ليست مختلفة عن بنات عصرها وإن كانت تفوقهن جمالاً وتضاهينّ رشاقة وتوازيهنّ في الرقة والوقار، لكنها اُغتصبت بأبشع الوسائل الهمجية المنتهكة للعذرية البريئة على قارعة الأيام طيلة خمسين عاماً. حكايتها ليست رسم من خيال كاتب او ضرباً من وحي كاهن او مشاهد في فلم اجنبي تُمتهن فيه النساء، فحبيبتي مختلفة جداً ،وعشقها سحري، أفقدني بعض كياني حتى صرتُ هائمًا بحبها رغم أنها تكبرني ب28سنة والحب أعمى كما يقولون . اعذروني على صراحتي التي افجرها اليوم فالزمان استثنائي والظروف مختلفة، لكني حائرٌ في ما أنا بصدده أأتغزل في الحبيبة المغتصبة أم احتفل بأخر ذكرى للاغتصاب؟،وبين هذا وذاك تبقى الفاجعة عظيمة والمصاب جلل، أنْ أرى محبوبتي بعد الخمسين وهي فاقدة للنظْارة والجمال شاحبة الملامح ، هزيلة القوى ،مسلوبة الإرادة والكيان الضائع، بين احضان السفارات وفي مضاجعة السفراء . "الجمهورية الديمقراطية "خمسون عاما من التيه في دائرة مغلقة لهثاً خلف سراب الحلم المنشود المسمى دولة. إلا انها فاقدة للعذرية بعد أن حْرف الأشرار مسارها واستدرجوها لقطب الموالاة الخارجية والتبعية الغير مشروطة، على حساب الوضع الداخلي المتأزم ،ومستويات الفقر والبطالة المتسارعة والطائفية التي كشرت عن أنيابها بشعارات مستوردة، وتهم الخيانة والعمالة المتبادلة بين شركاء الجريمة وشهود الزور المتشدقون بالحيادية والاستقلال . ما ذنبي أنا في المتهالكة بفعل السنين حتى أجبر على قبول الأمر الواقع وأُتهم بالهذيان حين أنادي بعذريتها وأحلم بعيش العفاف في مناخ مدني عفيف لم يتحقق رغم السنين الطويلة التي تفصلنا عن زفافها الميمون الغير مكتمل حتى يومنا هذا . ليس كلامي هذا تجني ولا تشكيك في ثورة 26 سبتمبر فهي ثورة بكل المعايير غيرت واقع اليمن وحولت مساره السياسي والاجتماعي والاقتصادي إلى الأحسن ، مقارنة بالسنين التي سبقت الثورة ،لكن الأمر المحزن هو في أهداف الثورة التي لم يتحقق منها سوى سقوط النظام الأمامي وقيام الجمهورية. فالتحرر من الإستبداد و الجيش الوطني و مستوى الاقتصاد المرتفع والدولة الديمقراطية كلها مسميات وهمية لم تتحقق على أرض الواقع حتى الوحدة اليمنية لم تكتمل ، لنتساءل ذنب منْ ضياع 50 عاماً من عمر هذا الشعب ؟ ورحم الله نزار قباني الذي عبر في أبيات له أوردها على لسان حال الحكام فقال: "سامحونا إن تعدينا على عذرية الدولة يوماً واغتصبناها بشكلٍ همجيٍ .. واسترحنا .. وعضضناها كذئبٍ من يديها ولعنا والديها .. وأمرنا الشعب أن يأكل لحماً طازجاً من ناهديها". إنّها الحبيبة المغتصبة ب"الهمجيين" بعد أن تم تصفية الكثير من حراس الدولة (رجال الجيش – مفجرو الثورة ) عليهم السلام ، كانوا وقود التحرير فباتوا ضحايا لطابور الهمجية الذي اعاق عجلة الثورة عن استكمال أهدافها . الدولة اليوم وبعد مرور 50 عاما على قيام الثورة لازالت مغتصبة، لكنها لن تعود كذلك بعد الآن، حيث تحركت عجلتها السبتمبرية بروح شباب الثورة السلمية، تلك الروح التي يعول عليها في استكمال أهداف الثورات السابقة أكتوبر وسبتمبر ونوفمبر ، والمسؤولية كبيرة وإن كان الهمجيون يتربصون بها كعادتهم على مر العصور والأزمان . لا ذنب لي في اغتصاب دولتي فولي أمرها ورئيسها عبد ربه منصور هادي هو المسئول الأول عن استعادة هيبة الدولة ،وفرض سيادتها وتطهيرها من دنس الماضي وشوائب الحاضر ، ولن تجدي سياسة غض الطرف عن الجماعات المسلحة وعصابات التخريب والنفَس الطويل، في حين تنزف دماء ما تبقى من عذرية هذه الدولة هنا وهناك. ويبدو انه إذا أستمر ت سياسة غض الطرف ، فلن تكن استقدام جنود مارينز لحماية السفارة الأمريكية والمناوشات بين القبائل واتباع الجماعة الحوثية في عمران، والإغتيالات، والتفجيرات آخر دماء تنزف من الدولة المغتصبة، بل ستستمر في النزيف. ما ذنبي حين اقتل كل يوم ألف مرة وانا أشاهد المسلحين صباح مساء على قارعة الطرقات وارصفة الشوارع بعمائمهم المعتوهة وشعاراتهم الرجعية والعنصرية .. ما ذنبي أنا ؟؟ [email protected]