ما حدث في الدقائق الأخيرة هو أن تراجع الرئيس مرسي عن الإعلان السابق، وقدم إعلاناً دستورياً جديداً فيه الكثير من المرونة، والتوافق عليه مع عدد من قوى المعارضة. وأصبح مرسي أكثر إلماماً بتشعبات المشهد السياسي المصري، حسب وصف الكاتب الكبير هيكل، عقب لقاء جمعه بالرئيس مرسي أمس الأول “الثلاثاء”.. في تقديري أن الرئيس محمد مرسي قد وقع في الإعلان السابق ضحية نصائح هوجاء، قدمها له أقل مستشاريه خبرة، وكان خطأه الفادح، حين تفرد بإعداد وصياغة “الإعلان الدستوري” دون الرجوع لمستشاريه ال 17، الذين تتابعوا في تقديم استقالتهم، ورفضهم ل«الإعلان»، بدءاً من سمير مرقص، القبطي الذي عينه مرسي مساعداً لرئيس الجمهورية، وسكينة فؤاد، وأيمن الصياد، وفاروق جويدة، حتى وصل الأمر إلى أن رفض المستشار الصلب طارق البشري ذلك “الإعلان”، وهو رجل صوته يملأ الشارع المصري، وما أجمع عليه مستشارو “مرسي” هو أنهم لم يستشرهم أحد بتلك القرارات.. والآن الشارع المصري يزداد في الغليان، والرئيس مرسي ينتظر قرار المحكمة الدستورية. وأعتقد أن رجلاً بحكمة الدكتور مرسي لو جلس مع نفسه، وقتها، واستشعر خطورة الموقف من ثلاثة جوانب لغير رأيه وألغى قراراته: أولاً: أن غليان الشارع المصري قد يدفع قادة الجيش إلى التدخل كما حدث في ثورة يناير – وهي مسألة مستبعدة ، لكنها واردة –وأول خيارات التدخل العسكري إسقاط حكم مرسي،ومعنى ذلك أن مصر ستدخل في دوامة أزمات لن تفيق منها، وستخسر رصيدها السياسي والاقتصادي والحضاري (30 مليار جنيه خسائر البورصة المصرية في أول 3 أيام من الإعلان الدستوري). ثانياً: أن أي انتكاسة في جسد “حركة الإخوان” المصرية، ستصيب الحركة الإسلامية في كل العالم بانتكاسة لن تتماثل منها، إلا بعد خمسين عاماً على الأقل. ثالثاً: يجب استشعار خطورة وجود أيادٍ خارجية غير راضية عن “الإخوان” وستسعى إلى تشويههم، وإحراقهم سياسياً وشعبياً، وذلك من خلال تغذية الاحتقانات، ودفعها باتجاه الجريمة، وأي تحول باتجاه العنف، وارتكاب جرائم تصفية بحق معارضين سيقود البلاد إلى هاوية، خاصة في مجتمع مفتوح مثل مصر: حدود بحرية وبرية شاسعة، وفقر متفاقم، وعاطلون بلا عدد، ومنظمات وسفارات ليست كلها حريصة على أمن مصر واستقرارها، بل سيتم استثمار تلك العوامل في شراء بنادق للإيجار، وسواعد للجريمة، تماماً كما حدث في الجزائر، عقب فوز جبهة الإنقاذ بالانتخابات النيابية عام 1995م. تنويه: الإيضاحات المقدمة في المقال السابق تخص الإعلان الدستوري الجديد، وليس القديم كما ذُكر. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك