بلغ الانفلات الأمني في مدينة بنغازي الليبية ذروته، يوم الجمعة، بعدما أطلق العقيد المتقاعد خليفة حفتر، عملية عسكرية في المدينة بذريعة تطهيرها من الكتائب المسلحة التابعة ل"تنظيم أنصار الشريعة" وميليشيات أخرى. وهو ما رفضته رئاسة الأركان التابعة للجيش. ارتفع عدد ضحايا الاشتباكات التي شهدتها بنغازي، يوم الجمعة، الى 13 قتيلاً و91 جريحاً باصابات مختلفة، بحسب ما أفاد مدير غرفة العمليات في مستشفى "الجلاء"، الدكتور عوض القويري. وأوضح القويري في حديث هاتفي على فضائية ليبيا لكل الاحرار أن هذه الإحصائية هي حصيلة للإصابات التي تم استقبالها بكل من مركز بنغازي الطبي ومستشفى الجلاء ومستشفيات المرج والابيار وسلوق وعيادة جردينا وفي وضع تسوده الفوضى، دخلت قوات عسكرية تابعة للجيش الوطني الليبي وكتيبة الأهداف الحيوية التابعة لقوات جيش برقة، المؤيدة لحفتر، إلى مدينة بنغازي، واشتبكت مع عدد من كتائب ثوار 17 فبراير ، واستولت على أحد مقارها. كما حاصرت مقار أخرى في منطقة سيدي فرج قرب المدينة. وقال قائد كتيبة سرايا شهداء ليبيا، محمد رمضان، ل"العربي الجديد" إن "قوات من الجيش (المشاركة إلى جانب حفتر) قصفت بالطيران الحربي العمودي مقر الكتيبة المتمركزة في مصنع الأسمنت ما أسفر عن وقوع جرحى". من جهتهم، أكد شهود عيان لوكالة "فرانس برس" أن قوات من سلاح الجو انضمت إلى مجموعة حفتر، وقصفت ثكنة تحتلها "كتيبة 17 فبراير". وقالت المصادر نفسها إن هذه الكتائب كانت ترد بنيران المدفعية المضادة للطيران. كما أفيد عن اندلاع اشتباكات وسط المدينة، بجوار الميناء بين كل من كتيبة المشاة البحرية التابعه للجيش الليبي وقوات تابعة للدرع رقم 1، المنضوية ضمن غرفة ثوار ليبيا بقيادة وسام بن حميد. كذلك تحدثت مصادر أمنية ل"العربي الجديد" أن مطار بنينة الدولي في المدينة تم إغلاقه لوجود اشتباكات مسلحة بالقرب منه بين قوات من الجيش الليبي وكتائب مسلحة، فيما أكد شهود عيان سيطرة قوات الجيش على مداخل بنغازي لمنع أي إمدادات للكتائب في الداخل. وقال المتحدث باسم قوات حفتر، لقناة "ليبيا أولاً" إن المجموعة تسمي نفسها "الجيش الوطني"، وتؤكد أنها "تقوم بعملية واسعة لتطهير بنغازي من الجماعات الإرهابية"، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس". وتسعى عملية "كرامة ليبيا"، حسب رواية حفتر، إلى هزيمة الكتائب المسلحة التابعة ل"تنظيم أنصار الشريعة" وميليشيات رفضت الانضمام للجيش والشرطة. وكان حفتر قد دعا المنتسبين إلى الجيش الوطني وقدامى العسكريين للانضمام لمعسكر الرجمة شرقي المدينة، للبدء بالعملية التي قام بالإعداد لها منذ شهر تقريباً. واعتبر رئيس الحكومة المكلف، عبد الله الثني، في بيان أن "خروج حفتر والقوات التي تبعته من الجيش يعتبر خروجاً على شرعية 17 فبراير"، مشيراً الى أن "الحدود الشرقية مع مصر تحت سيطرة الجيش الليبي ولا صحة لأية شائعات أخرى". وأكد أن "القوات التي دخلت الى بنغازي مع حفتر، معزّزة ب120 آلية عسكرية، ولا تشكّل خطراً". وأضاف أن "عصر الانقلابات العسكرية ولّى دون رجعة"، ولفت الى أن "طائرة حربية تابعة للجيش في مطار بنينا، شاركت في التحليق فوق بنغازي، بدون أوامر من رئاسة الاركان"، واعتبرها خارجة عن الشرعية. ورأى في تحرّك حفتر ورجاله، بأنه "محاولة للانقلاب على شرعية ثورة 17 فبراير"، داعياً "ثوار بنغازي الى ضبط النفس وعدم التصرّف إلا بأوامر من رئاسة الأركان". كما أصدرت الحكومة أمراً للغرفة الامنية المشتركة ببنغازي، بالتصدي لأي قوات عسكرية من خارج المدينة. هذ في الوقت الذي تردّدت فيه أنباء عن سقوط 4 قتلى و30 جريحاً جراء الاشتباكات، كما ترددت انباء حول احتشاد قوات تابعة ل"أنصار الشريعة"، بالقرب من بنغازي في منطقة القوارشة. وكانت الحكومة أصدرت الأسبوع الماضي بياناً، اعتبرت فيه تنظيم "أنصار الشريعة" تنظيماً ارهابياً، على خلفية اشتباكات بينه وبين المواطنين وقوات من الجيش، ومنحة مهلة 72 ساعة لكتيبة "17 فبراير" وتنظيم "أنصار الشريعة"، لاخلاء المنطقة، لكنهما لم يفعلا. من جهتها، أصدرت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي أوامرها لقطاع الدفاع الجوي في بنغازي بمنع أي قوات عسكرية أو غير عسكرية لا تتبع له بالوجود في مقار القطاع. وحمّل رئيس الأركان، اللواء عبد السلام جاد الله العبيدي، قادة القطاع مسؤولية أي تحركات تخرج من مقر القطاع للقيام بأي عمل خارج الشرعية. وكانت رئاسة الأركان العامة قد حملت في التاسع من شهر مايو/أيار الجاري، المسلحين المؤيدين لحفتر والموجودين في مقر الدفاع الجوي في منطقة الرجمة، مسؤولية أي أضرار قد تحدث للمواطنين ومواشيهم والتلوث البيئي الذي قد يحدث جراء بعض التصرفات التي وصفتها بالعبثية. وقالت الرئاسة، في بيان لها، إن المسلحين الموجودين في مقر الدفاع الجوي بهذه المنطقة قد قاموا، ليلة الأربعاء الماضي، بإلقاء قذيفة "أر بي جي" على مستودع صواريخ الدفاع الجوي بالمعسكر المذكور. ودعت رئاسة الأركان العامة المسلحين المحسوبين على حفتر إلى ضرورة ترك أسلحتهم والانضمام إلى الجيش الشرعي الليبي والمساهمة في بناء الدولة الليبية. وطالبت رئاسة الأركان العامة من رئاسة أركان الدفاع الجوي بضرورة التحقيق والتوضيح الكامل لكل ملابسات دخول هؤلاء المسلحين للمعسكر والبقاء فيه، وكل تصرف قد قاموا به. وكانت أنباء قد تحدثت عن وجود صراع خفي بين وزارة الدفاع التي تضم عناصر الجيش الليبي وفرقه القديمة، وبين رئاسة الأركان التي تسيطر عليها شخصيات في المؤتمر الوطني. وتواترت الأنباء عن تأزم الصراع بين الطرفين، بعد رفض كثير من الميليشيات المسلحة والكتائب والدروع الانضمام إلى الجيش الليبي، ما دفع رئاسة الأركان إلى شرعنة تلك الكتائب ومنحها صلاحيات تأمين المدن وحماية الثورة. ونددت حركة "أنصاف" بما حدث في بنغازي، وطلبت الحركة من كل الأطراف الليبية ضرورة التحول الى معركة البناء والتنمية، بعيداً عن الاستعراضات المسلّحة التي قد تجلب الويلات على الدولة الوليدة، بما يصبّ في مصلحة أطراف خارجية".