قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني علي البكالي إن لقاء الاصلاح بالحركة الحوثية جاء كضرورة هامة لتعديل مسار الصراع إلى المسار السياسي المخالف لرغبة القوى الاقليمية والدولية التي كانت ولا تزال تدفع باتجاه صراع طائفي في اليمن كما صنعت في بعض بلدان الربيع العربي. وأضاف في حديث خاص ل «الخبر»:« البيئة اليمنية ليست بيئة طائفية مطلقاً فالناس يعيشون ويتعايشون في مكان واحد وربما في منزل واحد مع تعدد انتماءاتهم، غير أن القوى الاقليمية والدولية كانت ولا تزال تدفع بقوة بهذا الاتجاه لتفرض على اليمن محاصصة طائفية ومناطقية في آن معا». وأوضح أن القوى الاقليمية كانت ترغب في صراعات طائفية تعم مناطق اليمن الشمالي سابقاً في حين يستعد الجنوب للانفصال أو للمحاصصة المناطقية فيغدو المشهد في إحدى طرفيه طائفياً وفي الطرف الآخر مناطقياً. وأشار البكالي إلى أن هذا الوضع الغير السوى والمجافي لطبيعة البيئة اليمنية والاجتماع التاريخي لليمنيين كان سيضمن للاعبين الدوليين استمرار السيطرة على القرار السياسي في اليمن والجزيرة لعقود قادمة. ولفت إلى أن الإتفاق الاصلاحي الحوثي فاجأ القوى الإقليمية والدولية مجتمعة وجعل استراتيجيتها التي عكف على تصميمها بن عمر طويلاً عرضة للتعري. واستطرد: «لا ننسى هنا أن القوى الاقليمية والدولية هي التي اعادة انتاج صالح ونظامه بثورة مضادة وهي التي وفقت بينه وبين الحركة الحوثية على أساس الوصول إلى الهدف المنشود وهو المحاصصة الطائفية المناطقية الكفيلة باستمرار الصراع». وتابع البكالي قائلاً: «لا مشكلة عند صالح وفصيله في المسألة الطائفية فصالح كما يعتقد يتحكم في شمال الشمال قبائله ومذهبه الثقافي ومن ثم كان سيتمكن من خلال المحاصصة الطائفية من إفراغ محتوى الحركة الحوثية في مذهبه الخاص أعني مراكز النفوذ التي يتحكم بالمجتمع من خلالها»، معتبراً اتفاق الاصلاح والحوثي بمثابة السهم في مقتل بالنسبة لصالح ومراكز نفوذه. وبيّن أن ما قام به الحوثيون ساعد الاصلاح كثيرا في التخلص من ثقالاته المتمثلة في مراكز النفوذ التي كانت تضغط على أنفاس قراره السياسي، ولكن بقيت نقائضها في حزب المؤتمر وعلى رأسها صالح وأسرته. وأفاد بأن ما يخشاه صالح وفصيله في المستقبل القريب هو أن يأتي الدور عليه كأحد أكبر مراكز النفوذ التي حالت دون بناء الدولة الوطنية طوال المرحلة السابقة، وكذا على مراكز نفوذ أتباعه وأنصاره. ويرى البكالي بأن ثمة قضية أخرى سيعالجها هذا التقارب بين الاصلاح والحوثي هي قضية الجنوب التي يزايد بها البعض لضمان استمرار نفوذه في السلطة دون أن يقدم حلاً يذكر للقضية نفسها وربما غدا مانعا من موانع حلها. وقال إن «البعض كان يراهن على أن الصراع الطائفي في اليمن أعني مناطق الشمال والوسط سيمكن للقيادات الجنوبية في تخليد السلطة والابقاء على القضية الجنوبية مفتوحة دون رد المظالم ومعالجة الأثار ورد الأراضي المنهوبة لتبقى فزاعة للابتزاز السياسي، ومن هنا سمحت قيادات جنوبية عسكرية بتدمير الجيش واستسلام وحداته لتبلغ هذا المطلب». وأضاف: «إغلاق هذا الباب وإسدال الستار على ما كان يخطط له من صراع طائفي سيعيد للمشهد السياسي فاعليته من جديد، لتنحصر المشكلة في نطاق الصراع السياسي». وبحسب البكالي فإن مؤسسات الدولة مصادرة ومفرغة، وأن عودة المشهد إلى الصراع السياسي سيخلق تحالفات جديدة ستتمكن من إعادة صياغة العلاقة بين مؤسسات الدولة وأجهزتها والمجتمع بشكل عام. ونوه بأن التحدي الأكبر اللحظة هو شكل نظام الدولة الاتحادي هل يتكون من اقليمين كما يطرح الاشتراكي والحراك أم من ثلاثة أقاليم كما هي طبيعة البيئة الاجتماعية لليمن أم أكثر كما اقتراح مؤتمر الحوار. وتوقع البكالي في سياق حديثه ل «الخبر» أن يغير الاتفاق بين الحوثي والاصلاح شكل بناء الدولة القادم من خلال المسألة لتؤول الأمور في النهاية إلى ثلاثة أقاليم بحسب البينة الاجتماعية التي تقضي بكون اليمن ثلاثة أوجه شمال وجنوب ووسط. وأردف: «لكن المسألة الأهم في هذا كله هي أن خارطة التحالفات السياسية الجديدة ستؤدي إلى تغيير مناطق التمركز ومراكز القوى في آن واحد، وسيدفع ذلك كله باتجاه التسريع في حسم القضايا العالقة ومنها الفيدرالية والدستور وموعد الانتخابات القادمة».