلت : وأنتم ليش زعلانين؟ ينبغي أن تكونوا مسرورين بمعارضين من هذا النوع، ولو قدرتم على تشجيعهم في الاستمرار على ما هم عليه يكون ذلك أفضل. عاد رئيس الجمهورية إلى صنعاء بعد استكمال علاجه واستعادة عافيته، وهذا أمر طبيعي، فهو رئيس الجمهورية ومن الطبيعي أن يعود لممارسة مهام منصبه. وهؤلاء على إطلاع تام بأن عودة الرئيس من الرياض مسألة محسومة، وقد سبقت الأخبار المؤكدة بذلك منذ ثاني يوم من سفره ورفاقه إلى المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج، وكان توقيت العودة مرهون باستعادتهم عافيتهم، وهاهم يعودون تباعاً رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب عادا يوم الجمعة، ورئيس الوزراء مجور عاد في رمضان ثم رجع إلى الرياض لإتمام العلاج، ورئيس مجلس الشورى عاد محمولاً على نعش. الأمر غير الطبيعي هو أن يسأل أحد المعارضين : ترى لماذا عاد الرئيس؟ أو أن يقول مسئول حزبي: عودته لا تعنينا، أو أن يقول ثالث: لعله عاد من أجل الانتقام.. وعاد بعضهم "مدوخين" مثل ذلك الذي قال لجماهيره/ إن الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي قال للرئيس عليك مغادرة المملكة! ومثل تلك التي حمدت الله وشكرت الرياض بإعادة الرئيس إلى صنعاء.. لماذا؟ قالت: لكي نحاكمه.. وكلهم من هذا النوع.. أبو "عقل سليطي" كما يقول العدنيون. ولا نجد في هؤلاء مشكلة، فهم في غيهم سائرون.. المشكلة هي في الذين رفعوا مستوى العنف ووسعوا دائرته، وردوا على دعوة الرئيس إلى هدنة كاملة ووقف إطلاق النار بمزيد من النار. أليس هذا بالضبط هو ما قامت به مليشيات الإصلاح وبني الأحمر ومليشيات الفرقة الأولى. فقد أسرفوا في القتل والتدمير، وفوق ذلك يشكون إنهم المعتدى عليهم، بينما اعتداءاتهم أمتدت إلى شوارع وأحياء في العاصمة ليس فيها سوى مواطنين عزل. يشكون للعالم عن قناصة بينما نشروا مسلحيهم في الشوارع والزوايا وفوق أسطح العمارات لاصطياد البشر. لم يعد الرئيس بأي نزعة للانتقام، فهو رئيس الدولة وكل مواطن في الدولة تشمله رعاية ومسئولية الرئيس في الحفاظ على حياته وصيانة ممتلكاته وحماية حقوقه، وإذا كانوا يقصدون الانتقام من الذين دبروا و نفذوا محاولة الاغتيال السياسي الجماعي المعروفة، فالرئيس ترك أمرهم للمعنيين بالتحقيق ومن ثم القضاء، كما هو الحال في أي جريمة جنائية أو إرهابية أخرى. لقد كان أول ما صدر عن الرئيس فور وصوله صنعاء الدعوة للهدنة ووقف إطلاق النار لفتح الطريق أمام الجهود الهادفة للوفاق والاتفاق.. ونهجه المعروف به كله وفاق وسلم وحوار وعفو وتسامح.. والغريب أن يتنكر له في ذلك معارضون اليوم طالما كانوا منذ زمن بعيد وحتى الأمس جزء من السلطة وقريبين من الرئيس وأكثر المستفيدين من هذا النظام وأخطائه أيضاً. وها هو رئيس الجمهورية يؤكد من جديد على الحل السلمي للأزمة وكرر منذ عودته الالتزام بمبادئ المبادرة الخليجية واعتبار قراره بتفويض نائبه بإجراء حوار للاتفاق على آلية لتنفيذ المبادرة قراراً نهائياً، لكن هواة العنف وسفك الدماء يصرُّون على تجاهل وإفشال كل جهد خيِّر لحقن دماء اليمنيين وإخراج البلاد من الأزمة.