تجمع آلاف المهتمين بحضارة المايا في عاصمة غواتيمالا، الجمعة، لحضور طقوس خاصة احتفاء ببداية التقويم الجديد لهذه الحضارة التي أخطأت هذه المرة فالعالم لم ينته كما كانت تنذر. ففي "غوتيمالا سيتي"، حيث أهرامات المايا، احتشد الآلاف لحضور هذه الطقوس بعد أن كان تاريخ 21 ديسمبر أثار جدلا عالميا، إذ راجت شائعات تقول إن نهاية العالم ستكون في هذا اليوم بسبب ارتطام كوكب ضخم بالأرض. ورغم أن وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" نفت هذه الأنباء، إلا أن كثيرا من الأشخاص حول العالم تمسكوا بقناعتهم بأن نهاية العالم ستحل فعلا الجمعة الذي يصادف نهاية الحقبة ال13 في تقويم المايا الذي استمر 5125 عاما. في المقابل، واجه آخرون هذا "اليوم الأخير" ببرودة أعصاب وحس فكاهة، لاسيما في أستراليا، وهي إحدى أولى الدول التي أشرقت فيها الشمس في 21 ديسمبر. وقد تلقت صفحة "فيسبوك" لهيئة السياحة الأسترالية سيلا من الرسائل تسأل إن كان لا يزال ناجون على هذه الجزيرة-القارة، فردت المنظمة قائلة "نعم نحن احياء!". كما عج "تويتر" بالتعليقات الساخرة عن نهاية العالم، ومنها "نبأ هام: نهاية العالم ارجئت إلى حين فوز ليفربول ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم. فاطمئنوا!"، على ما قال ماريو بالوتيلي لاعب مانشستر سيتي، وقد أعيد بث الرسالة آلاف المرات. وردا على تلقيها آلاف الاتصالات الهاتفية، سعت "ناسا" على صفحة إلكترونية مخصصة لتبديد هذه النبوءات المفترضة إلى طمأنة سكان الأرض، قائلة "عالمنا مستمر منذ أكثر من 4 مليارات سنة، ويؤكد علماء أصحاب صدقية عبر العالم أن لا تهديد أبدا مرتبطا بالعام 2012″. ولم ينته العالم يوم 21 ديسمبر 2012′′، فالحياة تستمر، ونبوءة حضارة المايا المكسيكية التي شكلت مصدر خوف وإلهام في وقت واحد، تبين أنها مثل الكثير من النبوءات الكارثية السابقة التي فرضت نفسها في تاريخ البشرية وستكون أخرى كذلك طالما أن الخيال الإنساني واسع ويتوجس. ومنذ أواسط الستينات، مع رجل الدين مايكل كوي بدأت فكرة نهاية العالم يوم 21 ديسمبر 2012 تشق لنفسها طريقا بسبب التأويل التقويمي الزمني لحضارة المايا، ولكنها ستعرف منعطفا حقيقيا في منتصف التسعينات بفضل الكتابات الإعلامية والأفلام الوثائقية وأفلام هوليوود حتى أصبحت شبحا يهدد استمرار الإنسانية. ويندهش المرء لكثرة الإنتاجات الإعلامية والسينمائية حول هذه الأطروحة خلال السنة الأخيرة وأبرزها فيلم “2012′′ الأمريكي. لكن المكسيك غدت رابحة، فمنذ سنوات والسياح يقصدون أهرامات المايا للوقوف على المكان الذي أنتج فيه فلكيو هذه الحضارة نبوءة 2012، وبهذا انضاف الى السياحة مفهوم “السياحية الكارثية". وعندما انتهى الليل ودخل 22 ديسمبر في أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، بينما كان منتصف النهار في أوروبا من 21 ديسمبر، تأكد “رسل الكوارث" أن 21 ديسمبر هو يوم عادي في حياة البشرية مثله مثل الباقي. وتأخذ فكرة نهاية العالم يوم 21 ديسمبر قصتها من أن التقويم الزمني الكوني المعتمد لدى حضارة المايا في المكسيك ينتهي يوم 21 ديسمبر 2012، إذ بعده يأتي الفراغ الزمني القاتل. وجرى تأويل نهاية تقويم المايا بنهاية العالم والبشرية. وتطورت هذه الأطروحة مع تأويل غريب من طرف الباحث زكريا سيتشن الذي قال أن المخلوقات التي خلقت الإنسان ستزوره في هذا التاريخ. هذا التأويل جرى ترجمته سينمائيا في فيلم “برومتيوس" للمخرج الكبير ريدلي سكوت خلال السنة الجارية والذي يتحدث عن عودة تلك المخلوقات الى الأرض لتدميرها لكن الإنسان كان أكثر ذكاءا من تلك المخلوقات وقام بتدميرها والانطلاق نحو كوكبها. وساعد 21 ديسمبر 2012 على ظهور طوائف دينية وأخرى تؤمن بإنقاد مخلوقات من كواكب أخرى للأرض وأخرى تتحدث عن المخلوقات التي ستدمره. وكان من شأن التركيز على 21 ديسمبر أن خلق قلقا في أوساط جزء من الرأي العام الأمريكي، مما دفع وكالة الفضاء ناسا الى إصدار شريط فيديو منذ أسبوعين يكذّب الفكرة القائلة بنهاية العالم، في حين رفض الفاتيكان مناقشة هذا الأمر، واعتبره نفسه غير معني بالتقويم الزمني للمايا، وغاب أي نقاش في العالم الإسلامي الذي يعتبر نهاية العالم/القيامة من اختصاص الخالق الجبار. ومنذ أسبوعين، بادر حكماء حضارة المايا الى التخفيض من التوقعات الكارثية بقولهم أن 21 ديسمبر لا يحمل نهاية العالم بل يحمل معه بداية فجر جديد للإنسانية، فجر الحرية والتحرر من الأغلال. وعاشت البشرية لحظات شبيهة بيوم 21 ديسمبر من سنة 2012، وذلك يوم 31 ديمسبر 999 حيث ساد وقتها في أوروبا فزع وقلق قريب واعتقد الناس في نهاية العالم. وتكرر الأمر نفسه ولكن الخوف هذه المرة كان في 31 ديسمبر 1999 خلال الانتقال الى الألفية الثالثة على كيفية تأقلم الحواسيب مع 2000. وبدون شك سيتكرر هذا مع البشرية إذا استمرت حتى 31 ديسمبر 9999 لأنه يتزامن والانتقال الى عشرية ألفية جديدة 10000