على قهوة في شارع التحرير تملكتني نوبة ضحك وأنا أتابع أخبار قائد شرطة دبي ضاحي خلفان، وهو يعتقل عشرات المصريين المقيمين في الشقيقة دبي، بينما تتسكع في أذني كلمات أغنية «وطني حبيبي وطني الأكبر» التي كانت بحق خديعة العُمر للأجيال التي أدمنت الحلم العربي! سر الاعتقال كشفته مجلة «انتلجنس اون لاين» الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، التي تحدثت عن قيام بنك دبي الشقيق بالاستيلاء على مبلغ 7 مليارات دولار من أرصدة اللواء عمر سليمان، الذي كان قد استولى عليهم بدوره قبل وفاته. ما نشرته المجلة أكدته دعوى أقامتها أسرة اللواء سليمان، التي شرعت في توكيل مكتب «برايت كايز» للمحاماة في لندن لتولي القضية، بعد محاولات ودية مع بنك دبي التجاري استمرت أكثر من ثلاثة أشهر بدون نتيجة تذكر. أسرة اللواء سليمان اعتبرت الأموال التي استولى عليها المرحوم حقاً مشروع لها، أما المعتقلون فجريمتهم أنهم اعتبروها أموال الشعب، فقاموا بمناشدة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي لرد تلك المبالغ إلى شعب مصر؛ لأنها أموال تم الاستيلاء عليها بطرق غير مشروعة وتهريبها في أثناء وبعد ثورة يناير. وعندما تجاهل بن راشد الموضوع، قامت المجموعة التي جرى اعتقالها برفع مذكرة للتحقيق فيما نشرته مجلة «انتلجنس اون لاين»، فما كان من ضاحي خلفان قائد شرطة دبي إلا أن تعقبهم واعتقلهم واحداً تلوا الآخر، رغم أن بعضهم يعيش في الإمارات منذ أكثر من 30 عاما ومشهود لهم بالنزاهة والكفاءة. مشهد ما جرى في دبي يفسر بعض ما يجرى هذه الأيام في القاهرة، ويفسر بقوة تصريحات رئيس بنك مصر محمد بركات الذي يدين بالولاء لجمال مبارك، باعتباره صاحب الفضل في تعيينه وغيره من رؤساء البنوك الحكومية المصرية. بركات أخذ مكانه في الفرقة التي تعزف سيمفونية الإفلاس الحزينة، بعدما تلقفوا النوتة من البنك المركزي، الذي تحين هو الآخر خطاب الرئيس د.مرسي أمام الشورى؛ ليخرج على الشعب صبيحة اليوم التالي للخطاب يبشرهم بالجوع والفقر عبر رسالة مفادها أن الاحتياطي من الدولار بلغ الحد الأدنى! والسؤال الآن: ما مصير المليارات السبعة التي استولت عليهم حكومة دبي من رصيد اللواء عمر سليمان، الذي نهبهم بدوره من قوت الشعب؟ ولماذا صمت المركزي 18 شهرا بعد الثورة حتى تم استنزاف 21 مليار دولار من الاحتياطي في أثناء حكم المجلس العسكري وقبل تولى الرئيس د.مرسي السلطة؟ وهل يتم فتح ملف سرقة «المركزي» واستعادة الأرصدة الضائعة؟ وهل يلام الرئيس مرسي على أنه أوقف نزيف خزينة «المركزي»، ورفعها من 14 مليار إلى 15 مليار دولار في 4 شهور فقط، يا ترى سيرد بركات على تلك الأسئلة، أم سترد أنت يا «حسين»؟! (*) صحفي مصري