قال علي الذهب، الخبير العسكري والمتخصص في شؤون الجماعات المسلحة، إن من حق الدولة أن تستخدم الوسائل الممكنة والمشروعة لتثبيت الأمن واستقراره، وأن تردع كل من يعبث بذلك دون إفراط في القوة، وبما لا يتجاوز ضرورات الموقف، وذلك في تعليقه على الأحداث التي جرت، الأحد، في شارع المطار بصنعاء. ودعا الذهب، في حديث خاص ل «الخبر»، الدولة إلى توفير الظروف والتدابير اللازمة تجاه من تواجههم، مشيراً إلى أن ما حدث من محاولة لفض الاعتصام الذي قطع الطريق الرئيس بين مركز العاصمة ومينائها الجوي أمر مشروع، ما لم يبلغ ذلك حد المواجهة بالقوة المسلحة تجاه المعتصمين. وأضاف: «في الأيام الأولى لاعتصام الحوثيين بجوار حديقة الثورة، سألت شخصا ينتمي لشباب الصمود (الحوثية): لماذا اخترتم هذا المكان تحديدا؟ وما يمنعكم من الاعتصام في الشارع الرئيس (شارع المطار)، فسرد عددا من المبررات ثم رد على الجزء الأخير من السؤال بالقول: قريبا سترى ذلك»، مستدركاً: «أردت من هذا الاستشهاد أن أكشف تبييت النية لدى الحوثيين بتحويل شارع المطار مستقبلا إلى ساحة تظاهر، وهو ما حصل اليوم وصولا إلى أهداف ومرامي ذات آثار خطرة على النظام القائم». وأوضح أن ما قامت به قوات مكافحة الشغب، وفقا لما صرحت به اللجنة الأمنية، كان أمرا لا بد منه، وأن لا وسائل بديلة لذلك، مضيفاً: «لكنها -كما يبدو- لم تعد لهذا القرار موجبات نجاحه الأكيد، بما يعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل استحداثات الحوثيين الأخيرة في الشارع الرئيس». وحول امكانية استفادة الحوثيين من فض الاعتصام لتصعيد مطالبهم قال الذهب: «في كلا الحالتين، فض الاعتصام أو الإبقاء عليه، يمضي الحوثيون وبكل الطرق للانطلاق إلى خطوات تصعيدية أخرى، ولذلك لا بد من الحول دون تمددهم على الطرق التي تضر بمصالح المواطنين، على أن لا يُمنعوا من تنظيم مسيرات في هذا المكان ما دامت تراعي النظام والقانون ولا تقلق السكينة العامة». وعن اتهام الحوثي لقوات مكافحة الشغب باستخدامها موادا ذات صناعة أمريكية في مواجهة المتظاهرين، أشار إلى أن ذلك محاولة لكسب تعاطف الناس معهم، ومحاولة لحشد الجماهير أمام شعارهم الذي يتبناه والذي ينادي بالموت لأمريكا، وإن كان ذلك لمجرد التهييج السياسي. ولفت إلى أن التهديد بالقوة من قبل الحوثي، يعني أنه ماض في طريق المواجهة المسلحة التي سلكها في إسقاط مدينة عمران وما تقوم به جماعته في محافظتي مأرب والجوف. وفي تعليقه على بيان اللجنة الأمنية الذي أكدت فيه أن الحوثيين أخرجوا موظفي وزارة الاتصالات والكهرباء من الوزارتين بالقوة وأن قوات الأمن لم تقم سوى بأداء واجبها في فتح خط المطار، أوضح الخبير الذهب أن ذلك يعزز سلامة تصرف قوات الأمن. وبيّن أن ما تناولته وسائل إعلام حوثية حول رفض بعض من قوات الأمن الاعتداء على المعتصمين، يأتي ضمن سلسلة طويلة من حرب الشائعات التي سنسمعها مستقبلا، في محاولة لاستدراج قوات الجيش والأمن إلى صفوف الحوثيين، أو كسب تعاطفهم، أو خلق حالة تمردات داخل الجيش والشرطة، منوهاً بأن ذلك أسلوب جرى سماعه في مراحل ثورة 2011م، ومع ذلك فقد فشل. وأردف قائلاً: «لكن قد يكون ضمن أولئك ممن لا يحترمون شرف الجندية ولا يلتزمون بقوانينها، الأمر الذي يجب التنبه له ومواجهته بقوة، سواء بتكذيب تلك الشائعات أو بمعالجة الاختلالات الحاصلة». وفيما أكد الذهب أن القوات المسلحة وقوات الأمن تبدوان متماسكتين أقوى تماسك، وتقدران الظرف الحرج الذي تمر به البلاد، ومخاطر الانجرار وراء مداعٍ غير وطنية، كالمذهبية أو المناطقية أو الحزبية، قال إن «هناك عناصر مريضة تندس في صفوف هاتين القوتين، وتعمل على إثارة مثل تلك النزعات، وهو أمر يستدعي التنبه له حفاظا على التماسك الحاصل، لتقوما بواجباتهما الدستورية والدينية والوطنية تجاه البلاد في هذا الظرف الخطير». وتابع الذهب حديثه ل «الخبر» بالقول: «أما توقعات التصعيد، فهو ما سبق أن كتبت عنه في كتابات سابقة، وهو انتهاج الحوثيين "سياسة نهش الأحشاء" وهي سياسة تستهدف ضرب العاصمة في مركزها وصولا إلى إسقاط النظام والسلطة القائمة، والسيطرة التامة على البلاد، وفق تحالفات متعددة، وستكشف عنها الأيام القادمة، سواء نجحت هذه السياسة أو فشلت». وأفاد بأن تلك السياسة تستهدف كل ما من شأنه خلق حالة من التذمر الشديد لدى الجماهير تجاه نظام لم يستطع حمايتهم فينقضوا عليه من خلال التحاقهم بصفوف الحوثيين الذين يسيطرون وقتها على الوضع في البلاد مع تحقق الشلل التام لأجهزة الدولة التي يناط بها رعاية مصالحهم اليومية.