قال القيادي السلفي الشيخ عبدالله بن غالب الحميري إن "أعضاء الحوار الوطني لا يمثلون كل الشعب ولا يعبرون عنهم فهم يعبرون عن ذواتهم وأحزابهم وتياراتهم فقط". وأضاف الحميري "إن الذي يعبر عن الشعب هو الشعب نفسه بفئاته المتعددة". وقال: الحميري في حوار خاص ل«الخبر» إن الحوار بصورته الحالية وأجوائه الحالية لم يستوعب كل الفئات والقوى الفاعلة والمؤثرة والتي لها رأي وحل وعقد في البلد وإنما اقتصر على مجموعات من حُددت هوياتهم أو اتجاهاتهم سلفا. واعتبر أنه تم إهمال أكبر شريحة في الوطن وهي شريحة العلماء والمفكرين والأكاديميين ومشائخ القبائل، وقال: إن التمثيل لم يكن عادلاً ولا شاملاً. وأكد أن الكوتا النسائية تخالف الديمقراطية، وأنها لا توجد حتى في الغرب. وأوضح «أن الحوار بصورته الحالية يتناسب مع هوى رعاة المبادرة والبلدان المهيمنة ويراد له أن يكون بهذه الصورة». وأشار إلى أن بعض الأحزاب في مؤتمر الحوار انقلبت على مشروع الحفاظ على الشريعة الإسلامية كمصدر لجميع التشريعات وأنها تراجعت عما قدمته إلى المؤتمر في البداية. وأشار إلى «أنه يراد استنساخ التجربة المصرية إلى اليمن، تواطؤا مع رعاة المبادرة الخليجية لإقحام بعض التيارات الإسلامية في معركة مشابه لما يحدث في مصر». وقال: إن «الأحزاب العلمانية تريد أن تنقلب على الإسلام وعلى التشريعات وعلى كل شيء يمس الإسلام أسوة بما حدث بمصر». وأكد الحميري «أن بند الشريعة لا يجوز المساس به ويجب أن يكون محصنا من كل استفتاء، فقد سبق أن قرر الشعب اليمني معركته مع هذه القضية وحسمها وأصبحت مادة الشريعة مادة مقررة ثابتة استفتي عليها الشعب كله ووقف معها وهو شعب مسلم مؤمن لا يريد غير الإسلام حاكما». وعن رؤيته لما حدث في مصر قال الحميري «إن ما حدث مؤامرة صهيونية صليبية بتنفيذ وتآمر عربي بامتياز». وأوضح «أن ما حدث يعتبر انقلابا على المشروع الإسلامي، كما أنه انقلاب على الديمقراطية التي يتشدق بها الكثيرون وهذا يعني أن الديمقراطية أفلست وخابت، ووصلت إلى حد انتهاء الصلاحية». وفي تعليقه على مشاركة حزب النور السلفي في الانقلاب على مرسي، أوضح الحميري بالقول: «إن هذا يدل على الغباء والاستغفال وضعف الخبرة السياسية لحزب النور». وأضاف «قد تكون هناك تطمينات من قبل الفلول بأنها لن تحدث شرخا ولن تحدث أذى وأنها تريد مصلحة البلاد. بالإضافة إلى أنه قد يكون هناك مواقف ردود فعل من قبل هؤلاء لأنهم شعروا بالإقصاء من قبل الإخوان خلال العام الذي حكموا فيه». إلى الحوار: * شيخ عبدالله كقيادي سلفي، كيف تقرأ مجريات الحوار الوطني الشامل؟ - أولا الحوار كمبدأ هو مبدأ إسلامي وحضاري وقيمي لا غنى لأمة عنه. وهو الطريق الأمثل لحل كل مشكلة عويصة في البلد، وهو البديل عن الحروب والشتات والشقاق، ولا يختلف على هذا اثنان، ولكن بالنسبة للحوار الوطني بصورته الحالية وأجوائه الحالية هناك تخوفات كبيرة. * ما هي أبرز تلك التخوفات؟ - ذلك أنه لم يستوعب كل القوى الفاعلة والمؤثرة والتي لها رأي وحل وعقد في البلد. وإنما اقتصر على مجموعات ممن حددت هوياتهم أو اتجاهاتهم سلفا بدليل أن أكبر شريحة في الوطن و هي شريحة العلماء والمفكرين والأكاديميين وهؤلاء بالتحديد وإن زعموا أنهم أدخلوا ضمن الأحزاب.. * "مقاطعا".. الحوار يبدو أنه تعامل مع مكونات سياسية، والذين ذكرتهم يدخلون ضمن المكونات السياسية؟ - ما هو ضابط المكونات السياسية: هل يشترط أن تكون حزبا؟! * تم تحديد أكثر من 10 فئات من المكونات في البلد للدخول في الحوار من ضمنها فئات المهمشين، معنى ذلك أن العلماء الذين تحدثت عنهم إذا لم يكونوا ضمن هذه المكونات والفئات ولا يوجد لديهم إطار سياسي، فالمشكلة مشكلتهم؟ - لا ليست هذه مشكلة، الأصل أن العلماء لا ينبغي إدراجهم ضمن هذه المكونات لأنهم شخصية اعتبارية مستقلة بذاتها. وإذا قلنا لا بد أن يكونوا ضمن مكون سياسي، فهيئة علماء اليمن مكون سياسي موجود في الساحة ولا يشترط أن تكون حزبا معترفا به، إنما ينظر إلى الشرائح الفاعلة في المجتمع، وإذا أردنا أيضا مكونا سياسيا أي من له رأي في ما يحدث في البلد سلبا أو ايجابا، فمشائخ القبائل بهذا الاعتبار كيان سياسي موجود. * أفهم أن التمثيل في الحوار لم يكن ممثل للشعب اليمني بكل فئاته؟ - ليس تمثيلا عادلا، ليس تمثلا شاملا. بدليل أن هذا التمثيل الذي زعموا أنه للشرائح السياسية فيه مفاضلات وليس على قدر حجم كل حزب في الساحة. بدليل أننا كتيار سلفي من منظمات المجتمع المدني تحت مسمى الائتلاف السلفي كيان سياسي موجود وله مشاركاته في كل المواقف السياسية، لم ندرج رغم أننا تقدمنا بالطلب مبكرا. وكذلك جمعية الحكمة وهي ثاني أكبر جمعية في اليمن تقدمت بطلبها وهي من منظمات المجتمع المدني لم يُلتفت إليها. على افتراض أنه اقتصر على المكونات السياسية كيف أدخلت جماعة الحوثي وهي ليست مكون سياسي والحراك الجنوبي ليس مكون سياسي . * الحراك والحوثي لهما قضايا أدرجت في الحوار من أولويات الحوار، فدخلوا تحتها لأنها قضيتهم وتعبر عنهم؟ - إذن بطل هذا المعيار، وهو أنها مكونات سياسية تحت إطار الأحزاب، بدليل أن دخول هذه الشرائح وهي ليست تحت إطار الأحزاب يبطل ما قالوا. وكان يجب عليهم في هذه الحالية أن ينظروا إلى كل المكونات السياسية صاحبة الثقل والوجود والتي لها أثر في تغيير مسارات البلد، أما أن يؤتى بمجموعة من النساء تحت مسمى الكوتا، للبروز بهن دون أن يكن للكثير منهن رأي أو سبق تجربة أو خبرة أو يكون لهن عمق فاعل. *هل لديكم مشكلة من مسالة الكوتا النسائية؟ - طبعا كبلد يزعم أنه بلد ديمقراطي هذا مخالف للديمقراطية، والأصل أن يترك الاختيار للبلد والوطن والشعب نفسه هو الذي يقرر من يختار. أما أن تفرض عليه شيئا ويجب أن يختاره قسرا فأي ديمقراطية هذه؟! الكوتا * هل لديكم مشكلة من مسالة الكوتا النسائية؟ - طبعا كبلد يزعم أنه يحتكم إلى الديمقراطية هذا مخالف للديمقراطية، والأصل أن يترك الاختيار للبلد والوطن والشعب نفسه هو الذي يقرر من يختار. أما أن تفرض علي شيئا ويجب أن أختاره قسرا فأي ديمقراطية هذه. الكوتا لا توجد حتى في دول الغرب.. * هل كان هناك خيارات أخرى للخروج بتمثيل أكثر توافقي وأكثر تمثيل للبلد؟ - نعم، كانت هناك خيارات متعددة، لكن هو بصيغة الحالية يتناسب مع الهوى، هوى رعاة المبادرة، وهوى البلدان المهيمنة. ويراد له أن يكون بهذه الصورة وإلا الأصل أن يكون عليه أولا توافق شعبي. *بمعنى أن يكون هناك استفتاء على أعضاء الحوار؟ - ممكن، وكان يتم أيضا من خلاله اختيار مبني على استقراء للواقع ومبني على النظر في الشرائح المؤثرة والتي سيكون لها تأثير ايجابي أو سلبي على الحوار. * الآن بما أن الحوار تجاوز نصف فترته، ماذا تخشون من الحوار؟ - الحوار نحن في الحقيقة وإن لم يأتي حسب المواصفات المطلوبة للحوار، لكن نحن غضضنا الطرف عن هذه القصورات وأملنا أن يصل إلى الحل المرضي للبلد كيفما كانت صورته الحالية. لكن الذي نخشاه هو المخرجات وبوادر التخوف التي كتب عنها العلماء والدعاة وكتبوا عنها في البداية لأنه كان مجهول السقف، وهذا وإن فُسر بأن المقصود لا سقف له، أي لا يوجد سقف لأي قضية تطرح، هذا لم يكن مراد العلماء. مرادهم بالسقف المرجعية التي ينتهي إليها الحوار الوطني، ما هي المرجعية الشرعية والسقف الأعلى الذي يتحاكمون إليه في النهاية؟ فموهوا على الشعب بأنه لا سقف للقضايا بينما هو لا سقف للمرجعية وهذا هو الحاصل الانقلاب الحاصل في مؤتمر الحوار على ما كانت بعض الأحزاب والقوى قد تقدمت به كمشروع وهو الحفاظ على الشريعة الإسلامية كمصدر لجميع التشريعات وأن تكون هوية الدولة هي الإسلام، حصل الانقلاب اليوم. * كيف تعدونه انقلابا؟ - هو لا شك انقلاب بالنسبة للأحزاب التي كانت قد تقدمت بمشروعها ومن ضمنه الإبقاء على الشريعة الإسلامية كمصدر وحيد لجميع التشريعات فكونها تراجعت عما قدمته من هذا المشروع هو انقلاب. ولا تتعجب من كلمة انقلاب لأنها في عصر الانقلابات، ويراد أن تستنسخ التجربة المصرية إلى الوضع اليمني، تواطأ من رعاة المبادرة لإقحام بعض التيارات الإسلامية في معركة متشابهة لما يحدث في مصر. استنتاج للتجربة بكل معانيها. الأحزاب العلمانية تريد أن تنقلب على الإسلام وعلى التشريعات وعلى كل شيء يمس الإسلام أسوة بما حدث بمصر. * عفوا، يقال أنكم تتحدثون باسم الإسلام، والشعب مسلم، وفي الحوار حصل استفتاء على هذه المادة لم تحصل إلا على نسبة 16 بالمائة من يريدون المادة والبقية كانوا ضدها، إذن هذه أغلبية؟ - هذا يشبه ما قيل في مصر حينما جمعت عناصر الفلول وعناصر الداخلية وشيء من الجيش المصري ودبلجت القضية وطالبوا بالإسقاط من أجل أن يقولوا هذا رأي الشعب المصري ولم يعتبروا برأي الشعب المصري في نتائج الاستفتاء على الدستور والانتخابات الرئاسية ونتائج مجلس الشورى والبرلمان وغيرها. هذا ليس رأي شعب، وهذه ديمقراطية عجيبة. الذين هم في الحوار اليوم لا يمثلون عن الشعب ولا يعبرون عن الشعب، يعبرون عن ذواتهم وأحزابهم فقط، وتياراتهم وانتماءاتهم. الذي يعبر عن الشعب هو الشعب نفسه بفئاته المتعددة، ولهذا يجب أن تخضع نتائج الحوار الوطني للاستفتاء الشعبي النزيه. * بالتأكيد حتى الدستور الذي سيخرج من الحوار، إذن ما الداعي لوقوفكم ضد هذه المادة طالما وهو سيتم الاستفتاء عليه؟ - هذا البند أولا، لا يجب المساس به. ويجب أن يكون محصنا من كل استفتاء، قد سبق أن قرر الشعب اليمني معركته مع هذه القضية وحسمها وأصبحت مادة الشريعة الإسلامية مادة مقررة ثابتة استفتي عليها الشعب كله ووقف وهو شعب مسلم مؤمن لا يريد غير الإسلام حاكما. وكوننا اليوم نتخوف ونتوقع ما هو أسوأ هذه النتائج، الشريعة التي تتعرض لهذه المواد التي هي صمام أمان الدستور، نحن ما عندنا إشكالية في إعادة صياغة الدستور وما يتعلق بشأن الحكم والإدارة ونظام الدولة وسياسة الثروات بما يتوافق مع المصلحة الكبرى للوطن، لكن بالنسبة لهذه المادة فهي تضرب في الصميم، فهي عنوان الشعب وهويته، وهي الضمان الوحيد لكوننا نبقى شعبا مسلما لا تُفرض علينا الأنظمة والاتفاقات الدولية التي تتناقض صارخا مع هويتنا. * لكنهم يقرون أن الإسلام دين الدولة، المادة الذي تم الاتفاق عليها هي أن اليمن دولة مدنية دينها الإسلام، بمعنى لا تتعارض مع أن تكون أن الهوية الإسلامية ما زالت قائمة؟ - دينها الإسلام هذه كلمة فضفاضة وتحصيل حاصل، وإلا هل نحن يهود وإلا مسيحيين، معروف أن الدين الإسلام لكن كون الإسلام يبقى كدين لا يمثل الهوية ولا يمثل التشريع لا يكفي. دينها الإسلام نظامها الإسلام شريعتها الإسلام لا بد أن يكون هذا، نحن نتكلم عنه كدين وشريعة معتقد وسلوك، وأنا أتساءل: ما الذي يزعج هذه الأحزاب والقوى التي وقفت ضد هوية الدولة إذا كان الشعب مسلما ودينه الإسلام كما يقولوا، ما الذي يزعجهم بقاء أن تكون هوية الدولة الإسلام، هل يريدون أن يأتوا بدولة تتناقض مع دين الشعب، فيكون دين الشعب الإسلام ودين الدولة غير الإسلام، هل يريدون أن يأتوا بدولة لا تلتزم بالإسلام سلوكا وشريعة. * ما الذي يزعجكم أنتم من حذف هذه المادة، طالما أن الشعب مسلم ولا خوف عليه؟ - يزعجنا أن يبقى اليمن بلا هوية ولا دين، وإذا كان كذلك فلأي شيء نحتكم، وبأي شيء نفتخر، وبأي شيء نتمسك وقد ألغيت هويتنا الإسلامية. السؤال هذا لا يوجه إلينا ما الذي يزعجنا، نقول نحن ما الذي يزعج هؤلاء من بقاء الإسلام، نحن شعب مسلم، وهذه هويتنا وعليها نشأنا، وهي سمة الشعب، الإيمان يمان والحكمة يمانية ما الذي يزعج هذه القوى إذا كانت ليس في قلبها مرض على الإسلام أن تبقى هوية الدولة هي الإسلام. أما هذه الهوية فلن يفرط فيها الشعب وسيقاتل عليها. * الآن ما هي خياراتكم البديلة للوقوف ضد تمرير هذا القانون؟ - أن تنزل هذه الأمور في حالة عدم الوفاق عليها في الحوار إلى الشعب للاستفتاء عليها ، وأن يقرر الشعب بنفسه ماذا يريد، ونحن على ثقة تامة أن الشعب لا يريد غير الإسلام ولن يختار غير الإسلام. * هل من خيارات بديلة عملية من أجل الوقوف أمام تمرير هذا القانون؟ - هذا من وقته، نحن سنقف ضد هذه التغييرات وسنبين للشعب ووسيلتنا هي البلاغ وهي الحوار وهي النقاش وهي البيان. نحن لا نملك وسائل القمع ولا نملك وسائل السلاح والقتل والاحتراب لأن هذا المنطق ليس منطقنا، هذا منطق الغير، منطق من يتحكم بعضهم اليوم في نتائج الحوار الوطني، وعن طريقهم يراد أن يمرر علينا هذه المخرجات المتباينة مع وجهة نظر الشعب. * ما هي قراءتكم كتيار سلفي في اليمن إلى ما يحدث في مصر؟ - ما يحدث في مصر هي مؤامرة صهيونية صليبية بتنفيذ وتآمر عربي بامتياز، ما يحدث هو انقلاب على المشروع الإسلامي، كما أنه انقلاب على الديمقراطية التي تشدق بها الكثيرون وهذا يعني أن الديمقراطية أفلست وخابت، أو أنها وصلت إلى حد انتهاء الصلاحية وأنها لا تصلح في العالم الإسلامي أو العالم العربي بالذات. لأنها تأتي بخلاف ما يشتهي صناعها ورعاتها, وهذا هو الواقع، كان يقال بأن الإسلاميين أعداء للديمقراطية، التزم الإسلاميون بالديمقراطية ودخلوا بهذا اللعبة فانقلب عليها أدعيائها. * لكن هناك انتقادات كبيرة وجهت للإخوان في مصر والرئيس مرسي أنه لم يستطع أن يسير الأمور بشكل صحيح وبدأ في استغلال الحكم ومحاولة أخونة الدولة مما بدا للقوى السياسية إلى إفشال هذا المشروع؟ - نحن لا نمانع من وجود تصحيح أخطاء، وليس قضيتنا الآن قضية محمد مرسي أو قضية الإخوان. القضية هنا قضية الإسلام والهوية. الهجمة الدولية الصليبية على الإسلام وإن تمثلت بالهجوم على الإخوان لكنها تستهدف الإسلام بتشريعاته بتصوراته بمشروعه، ولهذا لو كان هؤلاء صادقين كان ينبغي أن تترك الفرصة القانونية التي يستحقها هذا الرئيس المنتخب خلال فترته ليكملها. وهذا الرئيس لا يمانع من وجود المعارضة وهو حماها بنفسه، وطلب بالتصحيح وعرض المشروع لكل القوى، طالب بالمشاركة لكل القوى، لم تترك له فرصة لا للعمل ولا للبقاء، قامت بمشاريع مناقضة ومكايدة. الدول التي وقفت ضد هذا المشروع حاولت بكل الوسائل أن تسقطه وأن تحاربه في اقتصاده وفي أمنه في الشارع العام. متى ترك لهذا الرئيس فرصة أن يحقق مشروعه، ومع ذلك لو لم يكن ناجحا لما انقلبوا عليه، لأن الفاشل سيترك فاشلا وفشله كاف في إسقاطه، لكنه لم يسقط إلا أنه في طريق النجاح، وبالنجاح فقط أسقط. فقد تخوفوا من نجاحه فدفعوا بكل ما يمكن دفعه، وبكل ما أوتوا من قوة من أجل إسقاطه، إذن محاولة إسقاطه لا لأنه فاشل بل لأنه ناجح. * تعليقك حول مشاركة حزب النور السلفي في إسقاط مرسي؟ - أولا ينبغي أن تعرف أن هناك أكثر من 11 مكون سلفي في مصر، كلها مع الشرعية ومع الرئيس ما عدا حزب النور، ويعود هذا الانقلاب منهم والتواطئ من قبلهم ضد مرسي، لضعف خبرته السياسية ولعدم إدراكه لحقيقة المؤامرة. فهو خدع وجيء به كإضفاء بعض الشرعية على ما يجري، وهذا غباء. بالنسبة لجميع الفئات السلفية تبرأت من هذا الموقف، كما أن جميع التيارات السلفية في العالم العربي وغيره استنكرت هذا الموقف ولا يزال محل استهجان واستغراب وانتقاد. وحزب النور مطالب بالتراجع وإعلان موقفه الصريح، وهو قد كان في طريقه الأمثل لذلك، بدأ إعلان تعليق مشاركته وبدأ بالانسحاب لولا أن بقاءه في ضمن هذه التشكيلة مع أنه لم يعطى شيئا من التركة التي يتقاسمها الأعداء. مع ذلك لم يفصح عن موقفه الأخير والواضح والذي يجب أن يكون متوجا بالبراءة الكلية من موقفه السابق الذي وقف فيه مع الفلول ومع الانقلابيين. * أنت كسلفي، هل لديك تفسير من وقوف حزب إسلامي كحزب النور مع تيارات ليبرالية في جبة الإنقاذ وحركة تمرد من أجل إسقاط مرسي؟ - أولا الغباء حاصل، والاستغفال حاصل، ضعف الخبرة السياسية حاصل. هناك مؤثرات قد تكون خارجية لا نستطيع نفيها، ضغوطات هنا وهناك، قد تكون هناك وعودات من قبل هذه الفلول بأنها لن تحدث شرخا ولن تحدث أذا، وأنها تريد مصلحة البلاد، وهذا من الغباء في نظري. إضافة إلى ذلك قد يكون هناك مواقف ردود فعل من قبل هؤلاء لأنهم شعروا بالإقصاء من قبل الإخوان في الولاية التي دامت لهم سنة، قد يكونوا شعروا وهذا من وجهة نظري من أخطاء الإخوان كونهم أقصوهم. كان ينبغي أن يتم احتواءهم وأن يكونوا عمقا استراتيجيا لهم. لكنه مع ذلك مع خطأ الإخوان، لا يجوز أن يكون مبررا للسلفيين في قضية مصيرية، القضية هنا ترتبط بالولاء والبراء والعقيدة، ولا يجوز أن يرجعوا موقفهم هذا إلى ردة فعل، فالخطأ لا يعالج بخطأ مثله، والله لا يمحو الخبيث بالخبيث وإنما يمحو الخبيث بالطيب. وكان ينبغي للسلفيين أن يضربوا مثلا أعلا في التنازل عن حضوض النفس وأن يتعاملوا مع ما ينطلقون من معتقد وسلوك إسلامي نظيف، لكنهم للأسف قابلوا الخطأ بأسوأ منه، ووقفوا مع من هو شر بل لا مقارنة بين الطرفين، فوقفوا مع الصف الخاسر والخائن الصف المتربص بالأمة، ولهذا يتحملون جزءا كبيرا من هذه الدماء التي تسيل ومن هذه الأفواه التي كممت ومن الخير الذي انقطع ومن الشر الذي سيقع. * إجمالا، إلى أين يمكن أن تتطور الأحداث في مصر وما تأثيرها على اليمن؟ - طبعا العالم يدرك ما لمصر من المكانة الإقليمية والإسلامية ولذلك أرادوا أن تكون الضربة في الرأس، لأن الضرب ببقية الأقطار والسعي لتفكيك بعض القوى هنا وهناك سيكون سهلا بعد توجيه الضربة لمصر. مصر قلب الأمة العربية وهي المعقل الثاني بعد العراق ولهذا ضربها سيتيح المجال لإعادة الفلول التي كانت، سيبعد شبح الخوف عن النظام الصهيوني، سيعيد حركات المقاومة والفصائل الإسلامية في فلسطين إلى ما كانت عليه من الشقاق والإقصاء والاضطراب مع حركة فتح وغيرها. سيعيد تبديد الثروة المصرية، سيعيد التآمر على ضرب الحركات الإسلامية في كل مكان، سيعيد للناس القنوط والإحباط من المشاركات السياسية ولربما يدفع ببعض التيارات إلى العنف وتبني طريق العنف منهجا بديلا عن طريق السلمية والمشاركات السياسية. * ما تأثيرها على اليمن ؟ سيؤثر على بقية الأقطار.. فالحاقدون على الإسلاميين، والفلول موجودون في كل مكان، والموتورون الذي كان الربيع العربي قد جلب لهم اليأس من عودتهم مرة أخرى إلى أن يتماثلوا للشفاء والعافية فيطلون من جديد على الشعوب من أجل حكمها من جديد. سيظهر النفاق بشكل مزعج بحيث يتنكر للجماعات والحركات الإسلامية في كل مكان، سيتيح سقوط الإخوان في مصر، سيتيح المجال لإيران والمشروع الرافضي أن يتمدد ويفعل ما يشاء وليت شعري هل كان يقدر المتآمرون من دول الخليج والذين يزعمون أنهم يخشون من التمدد الرافضي الذي يهدد كيانهم وكذلك هل كانوا يشعرون بردة الفعل وما يسببه سقوط الإخوان في مصر من اكتساح للساحة المصرية ودخول الترفض فيها وهي كانت عمقا وبعدا استراتيجيا لهم في المنطقة أم أن كره الإسلاميين أعماهم حتى عن تدبر مصالحهم وما ينفعهم.