حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من لطم الرئيس هادي وضربه ضرباً غير عادياً ؟ ولماذا؟
نشر في الخبر يوم 02 - 02 - 2015

لا أريد أن أبدو مثالياً، لقد حاولت أن أكون كذلك لكني فشلت فشلاً ذريعاً، أعترف بأني فشلت أن أكون مثالياً، وأعترف بأني رسبت في ذلك يوم عرفت بأنه لا مثالية في هذا الكون رسبت، المثالية الحقة هي هناك في الجنة، أما في الدنيا فلا مثالية، حين عرفت تلك الحقيقة، أدركت بأني أبحث عن أمرٍ مفقود، فتوقفت عن المضي في ذلك الطريق، وأحببت أن أكون رجلاً واقعياً، أتعامل مع أناس أفضل أن يكونوا واقعيين، لأن أصحاب هذه النوعية، يتميزون بأن لديهم قضايا هم محقون بها، وأخرى مخطئون بها، لديهم أمور إيجابية، وأخرى سلبية، وهكذا هي طبيعة الحياة.
من هذا المنطلق أريد القول: بأن الذين يعتبرون بأن ماجرى ل عبدربه منصور هادي، أمرٌ لا يجب السكوت عنه، لأنه يمس شرف اليمن والجمهورية، وبذلك فهو يمس كل اليمنيون، بغض النظر عن مواقف هادي، بحجة أن المنصب الذي يشغله يمثل كل اليمنيون .
من يقول بذلك، هم الذين عنيتهم بأنهم يحاولون أن يكونوا مثاليون، لذلك فأنا أختلف معهم، لدي مبرراتي أضعها لهم كما يلي:
-أن منصب رئيس الجمهورية في اليمن، هو منصب شاغر منذ11أكتوبر1977م يوم تم اغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي، مذ ذلك التاريخ وحتى اللحظة، واليمن في تصوري بدون رئيس، لم يتولى هذا المنصب منذ ذلك التاريخ من يمكن أن نطلق عليه بحق، رئيساً للجمهورية اليمنية، رئيساً حقيقياً يقوم بتحمل مسؤولياته، ومهامه، التي يفرضها عليه هذا المنصب، تلك المسؤوليات التي تمكنه بحق أن يكون ممثلاً لليمن تمثيلاً فعلياً، وليس تمثيلاً قانونياً وحسب.
كل الذين شغلوا هذا المنصب منذ ذلك التاريخ، هم في حقيقة الأمر لم يشغلوه فعليهاً، هم فقط حاولوا الاستفادة منه، لذواتهم الشخصية والأسرية، كل ما فعلوه هي مشاريع لصوص، برعاية رسمية تحملت تكاليفها كافة مؤسسات الدولة، وكان المستفيد الأكبر من المسؤولين السابقين حتى اللحظة هو صالح.
ذلك الزعيم الذي أعترف له شخصياً بالزعامة، ليس لأنه قد نجح في زعامة الدولة، ولكن لأنه كان بحق زعيم عصابة متميز، هو لم يكن في يومٍ من الأيام زعيماً للدولة، الآن لست الوحيد الذي يقول ذلك، الجميع يرى بأنه كان جدير بهذا اللقب، فقد تمكن من تزعم أشهر عصابة حكمت اليمن لأكثر من33عامأً.

ولأن التاريخ يؤكد على الدوام بأن العصابات لا تدوم، وأن التاريخ لا يُجامل أحداً، مهما كانت المحاولات حثيثة لإخفاء أصولهم وتاريخهم، فقد ظل صالح ونظامه طوال تلك الفترة يحول الحياة اليمنية عن بكرة أبيها بما فيها تاريخ اليمن ذاته إلى حياة أسرة يقول بأنها أسرة صالحية .
لكن ثورة فبراير الشعبية في2011م جاءت فخلعته، أعتقد بأن التاريخ أراد أن يقول للشعب اليمني، بأن الذي حكمكم طوال أكثر من33عاماً ليس زعيم دولة، بل هو زعيم عصابة، ليس صالح، بل هو عفاش.
أتعجب لماذا يُمكن أن يُخفي رجلٌ حقيقة أصله ؟! ناهيك أن يفعل ذلك رئيساً للدولة !!!.
مذ ذلك التاريخ أصبح لقبه الحقيقي والدولي، هو المخلوع علي عفاش، وهو لا يزال يتلقى الألقاب بشكلٍ دائم، ففي الآونة الأخير حصل على لقبٍ لا يزال طازجاً، ناله عبر أشهر الفضائيات في العالم (مخلوع وألف مخلوع) طبعاً ناله ببركة، أحد أبواقه، يحيى العابد، الذي حاز هو الآخر على لقب جديد (حاوري، وهربي).
عندما يستمر الإنسان في الفعل (سواء كان ذلك الفعل خيراً أو شراً) فإن الإنصاف التاريخي، وربما الإلهي يقتضي كشف المزيد عن حقائقه التي ينطلق منها، هكذا تؤكد وقائع الأحداث والتاريخ لدى كافة المجتمعات الإنسانية.
يبدو أن الغالبية العظمى من قيادات الدولة في اليمن، حين يتولون مهامهم الحكومية، لا تكون مهمتهم سوى البحث عن أمرين الأول: أموال الخزينة العامة، أما الثاني: فهو الحصول على الألقاب المختلفة التي في الغالب تأتي نتاج الفعل الأول.
الحقيقة بأن الشعب اليمني هو الآخر لم يخذلهم، فلم يُقصر يوماً بمنحهم ما يستحقون عليه من ألقاب، وهم يحصلون عليها بجدارة قذارة المهام التي يقومون بها ضد هذا الشعب.
وبالعودة إلى موضوع هادي فإنه هو الآخر، لم يكن في يوم من الأيام، يمثل منصب رئيس الجمهورية اليمنية، خُدعنا به نعم، خذلنا كثيراً نعم، هو كسابقة خَدعنا حتى في اسمه الحقيقي، ولقبه، وقريته، ومسقط رأسه، يقال بأن اسمه الكامل: هو عبد الرحمن منصور هادي، من مواليد قرية ذكين، مديرية الوضيع، بمحافظة أبين، هكذا نشره موقع مأرب برس يوم الأحد 5يونيو- 2011م هذا التعريف وهو أفضل ما حصلت عليه، لأن مواقع أخرى ووسائل تواصل اجتماعي كثيرة، نشرة عن قريته ولقبه ما هو أسوا من ذلك بكثير.
وهذا يعيدنا للسؤال السابق: ما لذي يُمكن أن يدفع برؤساء الدول إلى إخفاء أسمائهم الحقيقة ومناطق نشأتهم؟!

أما موضوع ممارساته السياسية، فكل ما عُرف عن هادي بعد ذلك، أنه لم يكن في يومٍ من الأيام يمثل منصب رئيس الجمهورية، فلماذا يُطلب منا أن نتباكى علي ما حصل له، أو ما قد يحصل له؟!.
بداية أنا شخصياً غير قادر حتى اللحظة على تفسير ما جاء في مقال السيد رئيس الوزراء المستقيل خالد بحاج حاكياً عما نال هادي والتي جاء فيها (ما حصل لا يعمله عاقل، إذ تم ضرب شخص رئيس الدولة، ضرباً غير عادي) هذه العبارة التي حرصت أن أنقلها بالنص حسب ما ذكره موقع (مأرب برس، الخميس 29 يناير- 2015م) هذه العبارة وردت بصيغة دبلوماسية عالية، شخصياً أجد بأن (اللطم، والركل، والصفع، والطرح أرضاً، وغيرها، هي في تصوري أفعال لا تخرج عن إطار الضرب العادي -يوجد فرق بين الضرب العادي، وغير العادي، والمبرح- ما يعني بأنني عاجز عن تفسير ما هو غير عادياً في عملية الضرب الذي تلقاه هادي، والتي عناها السيد رئيس الوزراء).
الدكتور مروان الغفوري تحدث بشكل أكثر وضوحاً بقوله (أن الرئيس تعرض للطم) لا أدري إن كان قد فسر هذا الفعل من تصريح رئيس الوزراء، أم إنه حصل عليه بطريقته الشخصية من جهات سياسية أخرى.
في تصوري ما حصل ل (عبد ربه منصور هادي) من إهانة لا يمثل سوى ذاته الشخصي، لأنه سعى من خلال المنصب الذي وضع فيه، لتحقيق مكاسبه الشخصية.
أثبتت الحقائق بأنه لم يكن ينطلق في يوم من الأيام في كافة تحركاته، من منصب رئيس الجمهورية للقياد بواجباته ومهامه، لم تكن قراراته، وتحركاته، تمثل إرادة الوطن، رغبة الأمة، تطلعات وأهداف ثورة الشعب، بما فيها موضوع هيكلة الجيش اليمني.
صدقوني لو فعل ذلك، لم يكن ليناله في يومٍ من الأيام أي مكروه، لو انطلقت قراراته من واجبات رئيس الجمهورية، لوجد مليون شخص يقف لحمايته، مليون شخص يدافع عنه، مليون ثائر يذود عنه، الأصوات التي حصل عليها في الإنتخابات كانت أصوات حقيقية، لم تكن مزورة، تلك الأصوات بلغت ما يقرب من سبعة ملايين صوت، ناهيك عن التعاطف الشعبي الذي ناله قبيل سقوط عمران ثم صنعاء، والذي يعتقد الكثير بأنه قد فاق أعداد من لم يشارك في انتخابه، أضف إلى ذلك الذين كانوا سيلتفون حوله، إذا وجدوه منطلقاً من الموقف الوطني الصحيح، الموقف المنحاز لليمن فقط، ومصلحة الشعب فقط، دون تمييز ولا محاباة لأحد.
إذاً تعالوا معي لنتأمل بواقعية، هل كان بمقدور هادي أن ينطلق من منطلق رئيس الدولة الحقيقي ؟! ولو أنه فعل ذلك هل كان سيلاقي ما لاقاه اليوم ؟!
-كل الوقائع والأحداث تقول: نعم كان بمقدوره أن يفعل ذلك، لأن الرجل حصل على كل المقومات التي تمكنه من القيام بما يجب عليه القيام به، تلك المقومات كانت أيضاً ستمكنه من أن يُسجل لنفسه تاريخاً يمتد طويل جداً، ويسجل لوطنه مكانة مرموقة وتاريخية، لكن ما حصل، أن الرجل تنكر لكل تلك القوى التي وقفت إلى جانبه بكل صدق ووفاء، من عسكريين، وشعبيين، وأحزاب، ومثقفين، وعامة الناس.
تلك الجموع هي التي كان لها الفضل في إسقاط سلفه، برغم أنه كان يتحكم بكل مقومات الدولة، كان لدى هادي مد ثوري جرار، أضف إلى ذلك أيضاً: مجتمع داعم إقليمي، ودولي، وأممي، داعم، لكنه تنكر لكل ذلك، فتخلى عنه الجميع، في الداخل والخارج.
هادي خان الداخل، وراوغ الخارج، وتحالف مع أعداء الوطن اليمني والإقليم وربما الدولي.
بالنسبة للخارج لا يهمهم نوعية من سيتحالفون معه، لديهم شرط واحد فقط، من سيقوم بخيانة وطنه، ودينه، وأمته، للدفاع عن مصالحهم الشخصية، فذلك هو الأفضل، وهو الذي يستحق دعمهم ومساندتهم.
إذاً: ما عمله هادي هو في حقيقة الأمر، سلوك غير سوي، من خلاله أمات تاريخه، موتاً نهائياً لآلاف الأعوام، لا أعتقد بأنه سيكون لهذا الرجل، هو وحماره الذي يستخدمه في نقل أموال الشعب هنا وهناك، تاريخاً يمكن أن يُحشر في يومٍ ما، إلا أن يكون تاريخاً مذموماً، كمثال للخسة، والدناءة، واللؤم.
أما طعامهما الذي يأكلان منه، فإنه لم يتسنه، سيبقى اليمن طرياً، مِعطاء عبر التاريخ، لن يكون بمقدور هادي ولا صالح، ولا الحوثي، من النيل باليمن الحر، اليمن الأبي، مهما كانت العراقيل التي يحيكونها ضده.
نعود فنقول: هادي لم يتعامل مع الأحداث كرئيس دولة، لم يتعامل مع الأحداث منذ توليه الحكم، كزعيم وثق به الشعب، وأولاه مسؤولية القيام بتبعات هذا الوطن، هادي يا سادة تنكر لكل ذلك، وتصرف كرجلٍ أحمق، لم يكن يرى سوى مصلحته الشخصية فقط.
لذلك فلا يطلب مني أحدٌ أن استنكر ما جرى له، وما قد يجري لهذا الرجل، الذي رفض أن يتصرف كرئيس، وتصرف كفرد حاقد على الجميع عدى حماره (ولده) لا أدري لعل السبب أنه لا يزال في حاجة إليه، لنقل الأموال من مكان إلى آخر.
أنا اليوم لست متشفيا من هادي، بل أنا معتبراً، ومتأملاً، في الأطماع البشرية التي لا حدود لها، تلك الأطماع التي لا ترى في الآخرين كل الآخرين (الوطن، الثورة، معتقدات الشعب، أرواحه، دماءه، معاناته) سوى وسائل رخيصة، لتحقيق تلك الأهداف التي تصبوا إليها نفسياتهم المريضة، تلك الأطماع تجعل من القيادات لا ترى قضايا الأمة أكثر من درجات سلم يتم الإرتقاء عليها، للوصول إلى غاياتها الشخصية الدنيئة.
عشرات الآلاف من الأنفس منذ دماج حتى دخول صنعاء أزهقت، لأن هادي يريد أن يقضي على ملايين أخرى من أرواح هذا الشعب الذي ارتضاه حاكماً له.
أما أسبابه فإنها متمثلة في أنه يقال لإؤلائك إصلاح، وأؤلائك حوثيون، لذلك كان القرار أن يتم القضاء عليهم جميعاً، ليخلوا له الجو فيستمر معربداً في منصب رئيس الجمهورية، وكأنه يزال بن العشرين ربيعاً ينتظر عمراً زاهراً، كان هادي مستعداً أن يقدم كل كافة إمكانيات الدولة الدعم الطرفين.
هذا الرجل لم يكن ليخطر في باله بقية فئات الشعب، من المساكين الذين يعيشون في قمة معاناتهم، وآلامهم، وعوزهم، الذين أمّلوا أن يكون في هادي، ذلك النوع الإنساني البسيط، أحلامهم لم تكن كبيرة إلى ذلك الحد، المكان الذي يقفون فيه لم يؤهلهم إلى أبعد من أن يغادروه وحسب.
لا أدري إن كان يهتم لأولئك الأبرياء من أبناء الشعب، الذين لا ينتمون لأحد الفريقين، والذين سيقضون في ذلك الصراع، ولا أدري إن كان لا يعلم مالذي يدور في سوريا، والعراق، وليبيا، ولا أدري كذلك، كم كانت الأعداد التي تقرر أن تموت من أجل رغباته الوقحة، وتلك النزوات القذرة.
أقول ذلك، لأن هادي كان له وحده سلطة امتلاك القوة، وكان له وحده الحق في استخدامها، وكانت مخرجات الحوار تؤكد على أن يقوم هو بفرض إرادة الدولة على كل تراب اليمن، فكان بمقدوره أن ينزع سلاح الجميع، ويرغم الجميع على الإنصياع للدولة المركزية، ليقبلوا العيش كمواطنيين سلميين، يمارسون حياتهم مثل بقية أفراد الشعب، ومن أراد أن يكون له دوراً سياسياً ما، فعليه أن يسلك طريق ذلك، وكان بمقدوره أن يقضي على الطرف الذي يرفض ذلك، وكان الشعب سيقف بكل أطيافه إلى جواره -بغض النظر من يكون ذلك الطرف- إن ثبت حقيقة تمرد تلك الفئة من المجتمع، وثبت كذلك تلك الإرادة الوطنية من الرئيس، التي كان يتطلع إليها كل فئات الشعب.
الأعذار التي ذكرها هادي، لكي يتنصل من القيام بما كان يجب عليه القيام به، لا تختلف كثيراً عن السياسة التي مارسها على أرض الواقع، مستفيداً من موقع رئيس الجمهورية، تعالوا معي نمر علي بعضها مرور الكرام.
*- ما كان للحوثيين، أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم، بتلك الإمكانيات التي كانوا عليها قبل الخروج من كهوفهم، ما كان بمقدور الأموال الإيرانية أن توصلهم إلى ما هم عليه اليوم من القوة والزهو، كذلك ما كان بمقدور الأسلحة الإيرانية التي تم القبض على الكثير منها، وسجن العديد من العملاء الإيرانيون، كورقة ضغط على إيران وعلى الحوثي.
لو أن هادي مارس مهامه كرئيس للدولة من منصب رئيس الجمهورية، ما كان بمقدور كل ذلك أن يوصل الحوثيون إلى ما هم عليه اليوم.
وفي هذا المقام لا أحد يحدثني، عن الدور الذي لعبه صالح في هذه القضية، لأن الأوراق التي كان يملكها هادي، كانت كافية لكسر شوكة الجميع منذ وقت مبكر، والبقاء كرئيس لكل اليمنيين، وكان سيسجل لنفسه تاريخاً مشرفاً، وما كانت وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم، لكن أبرز ما فعله هادي تمثل في الآتي:
1- الطريقة التي قام بها في عملية هيكلة الجيش، ذلك العمل لم يكن في يومٍ من الأيام عملاً وطنياً، ولا عسكرياً، ولم يكن حتى عملاً شخصياً ذكياً، هادي لم يحتفظ حتى لنفسه بقيادات يمكن له أن يعتمد عليها لحمايته، ليتمكن من المضي في تحقيق مهمته، كانت كلها ترتيبات تحجم قدراته الشخصية أولاً، و خصوم خصومه الحاليين ثانياً.
2- عندما تقدم الحوثيون إلى دماج، قاومهم الطلاب بوسائلهم البدائية لأكثر من ثلاثة أشهر، وكانت وساطات هادي تقول لهم، إذا لم تنسحبوا من دماج فإن الطائرات الأمريكية ستقوم بضربكم، لم يُقل ذلك للحوثي.
3- حين تقدم الحوثيون إلى حاشد، كان هادي يدعم الحوثيون، ولم يدعم القبائل التي اضطرت إلى الدفاع عن منازلها، ومزارعها، وشرفها، ما أمكنها ذلك، لكن الدعم الحقيقي ولمادي والسياسي كان يقدم للحوثيون.
4- حين وصل الحوثيون إلى عمران، وطلب اللواء310بقيادة الشهيد القشيبي، الدعم من هادي ووزير دفاعه، كانت إجابة هادي، بأن قيادات في الجيش سترفض أوامره (هو يتنبأ للمستقبل، أو يحرضهم على فعل ذلك، طبعاً هادي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا أدري بشأن أوامر وزير دفاعه، هل كان أؤلائك الضباط سيرفضونها أيضاً) ألم يكن بمقدور هادي أن يُصدر أوامره، وحين يرفضها الضباط، يصدر أمراً بتغييرهم وإحالتهم إلى المحاكمة العسكرية ؟!
لو كان هادي صادقاً في ذلك، لوجد آلآف القيادات العسكرية الوطنية، جميعها تهب لتنفيذ توجيهاته، لوجد مئآت الآلاف من الجنود والمتطوعين، الذين سيتسابقون للقيام بتلك المهمة الوطنية، لكنه لم يفعل !!!
ما فعله هادي، أنه ذهب بعد سقوط عمران، ويوم تشييع جنازة الشهيد القشيبي، إلى تسليم محافظة عمران يداً بيد، في عملية غبية واستفزازية صارخة للشعب اليمني كله.
5- ما حصل في صنعاء كان أكثر وضوحاً، وكان أكثر فضحاً لممارسات هادي السيئة، واستغلاله لموقع رئيس الجمهورية، في التمكين لجماعة مسلحة تستقوي اليوم بسلاحها، على كل الشعب لكي تعيث في اليمن فساداً.
6- ما فعله مع أبناء قبائل أرحب، لم يكن يخرج عن ذلك النطاق.
ما قلناه هنا هو فقط غيضٌ من فيض، مما قام به هادي عبر منصب رئيس الجمهورية.
لا أعتقد بأن أحداً بعد هذه الحقائق التي عايشها الشعب كله وبكل تنوعاته، وما خفي كان أعظم، يمكن له ألا يعتبر هذا الرجل خائناً لقسمه، وشرفه العسكري، ودينه وأمته، ولكل من وقف معه، وإلى جواره بصدق.
إذاً: كيف لي أن أستجيب لمن يطلب مني مناصرة هذا الرجل بعد كل ما فعل، كيف لي أن أتعاطف مع هادي بحجة أن ما جرى له، قد جرى لمنصب رئيس الجمهورية، وليس لهادي.
ولماذا يمكن أن يُطلب مني ذلك؟!
هل لأن هادي كان منهمكاً على رباعيته، يضع الخطوط الحمراء التي ستوقف الحوثي، ليس في محيط قصره ولا منزله، بل على حدود سرير غرفة نومه، أليس ذلك ما تنبأ به رساموا الكاريكاتير منذ ما قبل عمران، تلك الخطوط لم يحترمها الحوثي عندما اقتحم منزله، ولازالت الأيام القادمة توعدنا بالمزيد من كشف مما فعلوه به.
هل نحن الآن متفقون أعزائي الكرام، بأن منصب رئيس الجمهورية، لا محل له من الإعراب، إلا فيما يخدم هذه الفوضى، التي يتحمل تبعاتها السيئة كلها، الشعب اليمني وحده من أقصاه إلا أقصاه.
البعض اليوم يريد أن يحمل هذا الشعب أيضاً ما وصل إليه حال أولائك القادة، الذين مارسوا مسؤولية مهام رئيس الدولة بشكل خاطئ فانقلبت عليهم، هل يريدون أن يتحمل الحكام وحدهم، الخيرات التي نالوها من خلال هذا المنصب، أما سيئاتها فيحملونها الشعب أيضاً ؟!.
إذاً: دعونا نخلص إلى القول: بأن من لطم هادي وضربه ضرباً غير عادياً هم الحوثيون، هم ألائك الذين استقدمهم هادي و أيقضهم حين كانوا نائمين في كهوفهم، هم الذين حثهم هادي على المضي سريعاً، للقيام بهذه المهمة التي سبق الإشارة لها.
أما لماذا حصل كل ذلك لهادي، وهو الذي خدمهم بتلك الطريقة، وأوصلهم إلى ماهم عليه اليوم؟!
فإن الجواب يكمن أولاً: بأن هادي قبل الإهانة على نفسه وتاريخه (ومن يَهُن يسهل الهوانُ عليه).
وثانياً: بأن طبيعة تلك الجماعة أنها تكافئ من يقدم لها مثل تلك الخدمات بالطريقة التي تجيدها، وهذه الممارسات هي أفضل ما تجيد ممارستها، والدليل بأن مثل تلك الممارسات، لم تكن من نصيب هادي وحده، بل وصلت حد كبار كل الذين خدموا الحوثي في الوصول إلى غاياته، وانتهت خدماتهم، ومنهم على سبيل المثال:
الشيخ علي حميد جليدان، حليفهم الاستراتيجي الذي كان له الدور الأكبر في إسقاط قبائل حاشد، هو في حقيقة الأمر استلم أجور قيامه بتلك المهمة القذرة، وبعد أن قدم الخدمة المطلوبة منه، انتهت خدمته، وكانت الجائزة التي سُلمت له نظير ذلك هي جائزة تكريمية (مِلطام) الثمن كما قلنا استلمه من سابق، وعندما تم تقديم تلك المكافئة له بتلك الطريقة المهينة، لم يراعوا فيها مكانته الإجتماعية وسنه الكبير، أعتقد أنهم لا يعتبرون في ذلك ما يعيب.
وأخيراً: هناك في المقابل، نماذج من الذين تم إنهاء خدماتهم، تعاملت معها الجماعة بنوع آخر من التعاملات، ذلك التعامل كان مُختلفاً، أعتقد أن السبب يعود إلى نوع المواقف التي واجهت الحوثي من تلك النوعيات، التي كان منها على سبيل المثال:
الشهيد حميد القشيبي: هذا الرجل كانت طريقة التعامل الذي حصل عليه من قبل الجماعة، مختلفة تماماً عن الطريقة التي حصل عليها آخرين، السبب أن القشيبي وجد فيه الحوثيون بوضوح، ذلك الشموخ الذي عُرف عنه، والذي كان سجية من سجاياه عليه رحمة الله، كانوا يدركون بأن هامته المرتفعة التي بلغت عنان السماء، لأن تلك البقعة حتى للحظة، لم تتمكن طائرات وصواريخ الفضاء من الوصول إليها.
كان غباء الحوثيون يقول لهم، بأن سبب ذلك الشموخ هي عصاه، التي يتكئ عليها، وكان يهش شبها على بعض غنمه في المعسكر310الذين كان منهم أولائك الذين تمثلوا في ال700جندي من أبناء الجنوب، الذين فروا من المعسكر، إثر ترتيبات مع هادي القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير دفاعه، أما غالبية الباقين فقد كانوا أسوداً، لم يكن لأحدٍ منهم أن يخون شرفه العسكري ووطنه وأمته.
لذلك عمد هادي ووزير دفاعه مرة أخرى، إلى القيام بترتيبات جديدة، تمثلت بالدخول إلى المعسكر عبر لجان الوساطات، كان هدف تلك اللجان محدداً ومعروفاً، وهو تسليم رأس القشيبي، ثم الدخول إلى المعسكر للقضاء عليه، لأنه كان عصياً على الحوثيون، برغم الدعم الهائل المقدم لهم من هادي ووزير دفاعه.
حين وصول الحوثيون مع تلك اللجان إلى داخل المعسكر، ولقاء القشيبي، عمدوا بداية إلى قطع عصاه، قطعوها إلى قطع كثيرة، معتقدين جهلاً أن ذلك العملاق سيقع، لكن شموخه كان أكثر بكثير مما سمعوه عن بعد، فعمدوا إلى قطع ذراعه، فلم ينكسر، ثم عمدوا إلى قطع رجله، فلم يزده ذلك إلا رفعة وعلواً.
هم لا يفهمون بأن شموخ الرجال لا يكون فقط عبر هاماتهم، الشموخ الحق هو ذلك الشموخ القيمي، الأخلاقي، الذي يستمدوه من قيمهم، ودينهم، وأخلاقهم، ووطنيتهم، وشرفهم العسكري الذي أقسموا عليه، إن كانوا عسكريين.
قضى الشهيد القشيبي، اعتقد الحوثيون وحلفائهم -صالح وهادين- بأنهم قد نالوا منه، كانوا فرحين بذلك النصر الزائف، يعتقدون ذلك لأن تفكيرهم سطحي، هم لا يعرفون بأن القشيبي سيبقى بذلك الشموخ آلاف السنوات، سيبقى القشيبي أسطورة تاريخية، سيكون عمره أكبر بكثير من عمر كل من تآمر عليه وقتله، ذلك الدور لم يحصل عليه الشيخ جليدان، ولم ينله هادي .
كنت في مقال سابق بعنوان (السقوط الأخلاقي) قد تحدثت بأنه حتى الموت، يرفض أن يأخذ الساقطين أخلاقياً أخذاً كريماً أو مشرفاً، هذا الشرف بنظري لن يحصل عليه، لا صالح، ولا هادي، ولا وزير الدفاع، ولا جليدان، ولا غيرهم ممن سقط أخلاقياً، بما فيهم الحوثي نفسه .
الذي أريد أن أعرفه الآن هو: هل يُدرك صالح بأن له، هو الآخر مصيراً ينتظره من حليفه الحالي الحوثي؟!
هل يعلم بأن له احتفالاً خاصاً به، لإنهاء خدمته ؟!
المؤشرات التي تؤكد ذلك كثيرة، ولعل أشهرها، أنه المتهم الأول، الذي قتل مؤسس الجماعة الحوثية، الضابط جواس بعد حوار يحيى العابد في الجزيرة، الأسبوع الماضي، الذي أراد أن يقول بأن صالح رحب بأسر حسين الحوثي، ولم يتمكن من استكمال الموضوع لكن ما أشار إليه سياق الكلام، بأن صالح لم يكن يريد قتله، وأن الضابط جواس هو الذي فعل ذلك.
الأمر الذي دفع بالضابط جواس إلى أن يُصرح لبعض المواقع الإخبارية، في إشارة ضمنية أيضاً، إلى أن لديه أقوال جديدة، وحقائق مغايرة عن مقتل حسين الحوثي، وكأنه يريد أن يقول هو الآخر، بأن صالح هو الذي وجه بعملية القتل.
أما دلائل الاستعداد لحفل إنهاء خدمة صالح، فإنها تتمثل في نهب ما قيل بأنه يساوي70% من أسلحة الدولة، وأن تكلفته تقدر ب12مليار دولار، وهذه من المواضيع التي خالفها الحوثي في اتفاقه مع صالح في تحالفهما، لم يمنحه صالح سوى الأسلحة التي هي موجودة في الفرقة الأولى مدرع، وهي أسلحة قديمة ومتهالكة، لكن الحوثي أضاف إليها الأسلحة المتواجدة في اللواء الرابع حراسة رئاسية بجوار التلفزيون، ومؤخراً ما تم نهبه من دار الرئاسة.
كان صالح حريصاً ألا يصل في أيدي الحوثيون شيء من أسلحة الحرس الجمهوري، التي يعرف جيداً نوعيتها وجودة تسليحها، لكن الحوثي لم يتقيد بتلك التعليمات، فكانت هذه واحدة من أهم النقاط التي وترت الأمور بين الحليفين وأبقتها كذلك حتى اللحظة، كونها أكدت نوايا الحوثي المبيتة في إقامة حفل إنهاء خدمة لصالح.
السؤال هو لماذا كل هذه القوة التي يعدها الحوثي، لا يوجد مع أحد قوة موازية إلا صالح، فهل كل طرف يعد لحفل توديع وإنهاء الخدمة للطرف الآخر؟!
الأحداث والمؤشرات والتحاليل المقربة من كلا الفريقين، والمعرفة التامة لطبيعة التنظيمين، كلها تؤكد تلك التحليلات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.