مثّل "اتفاق السلم والشراكة" حالة وفاق بالقوة القسرية، فرضها الطرف المنتصر، عسكريا، وبمؤازرة كل من أخذ بيده ليتوسع من دماج إلى العاصمة صنعاء، سواء كان ذلك المؤازر من خارج السلطة أو من داخلها أو من قبل الحارس الأممي للتسوية السياسية في اليمن، بحيث جاء ذلك الاتفاق وفق تعريف الحرب، لا السلام، الذي يعني: "فرض إرادة أو فرض وجهة نظر سياسية من قبل الطرف المنتصر على خصومه". وقد تقبله آخرون، دون أن يكون لهم فيه أدني نفع، وعلى إلحاح وطني جمعي، تحديدا بقية مكونات تكتل اللقاء المشترك، من غير التجمع اليمني للإصلاح المستهدف الأول من هذا الانقلاب الذي يسميه صانعوه، بهتانا، بمسميات ثورية! الآن، يجري الحديث عن طموح حوثي للتوسع في محافظتي مأربوالجوف، على نحو ما جرى في البيضاء وإب وذمار وبقية المحافظات، وبالمقابل يلاحظ أن موقفا سلبيا يبديه الرئيس هادي ومعه القيادة العسكرية العليا للجيش، اللذان يمارسان، إن ثبُت ذلك، دور المشعوذ أو الساحر، الذي ينصح مريديه الذين يشعرون بوساوس قهرية وأوجاع مؤلمة، أن يغادروا دورهم ويتركوا كل ما فيها من مقتنيات حتى لا يتفاقم المرض وتشتد أعراضه؛ لأن الجن سيهاجمون هذا البيت أكثر مما مضى، وأنه لا فكاك من هذا الداء إلا بالمغادرة أو الصبر على ما يجري إلى أن يقنع أولئك الجن طواعية بالكف عن ذلك! يا حاكم البلاد! والله ثم والله إنك ستساءل بين يدي الله- جل وعلا- عن رعيتك الذين تحملت مسئولية حمايتهم والدفاع عنهم، ثم لم تفِ بذلك، وإن ما تقوم به، الآن، ليس سوى الدور الذي يقوم به ذلك المشعوذ، حيث تتيح للشياطين الحوثيين استباحة مدن شمال البلاد، دون الجنوب، طولا وعرضا، فيقتحمون المدن ويسقطون وينهبون المعسكرات، ويخربون المعاهد والمساجد ومنازل المواطنين، وأنت ومن معك تلبّسون على العامة وعلى أنصاف الأفهام الذين يصدقونكم!! تذكر، إن نسيت، أن لديك محددا أخلاقيا وسياسيا وقانونيا، وإن فُرض هذا المحدد بالقوة والتآمر، وأن الكثير ينتظر تنفيذ بنوده التي ستحل كل المعاثر والصعاب المصطنعة أو المسكوت عنها، هذا المحدد هو "اتفاق السلم والشراكة" وقد قبل واستسلم له الجميع بعدما باركته دول الجوار ومجْمع العالم المتحضر في نيويورك، لتجعله غطاء للعمل غير السلمي الذي تعرضت له البلاد ومركز الدولة فيها، العاصمة صنعاء، من اجتياح مروع بزعامة جماعة الحوثيين وشركائهم .. فلماذا تذهب مذهب المشعوذ ولديك الدواء الناجع؟! هاكَ البند الثالث عشر من الاتفاق: "تعالج الحالة العسكرية والأمنية، والقضايا المتعلقة بعمرانوالجوفومأربوصنعاء وأية محافظات أخرى، بملحق هذا الاتفاق". وإليك البند 1 و2 من هذا الملحق إياه: 1 – تتعهد الأطراف بإزالة جميع عناصر التوتر السياسي والأمني، من أجل حل أي نزاع عبر الحوار، وتمكين الدولة من ممارسة سلطاتها. ويجب وقف جميع أعمال العنف فوراً في العاصمة صنعاء ومحيطها من جميع الأطراف. 2- تؤكد الأطراف ضرورة بسط سلطة الدولة واستعادة سيطرتها على أراضيها كافة وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني. هل يكفيك هذا؟ ثم أين اللجنة التي يجب أن تضطلع بتطبيع الأوضاع في عمران وبسط نفوذ الدولة فيها؟ مع العلم أنك أبو اللجان بلا منازع! وأين مصير ما وقع عليه في مسألة وجود " آلية، بمساعدة فنية من الأممالمتحدة، لتنفيذ توصيات مؤتمر الحوار الوطني الشامل المتعلقة ب "نزع السلاح واستعادة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من كافة الأطراف والجماعات والأحزاب والأفراد التي نهبت أو تم الاستيلاء عليها وهي ملك للدولة على المستوى الوطني وفي وقت زمني محدد وموحد" بحيث تتضمن تلك الآلية خطة مفصلة، وجدولاً زمنياً للتنفيذ ووفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني"؟ أين مصير البند الخامس من الملحق الذي ينص على" وقف جميع أعمال القتال ووقف إطلاق النار في الجوفومأرب فوراً، وانسحاب جميع المجموعات المسلحة القادمة من خارج المحافظتين مع ترتيب الوضع الإداري والأمني والعسكري"؟ وأين مصير البند الثامن من الملحق الذي يفرض أن" تلتزم الدولة بحماية المواطنين في محافظة البيضاء من خطر القاعدة وتقدم لهم الدعم اللازم، وتقف إلى جانبهم في مواجهة خطر القاعدة والارهاب"؟! وأعتقد أن الإرهاب ليس القاعدة وحدها من يصنعه، ولكن من يقتل النساء والأطفال والشيوخ ويدمر البيئة والتراث ويفسد الأخلاق ويمزق الأواصر الاجتماعية والوطنية، ويشرد كل أبناء تلك البلاد من بلادهم، وهم كما تعرفهم حين كانت بيوتهم ملاذا آمنا لك ولرهطك يوم أن نبذك قومك وحكموا عليك بالإعدام؟! اتق الله يا حاكم البلاد، واختم حياتك بذكر حسن يقال فيه: رحم الله رئيسا كان اسمه عبدربه هادي.