اعتبر محللون أن جماعة الحوثي المدعومة من إيران قد انتحرت سياسيا وإقليميا باستفزازها السعودية على حدودها، كما أن جماعة الحوثي سجلت أسرع سقوط سياسي في تاريخ الحركات اليمنية التي حاولت اعتلاء السلطة على مدى أكثر من نصف قرن من قيام الجمهورية، وخلال ربع قرن من قيام الوحدة بين الشطرين الشمالي والجنوبي. وأكد هؤلاء على أن كثير من الحركات والتيارات السياسية اليمنية التي تعاقبت على الحكم أو شاركت بطريقة أو بأخرى في السلطة خلال أزيد من خمسة عقود، استطاعت الاستمرار في الحكم لسنوات أو إحتاج الشارع اليمني إلى سنوات حتى يكتشف زيف الوعود التي قطعتها أو خواء البرامج التي طرحتها، في حين أن الحوثيين بحسب المحللين سجلوا أسرع سقوط سياسي في تاريخ اليمن المعاصر، وذلك بفعل ارتهانهم الكامل لإيران والمشروع الطائفي الذي لم تستطع خطاباتهم المنمقة تجميل أهدافه المبطنة، لينكشف الأمر سريعا بفعل ممارسات مفضوحة. هادي والانقلابيين وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي توفيق محسن: «عندما سنحت الفرصة للحوثيين لاجتياح صنعاءوالمحافظات وإسقاط مؤسسات الدولة كانوا يرفعون شعار "الشراكة الوطنية" وكانوا ينظمون احتجاجات ضد رفع أسعار المشتقات النفطية ويتركون أمر القاء الخطابات في التظاهرات والكلمات في المؤتمرات لشخصيات تنتمي إلى المناطق السُنِّية، مثل تعز و عدن وغيرها، لإيهام الناس أنهم يحملون مشروعا وطنيا جامعا، وعندما أصبحوا أصحاب السلطة الفعلية كان الناس يتفاجأون بإصدار الرئيس عبدربه منصور هادي (قبل أن ينقلبوا عليه بالكامل) قرارات جمهورية في مناصب عسكرية وأمنية ومدنية عليا لأشخاص جميعهم ينتمون لعائلات تدّعي انتسابها للسلالة الهاشمية، وهو ما جعل اليمنيين يتأكدون تماما في أقل من شهرين أن لهذه الجماعة الشيعية المسلحة والمدعومة من إيران مشروعا طائفيا وعنصريا إقصائيا لليمنيين ومشبوها اتجاه جيران وأشقاء اليمن في الجزيرة و الخليج». وأضاف: «الرئيس هادي لم يقاومهم حين اجتاحوا صنعاء في 21 سبتمبر أيلول 2014 وفي مساء ذلك اليوم وقع معهم ما عُرف ب «اتفاقية السلم والشراكة» التي جرى توقيعها بين رئيس وأحزاب منكسرة وجماعة مسلحة منتصرة، وخلال أقل من شهرين أصدر لهم ما يربو عن مائتي قرار جمهوري في مناصب عليا وحساسة، ومع ذلك لم يقبلوا أن يستمر حتى مجرد «رئيس صوري»، فانقلبوا عليه وهاجموه في منزله وفرضوا عليه الإقامة الجبرية، وأكثر من ذلك وجهوا له إهانات طائفية وعنصرية. وأردف: «وفي خطابات زعيمهم كانوا يقولون إن هادي دًمية تحركها أمريكا، مع أن حليفهم وداعمهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح كان رجل أمريكا لثلاثة عقود، وهذا يعني أن الأهم بالنسبة لهم أن لا تكون " سُنيّا أو شافعيا حتى لو كنت رجل أمريكا أو إسرائيل فلا يضير المهم أن يكون انتماؤك طائفياً معهم». تهم جاهزة لدى الحوثيين ومن جانبه، قال الباحث في الشؤون السياسية مسعد عبدالنور: «الحوثيون يعتبرون أبناء المحافظات الوسطى والجنوبية والشرقية "الشافعية" مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة، وبصفون كل من يعارضهم بأنه داعشي أو قاعدة، وتحت هذا الشعار يدمّرون تعز ويسعون لاحتلال عدن وأخواتها، ويدّعون أنهم وطنيون ويحمون سيادة واستقلال اليمن ويقولون إن من يقبل أو يؤيد عاصفة الحزم هو عميل وخائن وأصوله غير يمنية، مع أننا وطنيون أكثر منهم ويمنيون من قبل أن يستوطن بعض مناطق اليمن بعض الفُرس الذين أتى بهم سيف بن ذي يزن من سجون كسرى ليحارب بهم الأحباش الذين غزوا اليمن آنذاك». وأضاف الباحث قائلا: «الحركة الحوثية انتحرت محليا بممارساتها الطائفية العنصرية القبيحة وانتحرت إقليميا عندما ذهبت إلى الحدود مع المملكة العربية السعودية، وأجرت هناك مناورات استفزازية كشفت من خلالها أنها ليست أكثر من مجرد أداة لمشروع فارسي تآمري».