- أحسن شيء نتقنه نحن معشر اليمانيون وأحفاد الفاتحين هو الإدانات والشجب..فكم من الأخبار تمر علينا مر السحاب على شريط الفضائيات الإخباري في كل لحظة وحين عقب كل مصيبة كهذه :تواصل الإدانات للتفجير الإرهابي.. إدانة واسعة لمحاولة اغتيال القيادي البارز..تنديد بالاعتداء الهمجي على الناشطة (فلانة)و الصحفي (علان )..!! - ومع كل إدانة لا أتذكر الاعبارة صاحب التاكسي المصري أبو أيمن : المرحوم كان غلطان.وفي حفلات التأبين تصحح العبارة – عندنا – هكذا :المرحوم كان طيب.!! وتستمر حكاية الإدانات إلى ماشاء الله ..مع أن الحكماء وضعوا لنا خارطة طريق حين قالوا : لاعبادة كالصمت…و الأفعال ابلغ من الأقوال .لكن من يسمع.! - عجيب حالنا بالفعل ..فعند كل محاولة اغتيال اوتفجير هنا أوهناك يسارع الجميع للإدانة..السياسي والحزبي والمستقل وصاحب المنظمة وصاحب المطعم..حتى المقوت!! - طيب أين الفاعل الذي هو مدسوس وسط كل هؤلاء ومشغول بالإدانة مثلنا تماما ويمكن يكون متحمس أكثر في حلقة إدانة طويلة عريضة ينقصها القيام بشيء إيجابي يترجم الإدانة إلى فعل صالح يلمسه الناس وعيا وتحركا جديا لدى المعنيين لمعرفة الحقيقة والقبض على الجاني..!! - لعنة الإدانات هذه جعلتنا مسخرة وفرجة حتى أمام بعضنا البعض.. لأنها إدانات لاتتعدى أسوار المحطات الفضائية والإذاعة وصفحات صاحبة الجلالة .. - تصدقوا ..لم نعد نطيق العيش دون سماع بيانات الإدانة التي أصبحت تشبه جرعة مخدر المورفين..التي تهدئ أعصاب الجماهير الغاضبة.. - والغريب أن الكل يدين..الكل يدبج بيانات .. حتى المنظمات والجمعيات التي تتكاثر كبكتريا فطرية..نشعر أنها وجدت لهدف واحد هو دبج الإدانات وهو كل عملها ..ولو طلب منها نهاية العام تقرير انجاز..ستجدون كل المنجزات إدانة في إدانة..والحسابة بتحسب وبيان الإدانة مدفوع القيمة وبالدولار..!! - حتى الإساءة للنبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم دخلت مزاد الاسترزاق عبر بوابة الإدانات ..طبعا ولنا سيرة غير عطرة للأنظمة العربية التي قتلتنا وذبحتنا على مر العصور ببيانات الإدانة والوعيد والتهديد (من باب حفظ ماء الوجه ).. ومعها ضاعت فلسطين..والعراق..وسوريا في الطريق..والقادم بطعم العلقم.!! - ماهذه المحنة .. ؟حناجرنا جاهزة للصياح والصراخ والشجب والاستنكار والتنديد والوعيد والمؤتمرات الصحفية المطبوخة سلفاً والخطب المنمقة التي يعدها المستشارون الأوفياء .. - وإلى متى فرسان وأبطال الشجب والاستنكار..نعيش عليها وننام عليها ونجعلها كلمة باقية في عقبنا..وربما صارت مناهجنا تدرس الإدانات كمقرر ونحن لانعلم..من يدري؟! - قبل أيام ..حين دعوت بيت العائلة..ومعظمهم من أتباع مذهب المدارس الأهلية وجدت نفسي محاصرا بإدانات الكبار والصغار لأني فكرت بتسجيل ابني الأكبر في مدرسة حكومية بعيدا عن نعومة أغطية المدارس الأهلية التي تضلل على أولياء الأمور بدبج عبارات الثناء والإطراء من نوع : ( إلى الأمام ومزيد من التقدم..شكرا ياشاطر)..حتى لو أن الطالب (طيس).!! - الفكرة ياسادة أننا شعوب لاتشتغل إلاَّ على مشغل واحد هو العاطفة..وأصحابنا من آكلي السمكة وذيلها فاهمين الموضوع تمام لهذا فهم يناولونا إدانات وشجب واستنكار..في وقت نحن فيه أحوج إلى أفعال عاقلة تعيدنا إلى سكة الصواب..بدلا عن موبقات الاعتداء على سفارة أو ممارسة عنف أهوج يسيء لدين النبي محمد أكثر من أن يسمو به. - يكفي ..لقد شمرنا عن سواعدنا من أجل دبج الإدانات حينا من الدهر..وأصبح واجبا على كل جهة تدين أن تساهم في البحث عن الحقيقة المتوارية خلف محاولة اغتيال أو تفجير أو اساءة عنصرية أو طائفية أو ماشابه..هذا هو الفعل الحقيقي الغائب في زمن يعج بالإدانات . - المهم نحن مش ناقصين إدانات بلغة أهل الجنة- ينقصنا – فقط -أن نقرن الأقوال بالأفعال..كما يفعل اليهود والنصارى ..وقبلهم فعل كفار قريش..!!