تتسع الهوة أكثر فأكثر بين رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر رغم محاولات عدة لقيادات مؤتمرية للجمع بين الرئيسين هادي وصالح إلا أنها سرعان ماتفشل بسبب اتهامات متبادلة من أن قرارات الأول تصب في صالح علي محسن والاصلاح، بينما يتهم الثاني بأنه لايكف عن وضع العراقيل في طريق المبادرة ومحاولته للبقاء كمؤثر في المجال السياسي، وتبقى مسألة اصرار صالح على رئاسة المؤتمر هي المعضلة التي لم يوجد لها حلا حتى الآن، وبالذات حين ينقل عنه تمسكه بها وعدم تخليه عن الرئاسة إلا من خلال انتخابات مازال يجري التحضير لها وهو مايخشى معه انقسام المؤتمر. وعلى هذا الصعيد يحاول رئيس الجمهورية حل إشكال كهذا من خلال تهيئة الظروف لسفره للعلاج في الخارج وهو ماطرحه -بحسب مصادر دبلوماسية- على المستشارة الألمانية حين التقاها في زيارته الأخيرة لبلدها والذي بحسب هذه المصادر قد أبدت تفهماً، إلا أنها طلبت دعما سعوديا في هذا الموضوع قبل أن تتراجع بسبب الحكومة الائتلافية التي ترأسها والانتخابات التي ستجرى نهاية العام والذي من الممكن أن يستغل أمر كهذا للدعاية المضادة. موضوع كهذا استدعى من الرئيس زيارة قصيرة للمملكة قبل عودته لليمن مطلع الشهر قبل الماضي. وقالت مصادر موثوقة ل"الوسط" إن أهم ما تم مناقشته في اللقاء القصير مع الملك عبدالله هو الخطر الإيراني وتدخله في اليمن، وكذا طلبه تدخله في إنجاح عملية تسفير رئيس المؤتمر والذي وعد بطرحه على بعض رؤساء الدول الراعية للمبادرة. إلى ذلك أكدت مصادر موثوقة للوسط أن رئيس الجمهورية قد استقبل بداية الشهر مستشار الملك عبدالله ومبعوثه الشخصي الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات الذي وصل اليمن في زيارة سرية وغير معلنة. وفيما لم يتسنَّ ل"الوسط" معرفة أسباب الزيارة إلا أن مصادر رجحت أن تكون بخصوص تمادي التدخل القطري والإيراني في اليمن وكذا تعثر استكمال السور الحاجز بين البلدين جراء تعرض قبائل وائلة ومنعها الشركة المنفذة من مرور السور على أراضيها، بالإضافة إلى المعيقات التي تقف أمام السير في استكمال بنود المبادرة الخليجية كما طرح للرئيس مساعي الملك في إيجاد دولة تستقبل صالح للعلاج والذي تم الاتفاق على إيطاليا. مصادر ل"الوسط" أكدت استلام رئيس المؤتمر للتأشيرة إلا أنه طلب تأشيرات أخرى لمرافقيه فيما لايعرف بعد ما إذا كان سيغادر البلاد للعلاج قبل أن يلتقي برئيس الجمهورية لبحث نقاط الخلاف والاتفاق على مستقبل المؤتمر ومصير الحرس الجمهوري في ظل المضي بهيكلة الجيش. إلى ذلك وفي مايمكن اعتباره ترتيباً لاحتمالات غير متوقعة علمت "الوسط" من مصادر موثوقة أن المؤتمر الشعبي قد باع 51 % من حصته من شركة شبام للإنتاج الإذاعي والإعلامي التي تعد المالكة لكل من قناة (اليمن اليوم) وإذاعة (إف إم) وصحيفة (اليمن اليوم) لشركة (أفشور) الذي تم تسجيلها في لبنان دون علم رئيس الجمهورية -أمين عام المؤتمر – عبدربه منصور هادي. وقالت المصادر إن الشركة المذكورة تمثلت مساهمتها بالأرض الواقعة خلف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة المقام عليها هناجر استديو القناة والذي تم تثمينها بثلاثين مليون دولار، مع أن الأرض تم منحها بداية هذا العام مجانا لجمعية الصالح، الذي يرأس مجلس إدارتها قائد الحرس احمد علي عبدالله صالح والمشرف على شركة شبام الاعلامية. وقالت مصادر خاصة ل"الوسط" إن الرئيس ابدى غضبه حين علم بالبيع من قبل وزير الاقتصاد والتجارة حيث استدعى قيادات في المؤتمر منهم الدكتور الإرياني وبن دغر وسلطان البركاني الذين أكدوا عدم علمهم بأمر البيع واستبعدوا ذلك، وهو مادعا الرئيس لتكليف الأمين العام المساعد لشؤون الإعلام للالتقاء برئيس المؤتمر الذي نفى نفيا قاطعا علمه بعملية البيع ووجهه بالتأكد من قائد الحرس الذي بدوره أكد عملية البيع. مراقبون اعتبروا عملية البيع الوهمية التي حدثت القصد منها تملك رئيس المؤتمر وعائلته النصيب الأوفر من حصة شبام لبناء امبراطورية إعلامية خاصة تتفرد بالإدارة وبالتحكم بالسياسة إلإعلامية بعيدا عن موجهات وسياسة المؤتمر الذي هو من سيقوم بالصرف على هذه الوسائل خاصة، وأن المؤتمر مازال مطلوباً منه دفع مايزيد عن (14) مليونا لكي يتمكن من الحصول على نسبة ال41 % بالإضافة إلى (15) مليون دولار كان قد وجه رئيس الجمهورية بصرفها لصالح شركة شبام بناء على طلب مؤتمري في وقت سابق. وأوضح مصدر مطلع أن الأرض تم المبالغة في قيمتها بالإضافة إلى أنه تم احتساب مساحة الأرض بألف لبنة بينما هي على الواقع خمسمائة لبنة. يشار إلى أن شركة شبام يرأسها الشيخ كهلان مجاهد بينما يشغل فؤاد الكميم منصب المدير العام التنفيذي، بالإضافة إلى كونه مسؤول الدائرة المالية في المؤتمر الشعبي العام. ويأتي تطور مثل هذا بعد أن كان تجاوز المؤتمر أزمة الأسبوع الماضي نشبت بين هادي وصالح عقب علم الأول بتحضير الثاني ومعه عارف الزوكا لمؤتمر تشاوري جنوبي، وهو ماجعله يستدعي النائب الثاني لرئيس المؤتمر والأمينين العامين المساعدين الشيخ سلطان والدكتور بن دغر الذي سألهم عما إن كان مؤتمر كهذا أقرته اللجنة العامة، فأجابوا بالنفي، مما دفعه للغضب والرفض، معتبرا أن مسألة إقامة مؤتمر تشاوري جنوبي والذي وجه بإقامته صالح أشبه بما قامت به فروع الحزب الاشتراكي حين أعلنت مجلس تنسيق لها في الجنوب، قائلا: إن ذلك يشجع على الانفصال وهو ما دعا القيادات إلى اقتراح حل بديل يقضي بالدعوة لمؤتمرات مماثلة في المحافظات الشمالية.. مبررين من أن دعوة المؤتمريين الجنوبيين قد تمت بالفعل، وهو ماوافق عليه الرئيس، ولهذا تم التحضير لدعوة مؤتمر صنعاء على عجل حيث عقدت اللقاءات التشاورية الموسعة لقيادات ورؤساء فروع المؤتمر الشعبي الخميس الماضي في ثلاث مدن يمنية (صنعاء والمكلا وعدن) ومن المنتظر أن يتم الخميس القادم بقية المؤتمرات التي ستضم كل من (إب، وتعز، وذمار، والبيضاء، والجوف، وصعدة، ومأرب، وصنعاء) والذي رصد لقيامها أكثر من (70) مليون ريال بحسب مصادر "الوسط". وبحسب المصادر ذاتها فإن مشكلة أخرى كادت أن تفشل اللقاءات التشاورية حين قرر صالح إلقاء كلمة توجيهية بمقابل كلمة رئيس الجمهورية -الأمين العام- والذي رفضها الأخير بشدة قبل أن تتدخل القيادات الوسيطة وتتمكن من إقناع صالح بالعدول عن قراره والاكتفاء بكلمة الرئيس والكلمة الافتتاحية للنائب الثاني لرئيس المؤتمر الدكتور عبدالكريم الإرياني، والتي تعد كلمة هادي هي الأولى لقيادات وكوادر حزبه منذ توليه الرئاسة، كما تعد المرة الأولى التي يغيب فيها رئيس المؤتمر عن فعالية من فعاليات حزبه.