حذر مساعد ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر من خطورة الأوضاع في اليمن، وقال إن «الوضع خطير جدا، واليمن على حافة الانهيار، وإذا لم يتم احتواء الموقف فسوف تدخل البلاد في حرب أهلية». واتهم مبعوث الأممالمتحدة، في لقاء له بعدد محدود من الصحافيين بصنعاء أمس، القبائل باحتضان تنظيم القاعدة، وقال: «لأول مرة في اليمن نجد القبائل تحتضن عناصر تنظيم القاعدة»، ووصف الوضع في جنوب البلاد بأنه «خطير»، وأن «السبب الوحيد لعدم انفصال الجنوب هو تشرذم الحراك الجنوبي وعدم اتفاق فصائله ومكوناته وعدم وجود قيادة موحدة». كما اتهم بن عمر كل القوى السياسية في الساحة اليمنية بتحمل مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع «وما يحصل، حاليا، منذ اندلاع المعارك في دماج (محافظة صعدة بين السلفيين والحوثيين)، وحتى الآن». وأشار إلى أن هناك أطرافا في الساحة اليمنية كانت تراهن على أن تدخل الدولة اليمنية في حرب مع الحوثيين، وأن «كل طرف نظر إلى المسألة من منظار ضيق ومصالحه الخاصة». ودافع المبعوث الأممي عن نفسه وعن المنظمة الدولية إزاء الحملات الإعلامية التي تستهدفهما، مؤخرا، في وسائل الإعلام اليمنية، والتي يتهم بعضها بن عمر بأنه يشرعن لما يسمى انقلاب الحوثي على السلطة. وقال: «ليست لنا أي سلطة على اليمن، لكننا نقدم النصح وفي بعض الأحيان يتم الاستماع إلينا ويؤثر نصحنا»، مؤكدا أن «الحملات لن تؤثر علينا»، كما أكد أن الموقف التقليدي للأمم المتحدة هو دعوة الأطراف لحل النزاعات عبر الحوار، واستشهد بتمكن الأممالمتحدة من التوصل إلى اتفاق السلم والشراكة، بينما كانت تدور الحرب. وأردف: إنه «ليست للأمم المتحدة مصالح في اليمن.. لا شركات، ووجودنا هو في الجانب الإنساني منذ زمن بعيد، ومهمتنا السياسية تتمثل في تقريب وجهات النظر، وهذا ما نقوم به منذ عام 2011»، مشيرا إلى أن المنظمة الدولية «ليست لديها عصا سحرية». وانتقد بن عمر كل الأطراف، وبينها الطرف الرسمي، الذي اعتبر أنه اتخذ قرارات وأقدم على خطوات مفاجئة كانت لها آثارها السلبية على البلاد، بصورة عامة. وضرب أمثلة، على ذلك، بقرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي اتخذته الحكومة، رغم النصائح بالتأني فيه وعلى أن يكون على مراحل ويبدأ بنسبة 20% ، حسب نصيحة البنك الدولي نفسه. وأشار إلى أن «البعض يريد أن يكون ملكيا أكثر من الملك نفسه»، وضمن الأمثلة، أيضا، أنه تفاجأ بقرار التشكيل الحكومي الأخير بعد مغادرته اليمن إثر سلسلة من النقاشات والحوارات بهذا الخصوص. وقال: «أنا دبلوماسي، ومهمتي الأساسية هي مساعدة الأطراف للتوصل إلى حلول للمشاكل والنزاعات، لكن ما نلاحظه هو عدم اعتراف القوى السياسية اليمنية بارتكاب الأخطاء.. هناك كلام يطرح في القاعدة (داخل الحوار) وكلام آخر يطرح خارجها»، من قبل القوى نفسها. وتجنب بن عمر الحديث عن السيناريوهات المحتملة والمتوقعة بعد انقضاء المهلة التي حددها الحوثيون للقوى السياسية اليمنية للتوصل إلى حل لسد الفراغ الدستوري الذي أوجدته استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وحكومة الكفاءات برئاسة خالد محفوظ بحاح. ونفى الأنباء التي ترددت عن انسحاب تكتل أحزاب (اللقاء المشترك)، من المشاورات التي يجريها مع مختلف الأطراف من أجل التوصل لحل للأزمة السياسية، وقال إن «هناك أزمة ونقاشا بين الأطراف السياسية، والمشكلة قائمة»، مؤكدا أن أحزاب «اللقاء المشترك» مستمرة في النقاشات، وأنها لم تنسحب منها، كما روجت لذلك بعض وسائل الإعلام. وأشار إلى أن «التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري هو الوحيد الذي علق مشاركته في المشاورات ولم ينسحب، فيما أحزاب (المشترك) طلبت مهلة للتشاور في ما بينها، ونتوقع أن تخرج بموقف أو مبادرة جديدة خلال الساعات القليلة المقبلة». وفي سياق انعكاس التطورات السياسية والأمنية على حياة المواطنين اليمنيين، علق جمال بن عمر بالقول: إنه «لم ير شعبا صبورا كما الشعب اليمني خلال فترة عملي في الأممالمتحدة لأكثر من ربع قرن». وأكد بن عمر أن اليمن يعاني من «موضوع السلطة والصراع عليها وهو أمر ما زال مطروحا»، وأنه «لا يمكن أن يخرج اليمن من هذا الوضع إلا باتفاق سياسي»، وأنه يسعى في هذا الاتجاه لتجنيب اليمن انهيار العملية السياسية. وتحدث، في لقائه عن الدعوات التي تطلقها بعض الأوساط والقوى اليمنية للمجتمع الدولي من أجل التدخل، وقال إن «المجتمع الدولي يريد استقرار اليمن، والعملية السياسية يجب أن يقودها اليمنيون، والمجتمع الدولي هو داعم ونحن نزكي أي اتفاقات إلا ما لا يتوافق منها مع معايير الأممالمتحدة، لأن فكرة قيامها، أصلا، هي من أجل حل النزاعات بالطرق السلمية والحوار». وسخر المبعوث الأممي من بعض العناوين التي تصدرت الصفحات الأولى في بعض الصحف المحلية والتي تحدثت عن طلبه من القوى السياسية أن تطلب من الأممالمتحدة تمديد مهمته في اليمن لعامين مقبلين. وقال إن «هذه فبركة من أطراف سياسية، ومهمة الأممالمتحدة يحددها مجلس الأمن الدولي ودورها غير محدد بفترة زمنية»، وقال، أيضا، إن «بعض القيادات السياسية فشلت وتريد أن تحمل وترمي بفشلها على الأطراف الخارجية». واتهم بعض الأطراف السياسية اليمنية بأنها «منافقة، تشارك في النقاش حول دمج (الحوثيين) في الجيش والأمن بعشرين أو ثلاثين ألف شخص، وفي الشارع تطلب من الشباب إحراق صورتي بتهمة الشرعنة للحوثيين». وتطرق جمال بن عمر إلى مشاوراته التي يقوم بها، وأكد أنه «رغم كل الصعوبات استمعت إلى الجميع، وما زلت أصر على أنه بالإمكان الخروج بحل، وهناك في كل أزمة فرصة وربما أخيرة».