لن يصدقنى أحد عندما أقول إن يوم الثلاثاء الماضى كان اليوم العالمى للغة العربية. أسوة بالفرنسية والصينية والإنجليزية والروسية والإسبانية. أقيم احتفال بلغتنا العربية فى اليونيسكو بباريس. قالت فيه أرينا بوكوفا مديرة اليونيسكو: - اللغة العربية يملكها الملايين فى العالم العربى وخارجه. تؤدى دورها فى خدمة الثقافة العالمية المعاصرة نظراً لما تحمل من مضمون فكرى عميق، إنسانى وفلسفى. وأكدت أن اللغة العربية تسمح بالتقارب بين الشعب العربى وسائر الشعوب. وقرأت مقطعاً بالعربية تحية للغة الضاد. ودعت لتشجيع تعلم اللغة العربية فى العالم من أجل إرساء حوار الحضارات. لن أستطيع معرفة ماذا فعلت الدول العربية بلغتها. ولا ماذا فعلت جامعة الدول العربية. حاولت معرفة ماذا فعلت مصر؟ لا شىء على الإطلاق. تساءلت: وأين مجمع اللغة العربية؟ حيث حراس لغة العرب. أمين مجمع اللغة العربية الآن معمم هو الشيخ أو الدكتور حسن الشافعى. إن قلت له أنت إخوانى. يقول: كنت فى مرحلة ما من العمر. ما يهمنى أن الجالس على مقعد طه حسين. ماذا قدم للغة العربية فى يومها العالمى؟ ماذا فعلت وزارة الثقافة؟ ماذا قدمت وزارة التربية والتعليم؟ ماذا فعلت وزارة التعليم العالى؟ ماذا فعل التليفزيون المصرى؟! وزيره مشغول بالمنع. مع أن المنع سلب والفعل إيجاب. وبعد سلسلة الممنوعات. إذ به يصدر قراراً فى اليوم العالمى لمحو الأمية بمنع عرض أو إذاعة أغنية أم إسماعيل مجاملة للشيخ حازم. بالنسبة لغربة لغتنا العربية فى مصر العربية. يكفى أن ننفض التراب عن قانون أصدره جمال عبدالناصر فى خمسينات القرن الماضى. يلزم أصحاب المحلات بإطلاق أسماء عربية عليها. وكانت هناك غرامة على من يطلق أسماء إفرنجية. والقانون نُفِّذَ حتى منتصف سبعينات القرن الماضى وتم ركنه على الرف. فى يناير 1973 ذهبت لطه حسين. أجريت معه حواراً لمجلة المصور. عن الدورة الجديدة لمجمع اللغة. ذهبت سائلاً. ولكن طه حسين كان أقوى ما فيه لسانه. بدَّل المواقع وغيَّر الأدوار. وما زال صوته العميق. ونطقه الفصيح وبطئه الشديد فى إخراج الكلمات، كأنه يتذوقها قبل أن ينطقها. ما زال صوت السنوات الماضية يرن فى أذنى. وهو يتساءل: - ماذا أنتم فاعلون للغة العربية. بعد أن بدأ زمن انحدارها وتدهورها وغربتها؟ هل كان طه حسين يتنبأ بأن لغتنا العربية ستصل لما بعد الاغتراب لدرجة أن الأممالمتحدة تخصص لها يوماً. لا يحتفل بها فيه الناطقون بها؟ احتفال باريس لم يحضره سوى سفيرى السعودية والمغرب؛ لأنهما كان لهما الفضل فى إحياء اليوم. نُظِّمَ برعاية برنامج الأمير سلطان بن عبدالعزيز لدعم اللغة العربية فى اليونيسكو. ولا يسألنى أحد: وأين مصر فى مصر؟! وأين مصر فى باريس؟ أخشى أن نقول ذات يوم كان لدينا وطن اسمه مصر.