سنان بيرق اليوم، خطوتُ بين أروقة السوق في شارع تعزبصنعاء، فشاهدت الوجوه وقد اكتست بالكآبة، وغرقت في صمتٍ ثقيل كأنه انتظارٌ مُرّ لمجهولٍ لا يجيء. كانت النظرات حائرة، والقلوب منكسرة، والأنفاس مثقلة برماد الأمل المُحتَضر. الأحداث الأخيرة اجتثّت ما تبقى من أنفاس الوطن المنكوب. مطارٌ يُقصف، ومصانعُ للإسمنت تُدمَّر، وأحلام أكثر من عشرة آلاف عامل تُغتال في وضح النهار. لا صوت في السوق سوى أنين الباعة وهم يتجولون ببضائعهم الجامدة، لا أحد يشتري، لا أحد يسأل، وكأن الجوع قد كمّم الأفواه وأخرس الحاجات. الناس هنا لا يعيشون… بل ينجون. يتشبثون بخيوطٍ واهية من الحياة. يمرون على الخبز كما يمرّ الغريب على قريته بعد نكبة. البضائع مكدسة، لكنها كالأشجار في الصحراء، لا ظل لها ولا ثمر. السوق شبه ميت، والحياة تتنفس بألم. صنعاء تناجي السماء… ترفع أكفها لا لتدعو لطرفٍ سياسي أو زعيمٍ عابر، بل لترجو خلاصًا من فقرٍ قاسٍ، وجوعٍ مقيم، ومخاوف لا تنام. يريدون نهايةً لتجار الحروب وسماسرة السوق السوداء، يريدون عودةً للعمل، لانخفاض سعر الصرف، لانبعاثٍ من هذا السقوط الاقتصادي القاسي. لم يعد يهمهم مَن يحكم… بل يهمهم: من يُنقذ؟ من يملك الجرأة على اقتلاع هذا الجحيم؟ من يحمل مشعل العدل والرحمة في زمن عزّت فيه الأيادي النقية؟ يا من تقرأ، إن كنتَ صاحب سلطة أو قلم أو ضمير، فانظر إلى هذه المدينة كما ينظر الأب لطفله اليتيم. فهي لا تريد وعودًا، بل خلاصًا. من حائط الكاتب على الفيسبوك