لا يوجد فرق بين سرقة الإخوان المسلمين لثورة الشباب في 2011 واستغلال جماعة الحوثي لتردي الأوضاع وانتفاضة الجياع في2014، فكلاهما مغرم بكرسي الحكم والاستحواذ على السلطة على حساب آمال وطموحات الشعب في التغيير، واختطاف وسجن وتعذيب كل من وقف ضدهم، أو عارضهم. وبنظرة سريعة لما قامت به جماعة الحوثي بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ايلول عام 2014 نجد أنها لا تمت بصلة إلى القاموس السياسي أو التعايش والشراكة، والتي طالما تغنوا بها في خطاباتهم الرنانة، بل تكشف كيف تحولت من حركة ثورية شعبية كما تدعي، إلى حالة ميليشياوية وجماعة عصبوية تقوم بالتعذيب والقتل، وكيف حولت السجون ومراكز الاحتجاز إلى سلخانات. إذن ما الفرق بين سرقة الإخوان( حزب الاصلاح الاسلامي) لثورة 2011 وتقاسم السلطة وترك جرحى الثورة بدون علاج والاعتداء عليهم بالضرب واختطاف وتعذيب الشباب والناشطين السياسيين من قبل جماعة الحوثي بعد ثورة 2014؟ لا شيء النتيجة واحده، وإن اختلفت الوسائل والشعارات، فكلاهما لا يؤمن بالشراكة الوطنية واحترام حرية التعبير. فالحوثيون يمارسون التعذيب والاختطاف للمعارضين، ولا يتورعون عن تهديد الآمنين، ولا يتوقفون عن تشويه المخالفين بالرأي والفكر، يمارسون كل أنواع الإرهاب النفسي للرافضين. إنهم أسوأ من ميليشيات الإخوان. ليس فقط لأنهم يحملون السلاح، وإنما أيضا لأنهم يحتكرون شرعية استخدامه تحت غطاء الدولة وسلطة القانون بعد أن سيطروا على القرار السياسي في البلاد. ولعل الطريف أن هؤلاء الحوثيين يلومون الإخوان على سرقة ثورة 2011 للوصول للسلطة وأخونة الدولة، في الوقت الذي يصنفون أنفسهم باعتبارهم جند الرب الذي يأمرهم فيطيعونه، ويحتكرون تمثيل الرب على الأرض وتحويل الإيمان إلى سلطة. فالدوله باتت أشبه بفيروس متغلل في كل المؤسسات، وعناصر الجماعة موجودون الآن في كل مكان ومنتشرون داخل أجهزة الدولة ومسيطرون على الإعلام يمارسون كل أنواع التحريض والإرهاب النفسي والمعنوي ضد مخالفيهم في الرأي وفي التوجه السياسي وطريقة إدارة الدولة ومؤسساتها التنفيذية والقانونية، ويحرضون عليهم علانية، ويخططون لحل حزب الإصلاح الإسلامي المعارض لهم في أقرب فرصة ممكنة، بحجة حماية الوطن ووحدته من «الدواعش». لقد وصل الأمر إلى أن أصبح المواطن العادي الذي يقف ضدهم «داعشيا»، بل أصبح من المؤكد أنهم سبب حقيقي لظهور «الدواعش» للحد الذي استفاد تنظيم القاعدة من استفزازات الحوثي في تعبئة أبناء السنة وتحشيدهم لأن الحوثيين أصبحوا يطبقون ما اشتكو منه في السابق. لقد أثار ظهور جماعة الحوثي في اليمن وصعودها الدراماتيكي الصاروخي وسيطرتها على العاصمة صنعاء في21 سبتمبر/ايلول 2014 وإسقاط الدولة والحكومة وتفردها بالقرار السياسي في البلاد الكثير من التعليقات والتحليلات والتكهنات وهي في مجملها ترجع إلى طبيعة هذه الجماعة المنضبطة، وقوتها وسرعة تمددها المفاجئ في كثير من المحافظاتاليمنية بعد أن كانت محاصرة في كهوف مران من محافظة صعده. فبعد أن أسقطت هذه الجماعة محافظة عمران وأحكمت السيطرة على العاصمة صنعاء، وصولا إلى طرحها ما أطلق عليه الإعلان الدستوري الذي يعتبر آخر حلقة من مسلسل السيطرة على السلطة، وأكثر الأسئلة التي أثارتها ظهور جماعة الحوثي تمحورت حول تبعيتها لإيران، وتحالفها مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح وقوات الجيش الموالية له في ظل صمت عربي ودولي رهيب حيال ذلك. كما ترجع إلى ما قامت به من أعمال تفجير ونهب منازل ومقار ومعسكرات الجيش الموالية لجماعة الإخوان المسلمين. إلا أن تحليلات وتكهنات قليلة وجدت خيطا يصل بين جماعة الحوثي والولايات المتحدةالأمريكية بدأت تتكشف أجزاء منه أخيرا. ويمكن في سياق البحث عن رابط بين أمريكا وجماعة الحوثي إيراد وقائع يمكن أن تكون قاعدة لبحث أعمق وأشمل فهم جماعة تتلقى الدعم من إيران وترفع شعار «الموت لأمريكا» لكنها في الوقت نفسه عدوا لدودا لتنظيم القاعدة. لقد استطاع الحوثيون خلال مدة قصيرة تحقيق ما لم تستطع أمريكا والجيش اليمني تحقيقه في الحرب ضد تنظيم القاعدة خلال سنوات من التعاون المشترك في مجال مكافحة الإرهاب، كما أن الشعار الذي ترفعه الجماعة ( الموت لامريكا، الموت لإسرائيل) لا يندرج، حسب رأي محللين، سوى في خانة سعيها إلى استمالة استقطاب مناصرين جدد لها من بقية المحافظاتاليمنية، وربما من دول عربية وإسلامية أخرى خارج اليمن، مثلها في ذلك مثل كثير من الجماعات الإسلامية التي عملت على توظيف عدائها أو مقاومتها لإسرائيل لزيادة تلاحم الشعب حولها، فاقترفت ما اقترفت هذه الجماعات من أعمال بحق هذا الشعب. كما أن أمريكا تعرف أكثر من غيرها أن جماعات إسلامية، مثل جماعة الحوثي، ليست سوى أدوات بيد من يمولها. لهذا نرى الأمريكان يتحاشون توجيه أي انتقادات لجماعة الحوثي لأنهم لا يرون فيها ما يشكل خطرا عليهم في الوقت الحالي، مما يؤكد أن هناك تعاونا مخابراتيا بين جماعة الحوثي وأمريكا عبر المخابرات الإيرانية يهدف إلى التخلص من الجماعات الإسلامية المتطرفة في اليمن التي تتهمها أمريكا بدعم وتفريخ الإرهابيين، وهذا يدخل ضمن التعاون الأمريكي الإيراني المشترك في مكافحة الإرهاب.