انتظر الناس بكل الصبر خطاب الرئيس مرسي عشية الجمعة الماضية، تحدث فيه عن مؤامرة وموتورين، وأجندة خارجية، وتلك صيغة أي حاكم عربي يواجه حراكاً شعبياً داخلياً... غير أن الرئيس مرسي لم يشأ تبديد كل الآمال، فقرر تقديم تنازل مبطن، لا ينال من مقامه الرئاسي، وتمثل ذلك بالدعوة للحوار مع الجميع، وطرح المادة السادسة من الإعلان الدستوري للنقاش، والمتعلقة بتحصين قرارات الرئيس من أي نقض، وهي التي أثارت العاصفة. ربما كان الرئيس مرسي يعتزم تقديم تنازلات أوسع حول مادة “تحصين القرارات” من خلال طاولة الحوار؛ لأن تقديم التنازل المباشر بضغط المعارضة سينتقص من مقامه الرئاسي، الذي سبق وأن تنازل مرتين، غير أن دعوته تلك جوبهت بالرفض الكبير من “بعض” المعارضين، وأبرزهم حركة 6 أبريل، وقوبلت بالموافقة المشروطة من معارضين كبار مثل حزب غد الثورة، الذي يترأسه أيمن نور. كل من سيكتب عن أزمة “الإعلان الدستوري” في مصر لابد من تصنيفه، مع أو ضد الإخوان المسلمين، وأحاول الآن – ما استطعت – الإفلات من هذا التخندق المقيت، لأقدم وجهة نظر أكثر حيادية، هدفها الأول الإبقاء على روح ثورة 25 يناير، والحفاظ على استقرار مصر، وقيمتها في نفوس أبنائها. عشية الجمعة 23 نوفمبر كنت أتابع الأخبار من الفضائية المصرية باهتمام، منتظراً نشرة الأحوال الجوية لمعرفة أحوال الطقس هناك، فبعد ساعات قليلة سأتوجه إلى القاهرة للمشاركة في دورة عن الصحافة الاستقصائية، وحضور مؤتمر “أريج” للصحفيين الاستقصائيين العرب، فجاء قرار الرئيس مرسي “الإعلان الدستوري” طاغياً على كل خبرٍ سواه، ورغم برودة القاهرة، إلا أن أجواء السياسة المشتعلة أدفأت حماسة الناس، وأقعدتهم في ميدان التحرير، دفاعاً عن أهداف ثورتهم العظيمة. زياراتي المتكررة لميدان التحرير، كنت أجد فيها أعداد المتظاهرين قليلة جداً، لكنها تنمو بتماسك كل يوم، وكنت ألاحظ موجات غضب تتقدم نحو النيل من حركة الإخوان المسلمين، وشخصية الرئيس مرسي، أكثر من غضبها على “الإعلان الدستوري”، وهذا ما يفسر وجود أجندة غير بريئة، ضد حكم الإخوان. لا أستطيع التوقف عند ما نشره الإعلام المصري، فمن يقرأ صحف: الوطن، اليوم السابع، التحرير، الشروق، الأخبار، لن يخرج من عتبة بيته، فقد صورت لنا المذابح على الأبواب، والسلاح في كل يد، وتحدثت صراحة أن “مرسي” فرعون مصر الجديد، وقالت فيه ما لم يقله مالك في الخمر. وفي الإعلام المؤيد لمرسي نكاد أن نلمس ذراع أمريكا وإسرائيل في كل صرخة تهتف ضده، وهذا ما سيجعلني أتحدث بعيداً عن “نظرية المؤامرة” رغم ما نشرته وسائل إعلام دولية عن لقاء جمع عمرو موسى والوزيرة الإسرائيلية سيبي ليفني في رام الله، الأسبوع قبل الماضي، وطلبها منه “إرباك” حكم مرسي. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك