الأمر سهل جدا في معرفة ما اذا كان الحوثي على حق فيما يرمي اليه عطفا على توضيحه هو دون مواربة؟ أم لا..! فلنبدأ بحمله على حسن النوايا، في إنحيازه للشعب رفضا للجرعة، بعيدا عن التفتيش في نواياه غير الخافية على أحد بالسعي لتحقيق مشروعه الخاص الذي تأسست جماعة الحوثي أساسا – قبل أكثر من عقد – كحركة إحياء مذهبية لبعث الأمل في عشرات الألآف من معتنقي المذهب الزيدي (أفتراضا منا بكون صانعي الحركة ومحركي أتراسها هم زيود) بعد تهميش واقصاء عن الفعل منذ اكثر من خمسين عاما، على الرغم من احقية أئمتها بالولاية شرعا..!! وإذن، ها نحن بعد أن أفترضنا حسن النوايا تلك بشأن مسوغات الحركة في التحرك ضد الحكومة، سيتعين علينا النظر في الممكنات والنتائج المتوقعة من ذلك التحرك الكبير..! هل ستنتج في تحقيق الهدف بإسقاط الحكومة والجرعة؟ وفقا للخيارات المشروحة من زعيم الجماعة وقادتها على السواء، سيتم الانتقال لخيارات أخرى (مسمعة للحكومة) وستكون مؤلمة للفاسدين..!! قطعا – عطفا على تاريخ الحركة وأساليبها المتبعة منذ نشأتها قبل اكثر من عقد، فالخيارات هنا ستكون باستخدام القوة التي بات الحوثي يتفاخر ويستقوي بها ليس على خصومه فحسب، بل وايضا على الحكومة و الدولة وكل ما يقف في طريق ما قرر انجازه..! بلغ حتى بلغ به الأمر مؤخرا الى تحدي المجتمع الدولي..! تفيد المعلومات أن الرئيس يرفض التراجع عن الجرعة، فيما اكد الحوثي وقادة الجماعة – قبل الرئيس – أن لا تراجع عن مطالبهم.. أذن تمضي الأمور نحو ترجيح استخدام الحوثين للعنف، الذي لا يخفى على احد توجههم نحوه منذ البداية عبر استقدام مسلحيهم وألياتهم الى تخوم العاصمة تمهيدا لاقتحامها. وهنا، سواء ردت الدولة بالقوة الحاسمة عملا بما تقتضي به مسئوليتها الوطنية، ام لم ترد، وتركت الحوثي يسيطر على العاصمة، واسقاط الحكومة.. الخ.. هل سيكون الحوثي قد حقق المطلب الرئيسي الاول من تحركاته هذه؟ أم إنه فقط انتقل مباشرة للمطلب الثاني؟! من المؤكد – وفقا حتى عند أقل الخبراء الاقتصادين خبره – أن التراجع عن قرار رفع الدعم حاليا، ستكون نتيجته أشد كارثية من قرار رفع الدعم، إذ سيؤدي الى انهيار كلي للدولة، التي لا تعتمد حاليا على تغذية ميزانيتها سوى على ما وفره قرار رفع الدعم الاخير..!! بالتأكيد هذا الأمر له علاقة بفشل وفساد الجهاز الادراي الحالي للدولة، لكن بالتأكيد ايضا أن التصرف وفقا لتلك الحماقة الآنية لمواجهة تلك الاختلالات، ستطال نتائجها جهاز الدولة الكلي لتكون النتيجة النهائية أضعاف أضعاف ما ينجم عن الفساد وفشل الجهاز الاداري للدولة برمتها. ذلك أن كليهما (الفساد والفشل) أمكن تداركهما بأخر العلاجات المتبقية (كي المواطن بالجرعة..!! بيد أن محاولة اعادة الامور الى نصابها سيدمر الجميع بما في ذلك الحركة التي استخدمت السلاح والعنف لبلوغ سدة الحكم وفي النهاية قامت بعملية تفجير جماعية ضد الجميع..!! لم أكن مع الجرعة، منذ عشية الإعلان عنها، لكن ذلك قد حدث فعلا ، وبات من المستحيل – حاليا على الاقل- إعادة العجلة الى الوراء، لأن ذلك يعني دهس لغم السياسات الفاشلة لينفجر بالجميع.. على اية حال إن كان للحوثيين معالجات ناجعة سريعة لهذه المعضلة، فسيكون من الافضل له، لكسب الشارع بأقل التكاليف، ان يتقدم به، ليغدو لنا بعد ذلك البطل المنقذ الذي يستحق أن يحكمنا لأعادة الحياة الى أرواحنا، بدلا من ان يسعى لتقتيلنا، بالسلاح أولا، من أجل أن يصل الى المكان الذي يمنحه حق رمينا جميعا الى المحرقة. والسلام ختام