حذر مسؤول رفيع المستوى في بعثة الاممالمتحدة في العراق الاربعاء من حرب اهلية دامية، معتبرا ان أزمة سوريا وعوامل اقليمية اخرى تلقي بظلال قاتمة على التطورات العراقية. وقال مسؤول ملف حقوق الانسان في البعثة فرانسيسكو موتا ان "العراق بات عند مفترق طرق"، مضيفا "لا نقول اننا في حرب اهلية حاليا، لكن الاعداد (الضحايا) سيئة جدا". ويشهد العراق تصاعدا في وتيرة العنف المتواصل منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، حيث قتل بحسب ارقام الاممالمتحدة اكثر من 2500 شخص في الاشهر الثلاثة الاخيرة بينهم 761 في حزيران/يونيو. وقتل اكثر من 190 شخصا في هجمات في البلاد منذ بداية تموز/يوليو، بحسب حصيلة تستند الى مصادر امنية وطبية. وكان ايار/مايو الشهر الاكثر دموية في العراق منذ عام 2008، قائلا "هنا، نرى حقا التدهور". وقتل اكثر من الف عراقي فيما اصيب 2397 اخرون بجروح جراء اعمال عنف متفرقة وقعت في عموم العراق خلال شهر مايو/ايار، وفقا لتقرير أصدرته الأممالمتحدة . وراى موتا ان الازمات السياسية المتلاحقة "وقصر النظر في بعض السياسات، والتآثيرات الخارجية الاتية من المنطقة المحيطة، وسوريا (…) تساهم في الدفع نحو عدم الاستقرار". وحذر من ان "الانقسامات الطائفية تتعمق وتظهر في البلاد بطريقة اكثر خطورة من تلك التي كانت عليها عام 2007″. وشهد العراق بين عامي 2006 و2008 حربا اهلية طائفية بين السنة والشيعة قتل فيها الالاف. ومنذ منتصف العام 2008، بدات اعداد ضحايا اعمال العنف اليومية بالانخفاض، الا انها عادت لترتفع مع الانسحاب الاميركي نهاية العام 2011، لتبلغ ارقام ما قبل منتصف 2008 في الاشهر الثلاثة الاخيرة. وراى موتا ان العراق "لم يبلغ مرحلة الحرب الاهلية بعد.. لكن اذا استمر العنف، واستمر قتل المدنيين، والرجال، والنساء، والاطفال الابرياء، فعندها يمكن ان ننزلق نحو ما لا يمكن العودة عنه". ويكرر تصريح المسؤول الأممي تصريحات سابقة كان أدلى بها من بغداد مارتن كوبلر المبعوث الخاص للأمم المتحدة نهاية يونيو/حزيران مع ختام مهمته في العراق. وحذر كوبلر من أن خطر الطائفية ما يزال يهدد العراق بقوة، معربا عن قلقه من تفاقمها في بلاد الرافدين وتأثيرها على ارتفاع معدلات العنف وتدهور الأوضاع هناك. وقال انه ما زال هناك الكثير يجب القيام به بخصوص القوانين في قطاع الطاقة وتوزيع موارد النفط والصراع على المناطق المتنازع عليها شمال البلاد. ويشير محللون الى علاقة بين تصاعد معدلات العنف والصراع السياسي بين الجماعات السنية والحكومة التي يقودها الشيعة، إذ تتهم المحافظات السنية الحكومة بتهميشها ما وفر للجماعات المسلحة المناخ المناسب لتنفيذ مخططاتها. ويشل الصراع بين السنة والشيعة العراق في كل مناحي الحياة. ويقول مراقبون ان الحوار لا يجري بينهم بطريقة منظمة كما ان انعدام الحوار بين بعضهم البعض سيؤدي الى الكارثة. ويحتاج العراق إلى اقرار سلسلة من التشريعات والإصلاحات الاقتصادية الواسعة ومنح صلاحيات كبيرة الى المحافظات، لكن قوانين مثل قانون النفط والغاز وقانون تقسم الموارد وقانون الاحزاب السياسية وقانون الاقليات والكثير الكثير من القوانين الأخرى ما تزال تتعثر ويتعثر معها تطبيق الفيدرالية السياسية والمالية ". ويعتمد اقتصاد العراق بصورة رئيسية على صادرات النفط، ولم يتم تمرير اي قانون ينظم تقاسم موارد مبيعات النفط . ويقول المسؤولون العراقيون منذ سنوات انهم يعملون لتحقيق اصلاحات اقتصادية وتسهيل عمل الشركات الاجنبية والمحلية، ولكن يبقى العراق احد البلدان الاكثر صعوبة للاستثمار وممارسة نشاطات تجارية في العالم . وتضرر اقتصاد العراق بالصراع الدائر في جارته سوريا والذي سبب كذلك خلافات سياسية وطائفية، اضافة للحصار الاقتصادي والتجاري المفروض على ايران. ويقول مراقبون انه على الرغم من كل هذه المخاطر الخارجية فإن العراق هو المسؤول عن العديد من مشاكله. ويضيف هؤلاء "بالطبع هناك صعوبات في بيئة اقليمية مثل التي لدينا الان في الشرق الاوسط (…) لكن من جهة اخرى العديد من مشاكل العراق محلية، مثل الصراع بين السنة والشيعة والعرب والاكراد وحدود المناطق المتنازع عليها والصراع على كركوك".