اليمن في حال مجاعة معلنة ومخيفة ومليون طفل يمني مهددون بالموت لانعدام الغذاء والدواء, وعشرة ملايين يمني (أي نصف سكان اليمن تقريباً) وصلوا المستوى المتدني لتوفر الغذاء وفق مقاييس برنامج الغذاء العالمي.. كل أهوال هذه الكارثة التي تفتك بالشعب اليمني, لا تثير حماسة أو اهتماماً يذكر لدى العربان المشغولين بالحرب على سوريا, ولهذا فهم جهّزوا دولا عديدة في الجامعة العربية أو منظمة التعاون الاسلامي أو الجمعية العامة للأمم المتحدة, بل داخل مجلس الأمن لدول حتى لا تصطف (ولو بغير الفيتو) الى جانب روسيا والصين في رفضهما لتحويل المنظمة الدولية الى منصة أو حصان طروادة, لتغيير الانظمة واستباحة سيادة الدول وفرض انظمة أو جماعات معينة على الشعوب.. هؤلاء – كما غيرهم – الذين حملوا صفة المانحين وعقدوا المؤتمرات في لندن (وغير لندن) لجمع التبرعات لليمن في عهد الديكتاتور علي عبدالله صالح, رصدوا المليارات ووعدوا بضخها الى الاقتصاد اليمني المنهك, لكنهم لم يفوا بتعهداتهم وكل ما ارادوه من ذلك الجنرال الذي حوّل اليمن الى مستعمرة اميركية وساحة للاقتتال الداخلي, وأفسد المجتمع اليمني ولعب على التناقضات القبائلية والعشائرية والمذهبية والطائفية والمناطقية.. ارادوا منه فقط أن يواصل حربه المزعومة على الارهاب, ولم يكن ثمة ارهاب بمعنى الكلمة, لكن ثمة مطالبات شعبية مشروعة في جنوب اليمن, حيث تحولت اراضي وشعب اليمن الجنوبي والذي جاء قادته برغبتهم وقرارهم الى صنعاء عارضين الوحدة الاندماجية, واضعين حداً للتشطير والتجزئة وكل ما يمكن ان يُبقي على اليمن رهين الانقسام والضعف.. نقول: علي عبدالله صالح وحليفه الشيخ عبدالله الاحمر زعيم حزب التجمع الاسلامي حوّلا الجنوب (الشعب والوطن) غنيمة فاقتسماها وغدا ابناء الوطن من الجنوب مواطنين من الدرجة الثانية وتكريس التمييز والعنصرية.. كذلك الحال في صعدة, ثمة عواصم اقليمية رأت في مطالب الحوثيين تحريضاً من طهران فلعبت على الطائفية والمذهبية واشعلت الضوء الاخضر لعلي عبدالله صالح كي يجرد حملات عسكرية على تلك المناطق الفقيرة والبائسة خدماتيا واجتماعيا واقتصاديا وبيئيا ولم يتردد ايضاً في جلب «القاعدة» الى اليمن لتحقيق هدفين: ارهاب خصومه وفي الآن ذاته توجيه رسالة للغرب بانه هو رجلهم وان عليهم مساعدته ودعمه وامداد اجهزته بكل ما يوفر لها وأد أي حراك شعبي, بدأت ارهاصاته في الظهور بعد ان وصل اليمنيون الى قناعته بان لا مستقبل لليمن بوجود هذا الطاغية, بطانته وعائلته. التقطت عواصم المنطقة الاقليمية الرسالة ورأت ان استفاقة اليمنيين ستشعل الحرائق في مضاربهم فاحتضنوا علي صالح ولكن الى حين ان يرتبوا الحديقة الخلفية ويجهضوا انتفاضة الميادين وينهكوا الجيش ويضعونه على طريق الانقسام والتشظي, وكانت عواصم الغرب مباركة لهذا الذي انتهى الى ما وصف بالمبادرة الخليجية التي آلت في النهاية الى ما نراه اليوم وواصل منصور هادي مشوار سلفه والعنوان كما هو معروف على الجدار «الحرب على القاعدة» فيما راحت «توكل كرمان» تثرثر وتُنظر وتحاضر مزهوة بجائزتها التي جاءت ملتبسة وغير مقنعة وخصوصا انها لم تأت بعمل لافت, لكنها حسابات الغرب الذي لا يرى في اليمنَ غير الموقع الاستراتيجي والفقر الذي يطحنه ويجبر حكامه على الرضوخ لأي امر يأتي من الاقليم او عبر البحار. لا عزاء لاطفال اليمن فليس لشعبهم اصدقاء كما هم اصدقاء الشعب السوري الذي ناف عددهم على المائة دولة والذين لا هم لهم سوى اسقاط النظام وترتيب السلطة الجديدة التي ستكون وظيفتها الاولى هي الانخراط في تحالفات جديدة تمهيدا لافتعال معارك وتحويل دول الى ساحة للفوضى والدمار والمنظمات الجهادية.. ماذا عن أطفال اليمن؟ … اسألوا المبادرات؟! [email protected]