الكل يقامر بمستقبل مصر دون أدنى حسّ بالمسؤولية أمام الله والتاريخ، بعد عامين على ثورة 25 يناير وانتخاب أول رئيس مدني هناك. ايام تفصلنا عن 30 حزيران وعن خروج المصريين المعارضين للرئيس محمد مرسي الى الميادين والشوارع في مليونيات تحت مظلة حركة «تمرد» الداعية الى استقالة الرئيس واجراء انتخابات مبكرة. وقبل ايام خرج مئات الآلاف من مؤيدي الرئيس في القاهرة رافضين بدورهم الاعتداء على الشرعية. في غياب الحوار بين اركان الحكم والمعارضة الكل يحتكم الى الشارع ما يعني جرّ البلاد الى حافة المواجهات الدامية. كثيرة هي اخطاء الرئيس المصري، كان آخرها تعيين محافظين محسوبين على التيار الاسلامي ما يعزز الاتهام والمخاوف من انه يسعى الى «اخونة» البلاد ومؤسساتها. لكن في المقابل فان رفض المعارضة دعوات الحوار المتكررة فاقم من حالة الاستقطاب التي تعيشها مصر منذ عدة اشهر. لن يرضخ الرئيس الى مطالب المعارضين ولن يتنحى، بل ان التخندق سيؤدي الى شلّ الحياة السياسية تماما والدفع بالفريقين الى التصلّب والتصعيد. سيؤدي ذلك بدوره الى الاضرار بالاقتصاد المصري المترنح وانعكاس ذلك على المجتمع بأكمله. كان بإمكان الرئيس مراجعة بعض قراراته الاستفزازية ومنها إصراره على الابقاء على حكومة هشام قنديل التي لا تحظى بالشعبية ولم تنجح في تحقيق اهداف برنامجها. وكان باستطاعته ايضا ان يستغل فرصة تاريخية سنحت له وللحركة الاسلامية في التحاور مع المعارضة والاتفاق على تشكيل حكومة انقاذ وطني في الوقت العصيب الذي تمر فيه البلاد. لكنه لم يفعل بل وأصرّ على استفزاز الرأي العام من خلال قراراته التعسفية والتي خالف بعضها الدستور الذي كتبه الاخوان أنفسهم. وفي المقابل فإن المعارضة الممثلة بجبهة الانقاذ لم تقدم حلولا مقنعة بل ساهمت في تأزيم الموقف والنيل من شرعية الرئيس. وبعد نحو عام على انتخاب مرسي تجد مصر نفسها في حالة شلل سياسي وعجز اقتصادي وتوتر مجتمعي ينذر بالعنف. لا سبيل للخروج من هذه الأزمة الا بتنازل الطرفين والاعتراف بأن مستقبل مصر في خطر وان الحوار والاتفاق هو المخرج الآمن الوحيد. سيرد الاسلاميون على تظاهرات 30 حزيران بتظاهرات مناوئة وقد تفلت الأمور وتندلع مواجهات كما حدث في السابق امام قصر الاتحادية وفي ميدان التحرير. ما يحدث على الساحة المصرية اليوم يؤكد ان اهداف ثورة 25 يناير قد تم إجهاضها بسبب عدم مسؤولية حركة الإخوان والمعارضة على حد سواء. واستمرار الأزمة المفتوحة يعزز من دعوات البعض بتدخل الجيش وعودة المجلس العسكري للحكم. وبهذا تكون انجازات ثورة يناير قد ذهبت ادراج الرياح وانقلب ربيع مصر الى صيف حارق. * صحفي وكاتب أردني