محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    صور الاقمار الصناعية تكشف حجم الاضرار بعد ضربة إسرائيل على إيران "شاهد"    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    تظاهرات يمنية حاشدة تضامنا مع غزة وتنديدا بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    شبوة.. جنود محتجون يمنعون مرور ناقلات المشتقات النفطية إلى محافظة مأرب    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    لحظة بلحظة.. إسرائيل «تضرب» بقلب إيران وطهران: النووي آمن    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق صحفي: المهمشون يأملون من مؤتمر الحوار إدماجهم مجتمعيا وجعل التعليم إلزاميا وإعادة توطين المجتمع
نشر في الخبر يوم 16 - 10 - 2012

"المهمشون" أو ما يصطلح عليهم "بالأخدام" وهم اليمنيون من ذوي البشرة السوداء .. يقطنون محافظات يمنية عدة ويرتكز وجودهم في المحافظات الساحلية تحديدا.
لاتوجد إحصائيات دقيقة لأعدادهم، وتقول تقديرات إن تعدادهم السكاني يتجاوز الثلاثة ملايين نسمة، تقطن محافظات الحديدة، عدن لحج، أبين، حجة، تعز، أمانة العاصمة، وينتشرون بأعداد قليلة في بقية المحافظات.
تتسم حياتهم بالبساطة في المأكل والملبس والمسكن، وتميزهم تجمعات سكانية خاصة بهم، غالبيتها مبنية من الصفيح (الكارتون)، وتنتشر في أوساطهم الأمية إلى حد كبير، إذ يكتفون بتعليم أبنائهم المراحل الدراسية الأولى، بعدها يتم إخراجهم من المدارس وإنزالهم إلى سوق العمل أو التسول..
لاتوجد في قوانين الجمهورية اليمنية تشريعات تخل بحقوق مواطنتهم، أو تميزهم عن بقية المجتمع، ويمكن لأبناء هذه الفئات الالتحاق بالتعليم العام في أي من مستوياته، واختيار التخصصات التي يرغبونها، إذا ما أرادوا هم ذلك.
تستوعبهم الحكومة اليمنية للعمل في قطاع النظافة وربما تكاد تكون النظافة مهنة محصورة عليهم، الأمر الذي جعلهم يشعرون بوجود تمييز غير متعمد بحقهم، ويمارس القطاع الخاص نفس النهج إذ يتم استيعاب أبناء هذه الفئة للعمل في النظافة لا أكثر.
تقول غادة شائع – وهي طالبة بكلية الشريعة بجامعة صنعاء وإحدى الفتيات اللواتي تمكن من الإلتحاق بالتعليم الجامعي من هذه الفئة – "نحن نعاني من التهميش والتمييز، ويتم إلحاقنا بالعمل في قطاع واحد هو قطاع النظافة".
وتضيف لفريق منظمة سواء الإعلامي "حتى وإن تم إلحاقنا بالتجنيد، فالمجندين منا يتم تشغيلهم في النظافة".
ومع ما تمثله هذه المهنة من أهمية للمجتمع – بحسب غادة – إلا أنها اعتبرت حصر هذه المهنة عليهم أمر يكرس حالة التهميش بحقهم، كما أنه يعد سلوكا تمييزيا حكوميا مبعثه عنصري – بتأكيدها.
وتتمنى غادة أن يلتفت مؤتمر الحوار الوطني إلى قضاياهم، وأن يخصص لهم جانبا من اهتماماته كي تشعرهم بالانتماء لهذا الوطن.
مضيفة: "أريد أن أتعلم .. أريد أن أكون طبيبة .. أريد أن أكون محامية .. أريد أن أكون معلمة .. أريد أن أرى نفسي مثل أي يمنية أخرى .. نعمل جنبا إلى جنب دون تمييز".
عشوائي
النزول العشوائي لفريق إعلام المنظمة إلى أوساط هذه الفئة في مدينة سعوان بصنعاء بهدف إيصال صوتهم إعلاميا إلى مؤتمر الحوار الوطني أشعر الفريق بالإحباط، لعدم وجود الإجابة المطلوبة، إذ اقتصرت مطالب هذه الفئات المختارة بشكل عشوائي على توفير المأكل والمشرب لا أكثر، ولم يجد الفريق من يتحدث عن مطالب حقوقية كالمساواة مثلا.
كل الذين التقاهم الفريق بتاريخ 3-10-2012 لم يتحدثوا عن التعليم أو عن الصحة، كما لم يتحدثوا عن السياسة، والبعض شكا لفريق المنظمة من ازدحام في السكن، وعن مشاكل مع عاقل الحارة، وواحد منهم فقط يدعى بلال الحمادي وهو شاب في العشرين من عمره تحدث عن تمييز يمارس بحقهم يتمثل في إطفاء الكهرباء لفترة أطول على حارتهم مقارنة بالحارات المجاورة.
عدم حصول فريق المنظمة على الإجابة المطلوبة اضطرهم للتواصل مع ناشطين في أوساط هذه الفئات، إذ عملوا على التنسيق مع شخصيات من هذه الفئة تحدثت عن المشاكل التي تعانيها وعن مطالبهم من مؤتمر الحوار الوطني.
محمد صالح أبو سند وهو أحد الشخصيات الاجتماعية في أوساط هذه الفئة تحدث عن وجود استغلال سياسي لهم، خلال الانتخابات، كما تحدث عن استغلال المنظمات المدنية للعمل باسم المهمشين بهدف التكسب المادي لا أكثر – حد تعبيره.
وتحدث أبو سند عن نشاط لمؤسسات مدنية خلال فترات الانتخابات، وبمجرد كسب أصوات هذه الفئة إلى صفهم، يتم إغلاق تلك المؤسسات المدنية بانتظار انتخابات أخرى.
وجال أبو سند بفريق المنظمة إلى عدد من تلك المؤسسات ومنها، مكتب لمؤسسة الصالح، وأخرى تدعى الأخيوس، ومدرسة تم نهب محتوياتها تماما بعد شهرين
من انتخابات 2006م، إذ وجد الفريق تلك المؤسسات مغلقة بالفعل، رغم كونها مراكز تدريبية لهذه الفئة أنشئت بتمويل من منظمات أجنبية.
الحوار الوطني
يطالب أبو سند في حديثه لفريق منظمة سواء لمناهضة التمييز أن يتم إشراك هذه الفئة في مؤتمر الحوار الوطني، وأن يخصص لها المؤتمر جزءا من وقته باعتبارها شريحة مهمة في المجتمع.
ويعبر عن استيائه من عدم إشراكهم في مؤتمر الحوار الوطني، وقال: "إن عدم الالتفات لهم يعزز جوانب السخط لديهم، ويشعرهم بضرورة استخدام أساليب أخرى كالعنف مثلا لإشراكهم في مؤتمر الحوار".
أما الناشط في أوساط هذه الفئات عبدالعزيز القادري فيؤكد أن "أهم مطالب هذه الشريحة هي الالتفات لهم لإخراجهم من حالة التهميش الحاصلة بحقهم، وملامسة واقعهم ومعرفة متطلباتهم واحتياجاتهم، كفئة من فئات المجتمع لدمجها في المجتمع كي تؤمن هذه الفئة أنها تعيش في دولة يتمتع الجميع فيها بالمواطنة المتساوية".
ويؤكد أن أهم المشاكل التي تعاني منها هذه الفئة "هي التهميش وعدم وجود فرص متاحة لهم في جميع وظائف الدولة، وحصرهم في وظيفة واجدة وهي العمل في قطاع النظافة، ورغم ذلك بدءوا يتعرضون لمضايقات في هذا القطاع".
وأضاف: حتى وإن تأهلوا تأهيل جامعي فانه يتم حصرهم في هذه الوظيفة للأسف الشديد.
ويعول رئيس منظمة رام للتنمية يحيى سعد وهو ناشط في أوساط المهمشين على مؤتمر الحوار الوطني، وينظر إليه باعتباره المخرج لحالة التهميش التي تعيشها هذه الفئة.
يقول: في حديثه للمنظمة "مؤتمر الحوار في اعتقادي سيمثل نقلة نوعية للفئات المهمشة، ونعول من خلال نتائجه في أن يسهم في النهوض بمستوى هذه الفئة سياسيا وتعليميا".
وأكد أن "من الضرورة تمثيلهم في مؤتمر الحوار الوطني، لأن عدم إشراكهم سيكرس حالة التهميش الحاصلة بحق هذه الفئة".
وينظر يحيى سعد لمؤتمر الحوار الوطني "باعتباره حدثا تاريخيا مهما في حياة الشعب اليمني عموما وفي حياة هذه الفئة على وجه التحديد، خصوصا وأنها عانت من التهميش والتمييز طوال سنوات حكم النظام السابق".
ويضيف: "نريد أن نتمكن بعد مؤتمر الحوار الوطني من إعلان حزب سياسي، وأن يكون لنا تمثيلا في كل أجهزة الدولة في البرلمان في الحكومة، ونأمل في أن تجسد نتائج مؤتمر الحوار الوطني في إعلاء قيم المواطنة المتساوية بين جميع فئات الشعب اليمني، وأن يتم رفع مستوانا تعليميا باعتباره ركيزة لتنمية أي فئة".
وواصل: "الذي يجب على مؤتمر الحوار الوطني أن يتعامل مع هذه الشريحة مثلها مثل بقية الشرائح". ويواصل: "نحن أناس مسالمون لم نرفع السلاح كي يأتي المتحاورين للتشاور معنا لإشراكنا في مؤتمر الحوار".
ويضيف: "المهمشون شريحة كبيرة في المجتمع وينتشرون في معظم المحافظات اليمنية، وهم مواطنون صالحون يعملون بكل جد واجتهاد لإظهار جمال اليمن، دون أن يصدرون ضجيجا أو صخبا".
وأشار إلى "من أهم مشاكل هذه الفئة هي الفقر والجهل وعدم اهتمام الحكومات السابقة بهذه الفئة، وتهميشهم".
إمكانية إدماجهم
يرى الناشط عبدالعزيز القادري أن هذه الفئة تعيش بمعزل عن المجتمع، فعامة المجتمع لايشاركون هذه الفئة أفراحهم أو أحزانهم مثلا، كما أنها مميزة وظيفيا وينحصر عمل هذه الفئات في قطاع النظافة حتى داخل المؤسسات الخاصة وكذا المؤسسات المدنية أو العسكرية.
ويرجع القادري الذي يعمل في أوساطهم منذ 10 سنوات الأسباب إلى الأمية المتفشية في أوساط هذه الفئة، وعدم ثقتهم بمخرجات التعليم، وعزز من ذلك الفقر الطاغي على هذه الفئة. مضيفا: "معظم هذه الفئة تنظر إلى مصلحتها الآنية فقط، فكثير من الأطفال يتم إخراجهم من المدارس ودفعهم للتسول الأمر الذي جعل هذه الفئة على حالها، وربما ساءت أوضاعها في السنوات الأخيرة بشكل أكبر".
ويضيف: "هذه الفئة لاتريد مدنا معزولة عن المجتمع، ولايجب أن تعيش في محاوي كما يسمونه، كما يجب أن لايعيشوا في تجمعات الصفيح، يجب أن يكون المجتمع كله مشاركا في العناية بنظافة مدننا، فمن المعيب أن يكون هناك من اليمنيين من يرمي بالأوساخ في الشارع وآخر مهمته أن ينظف تلك الأوساخ".
وينتقد القادري كلمة محوى، وقال: "هذا المصطلح معروف في كثير مناطق اليمن بأنه مكان الحيوانات وليس مكان بني آدم".
يؤكد القادري على ضرورة أن يقر مؤتمر الحوار الوطني التعليم كإلزامي، وأن يتم إخضاعهم لتعليم نوعي، لأن ذلك سينهي حالة التهميش التي تعيشها هذه الفئة. مشيرا إلى أنه تمكن وبجهود ذاتية من كفالة عشرة من الطلاب في مدارس خاصة، كما أنه كفل طالبتين جامعيتين.
ويضيف: "يجب على مؤتمر الحوار الوطني النزول إلى هذه الفئات وتلمس مشاكلهم، كما يجب تأهيل هذه الفئة تعليميا ومهنيا ومن ثم دمجهم في الوظائف الأخرى كدول الخليج وغيرها، حيث لا يوجد مثل هذه الفئات المهمشة كما هي عليه الحال في اليمن".
ويرى القادري أن من أبرز مشاكل التمييز التي تعاني منها هذه الفئة هي عدم قدرتهم على المشاركة السياسية والإسهام في صنع القرار، كما أنه لايمكن التزوج منهم أو تزويجهم إلا بنسب ضئيلة في بعض المحافظات كمحافظة تعز نظراً للتوعية والتعليم إذ لاتزيد هذه النسبة عن 5%.
وتحدث القادري عن تهميش وصفه بالممنهج والمقصود من قبل الدولة، بهدف استغلالهم سياسيا. مضيفا: "يوم الانتخابات تأتي الأطراف السياسية وتقوم بنقلهم على متن شاحنات كبيرة للاقتراع كأنهم بضاعة، ولايقومون بنقلهم في باصات على الأقل من باب الاحترام وبعد التصويت لايعيدونهم إلى أماكنهم".
ويؤكد القادري أنه لايوجد أية نشاط للأحزاب السياسية في أوساط هذه الفئات، إلا أن هناك مبادرات ذاتية لأفراد من الأحزاب غير مدعومة من قبل قيادات الأحزاب.
ودعا القادري الأحزاب السياسية إلى العمل على إدماج هذه الفئة في أنشطتها وأعمالها، فلا يوجد أية موانع تمنع على هذه الفئة النشاط حزبيا وسياسيا فهم يمنيون ويجب أن يتمتعوا بحقوق المواطنة المتساوية.
هجرة ومخاوف
لم تكن فئة الأخدام منتشرة في العاصمة اليمنية صنعاء قبل أكثر من 30 عاما، ومعظم من التقيناهم إما من محافظة الحديدة أو من تعز، ويعيشون أوضاعا معيشية صعبة، ويفتقرون للمسكن المؤهل، كما يفتقرون لأبسط مقومات الحياة الآمنة سواء في الغذاء أو المأوى.
ومن خلال زيارة الفريق لمخيم نصبوه مؤخرا خلف مدرسة الرماح في الحصبة وجد الفريق معاناة شديدة لهذه الفئة، فبيوتهم عبارة عن خيام غير مرتبة مبنية من الخرق المغطاة بأغشية بلاستيكية تدعى "طرابيل"، تدفع عنهم لفحات الشمس لا أكثر، كما أنهم يفتقرون للملابس والأغطية التي تقيهم البرد الأمر الذي يمثل خطورة على حياة هذه الفئة.
ومن خلال جلوس الفريق مع قاطنين في المخيم وجد الفريق أنهم هاجروا قريبا إلى صنعاء، بحثا عن الرزق حسب ما يقولون، إذ يؤكدون أن سوء المعيشية التي أصابتهم في مناطقهم دفعهم للهجرة إلى صنعاء.
وعن سبب اختيار صنعاء ملاذا لهجرتهم أكدوا أن صنعاء فيها "كثرة شغل أحسن من البلاد"، مشيرين إلى أن البلاد لاتوجد فيها وظائف ولا منظمات، ولا أعمال، حتى الأرض لم تعد تجود عليهم بالخيرات.
ووفقا لمن التقيناهم فإن مناطقهم لاتوجد فيها كهرباء ولاطريق ولا مدارس ولا مستشفيات، كما أن المردود من الزراعة تراجع بشكل كبير نظرا لشحة الأمطار، ما دفعهم للهجرة بحثا عن مكان عيش أفضل.
تؤكد غادة شائع – وهي الناشطة في هذه الفئة والطالبة بكلية الشريعة – أن حالة الفقر المدقع الذي تعانيه هذه الفئة في مناطقها دفعها للهجرة. وقالت: "لو تم توفير خدمات في مناطقهم لما جاءوا إلى المدينة ليعيشوا في الصفيح، فلديهم منازل جيدة في مناطقهم وأراضي زراعية خاصة بهم لكن لاتوجد خدمات".
وتحذر شائع من "تأثير الهجرة الكبيرة إلى العاصمة صنعاء على الموارد، وعلى الزراعة أيضا إذ تتعرض الأرض للتصحر، ويتراجع النشاط الزراعي في البلاد، وهو ما قد يؤثر على اقتصاد اليمن بشكل أكبر".
وتتمنى شائع "أن يهتم مؤتمر الحوار الوطني بإعادة توطين المجتمع بشكل عام حتى لايتركزون في مكان واحد، وأن يتم توفير الخدمات للمناطق النائية للحد من الهجرة، والعمل على إبقاء السكان في مناطقهم".
وأشارت إلى أن مناطقهم أصبحت متصحرة وأصبحت المنازل خالية من السكان، وأصبح العيش في مناطقهم أشبه بالمستحيل بسبب الهجرة.
وبالإضافة إلى المخاوف من الهجرة يطرح الناشط عبدالعزيز القادري مخاوف من حالة استغلال لفقر هذه الفئات من قبل الجماعات المسلحة، وكذا استغلالهم من قبل عصابات المخدرات نتيجة الأمية والفقر".
ويختصر ماجد درويش عبدالله سعد الجمل نائب رئيس الإتحاد الوطني للمهمشين قضيتهم في عبارة تقول "نحن مواطنون بلا وطن".
ويؤكد أنهم يعولون على مؤتمر الحوار الوطني في أن يزيل عنهم عناء التمييز الحاصل بحقهم، وأن يتم إدماجهم مجتمعيا.
فيما يقول أحمد شوعي الجمل: أنهم يطمحون من مؤتمر الحوار الوطني تحقيق المساواة ودمجهم مجتمعيا. ويضيف: حصلت ثورة شعبية لكن آثارها لم تصل بعد إلينا .. نحن نعاني من تهميش مجتمعي وتمييز حكومي، وعامل النظافة لايلقى أي احترام أو تقدير.
ويؤكد أن التعليم هو الركيزة الأساسية لتحسين مستواهم. لكنه يؤكد صعوبة ذلك فهو يمتلك من الأولاد عشرة الذين التحقوا بالدراسة 2 منهم، والبقية أخرجهم للعمل لمساعدته في جميع مصاريف البيت.
ويروي قصة تمييز مجتمعي حصلت له شخصيا قائلا: تقدمت لخطبة فتاة من صنعاء وعندما عرفوا أنني أسكن في مدينة سعوان بادروا لفسخ الخطوبة.
ويقول موسى حسن راجح: نريد إدماجنا في المجتمع، فإذا كانوا قد خصصوا للمرأة 5% داخل الأحزاب والمؤسسات الحكومية فنحن نريد 1% فقط.
خلاصة ونتائج
رصد فريق المنظمة معاناة أبناء هذه الفئة بشكل كبير، ولمس وجود شعور بالتمييز الحكومي والمجتمعي يمارس ضدهم، كما رصد قصصا مأساوية لحالات إنسانية حرمت أدنى حق لها وهو الحق في العلاج، ومن تلك القصص قصة الشاب فؤاد محمد صالح عبادي الذي لم يتمكن من العلاج منذ حرب الحصبة إثر إصابته بطلق ناري في بطنه، فقد رفض مستشفى الشرطة علاجه كما يقول، ولم يتمكن من العلاج ضمن جرحى الثورة، وهو الآن يعاني من جراح نازف لايندمل منذ ذلك التاريخ حتى الآن.
ومما سبق فإن فريق المنظمة خلص إلى أن أهم مطالب "المهمشين" من مؤتمر الحوار الوطني تتلخص في إشراكهم في المؤتمر، ورفع مستواهم تعليميا، وإدماجهم مجتمعيا ووظيفيا، وإنشاء حزب سياسي خاص بهم، وإشراكهم في كافة الوظائف الحكومية، وجعل التعليم إلزاميا، وإعادة توطين المجتمع بما يضمن الحد من هجرة هذه الفئة وتوفير الخدمات اللازمة لهم في مناطقهم لمنع هجرتهم.
وتتركز مطالب فئات المهمشين على التعليم باعتباره الوسيلة المثلى لإدماجهم مجتمعيا، كما أنه سينهي كثيرا من مظاهر العزلة المجتمعية، وسينمي مستوى الوعي السياسي لديهم.
وتوصل فريق المنظمة من خلال نزولاته الميدانية لهذه الفئة إلى عدد من النتائج أبرزها " عدم وجود أي اهتمام حكومي بتنمية هذه الفئات، وغياب العمل السياسي للأحزاب في أوساط هذه الفئة واقتصاره على مواسم الانتخابات".
ووجد الفريق أن كثيرا من المشاريع التي تقوم بها منظمات محلية غير مفعلة، فهي تحجز مباني خاصة بها من المدينة المخصصة لهم، لكنها مغلقة ولاتفتح إلا أثناء الانتخابات، ولمس الفريق وجود استياء من عدم إشراك هذه الفئة في مؤتمر الحوار الوطني الأمر الذي عدوه انتقاصا من حقهم.
ورصد فريق المنظمة أثناء نزوله إلى مدينة سعوان السكنية شكاوى من اطفاءات للكهرباء بشكل أكبر من الاطفاءات التي تتم على الأحياء المجاورة، إذ يصل معدل الإطفاءات اليومية عليهم إلى 6 ساعات بينما الحارات المجاورة لاتصل إلى ساعتين، كما شكوا من عدم إيصال مشروع المياه إليهم رغم وجود أنابيب الماء.
ويحمل أبناء هذه الفئة نظرة سلبية عن الأحزاب ويقولون إنها لاتولي أي اهتمام بها، وفي المقابل يشكون من استغلال لأصواتهم أثناء الإنتخابات، كما لايسمح لهم بالمنافسة في الانتخابات.
ووجد الفريق أن غالبية هذه الفئة تعمل في قطاع النظافة، وتعتمد كثير من الأسر على التسول لتغطية احتياجاتها، كما وجد أن القطاع الخاص أيضا استوعب هذه الفئات في النظافة لا أكثر، حتى وإن تم تجنيدهم فإنه يتم استيعابهم في مهام النظافة في المعسكرات.
ويدعو ناشطون في أوساط هذه الفئات الأحزاب السياسية إلى الاهتمام بهذه الشريحة وإشراكها في أنشطتها والعمل على دمجها في كياناتها التنظيمية، حتى لاتكون عرضة لاستغلال الجماعات المسلحة.
وتحدث نشطاء لفريق المنظمة عن استغلال لحالة الفقر التي تعيشها هذه الفئات من قبل جماعات مسلحة، وعصابات المخدرات وظواهر اجتماعية سلبية.
وعن مصطلح التسمية لهذه الفئة يطرح نعمان الحذيفي رئيس الإتحاد الوطني للمهمشين مصطلح "الأخدام" كأفضل تسمية وهي لاتغضبهم بتأكيده للمنظمة.
ويأتي هذا التقرير الصحفي ضمن حملة منظمة سواء لمناهضة التمييز التي أطلقتها الأحد الماضي 7-10-2012 تحت عنوان "أنا يمني" والهادفة إلى إيصال صوت الأقليات السكانية في اليمن إلى مؤتمر الحوار الوطني.
وتسعى الحملة الإعلامية (أنا يمني) إلى تحقيق إجماع شعبي مساند لمطالب الفئات المهمشة، يسهم في الوصول إلى مخرجات إيجابية تعزز قيم المواطنة المتساوية وفرص المشاركة السياسية.
وتستهدف الحملة فئات المهمشين (الأخدام)، واليهود، كما أنها تسعى للوصول إلى جميع فئات المجتمع اليمني. وتنفذ على ثلاث مراحل.
ووفقا لأشواق الجوبي المدير التنفيذي بمنظمة سواء فإن المرحلة الأولى "تتمثل في تعريف المجتمع بمطالب هذه الفئات، ونقل معاناتها إلى مؤتمر الحوار الوطني، فيما تتمثل المرحلة الثانية في حشد الدعم المجتمعي لمطالب هذه الفئات عبر وسائل الإعلام من خلال استخراج مواقف مساندة لمطالب هذه الفئات السكانية وبما يجعل منها التزاماً أدبياً على مختلف فئات المجتمع يجب تحقيقها في مؤتمر الحوار الوطني".
أما المرحلة الثالثة – بحسب الجوبي – فهي عبارة عن حملة إعلامية ميدانية من خلال بوسترات ولافتات هدفها التوعية بمطالب هذه الفئات من مؤتمر الحوار الوطني، وتعزيز الوعي المجتمعي بقيم التعايش والقبول بالآخر.
وأشارت – المدير التنفيذي بمنظمة سواء لمناهضة التمييز – إلى أن "الحملة الإعلامية ستستضيف نحو 50 شخصية يمنية من مختلف الأطياف من سياسيين وعلماء ومشائخ وأكاديميين وحقوقيين وإعلاميين ونقابيين وبرلمانيين وعسكريين وقانونيين وفنانين، بما يسهم في تحقيق الدعم الشعبي لمطالب هذه الفئات".
وقالت الجوبي: إن الحملة تقام بجهود ذاتية من قبل القائمين على المنظمة. مشيرة إلى أن المنظمة لا تمانع من تحقيق شراكة تسهم في تعزيز قدراتها بتنفيذ هذه الحملة التي ستستمر لأشهر، مؤكدة أن المنظمة تسعى لتكون هذه الحملة هي الأوسع، سواء من حيث وصولها إلى شرائح المجتمع أو من حيث التفاعل الإعلامي معها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.