من بين ما تفخر به مصر وهي تتباهى على الدنيا الأزهر والأهرام والقاهرة القديمة (الفسطاط) ومكتبة الإسكندرية ومسجد عمرو بن العاص وأهرامات الجيزة وأبو الهول ومشهد السيدة زينب وضريح الإمام الشافعي.. ومشهد الإمام الحسين سبط الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. وبالرغم مما يكتنف وجود هذا الرأس الطاهر بمصر من شك، فإن أهلها يصرون على أن الرأس الشريف أصبح ملكا لهم ومفخرة. وحق لهم أن يفتخروا، لأن الحسين فخر للأمة كلها يمثل ألف عنوان وألف رمز وألف معنى. هذا الرأس يوم أن حل بمصر حل بها صارخا في وجه الظلم. خرج الحسين من المدينةالمنورة ثائرا ليقطع أول حلقة من حلقات سلسلة الزيف التاريخي. الحسين آية من آيات الله تمثل وسيبقى النور يطارد الظلام ما طارد النهار دياجير الليالي. الحسين رضي الله عنه قطع رأسه مئات المرات، الأولى في واقعة كربلاء، ثم قطع في كل مرة كانت تعقد فيها البيعة زورا وكرها. قطع رأسه في كل نكبات الأمة على مر التاريخ. قطع في التاريخ القديم باسم الخروج على الإمام ونقض البيعة، ويقطع في العصر الحديث باسم محاربة العنف والإرهاب . ولعله قد سُمي سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة، لكثرة وتكرار استشهاده كلما اغتيل العقل ونكل بالضمير، ويا لكثرة ما ذبح الحسين ونكل بالضمير في وطننا العربي البئيس. إن رأس الحسين بمصر يمثل أكبر وأعظم شاهد على ذبح الإرادة وذبح الحرية والاختيار هذه الأيام. سكن الحسين أرض الكنانة ليحقق الشهادة والشهود على أخوال خاله إبراهيم بن مارية القبطية زوج الرسول الكريم كي يبقوا أوفياء لخط جده محمد هادي العالمين. أما اليزيد قاتل الحسين, فليس شخصا كان ومات، وإنما هو خطيئة تاريخية تتجدد عبر الزمان والمكان. ظهر اليزيد في التاريخ القديم مئات المرات، فقطع ألسنة العلماء والمصلحين والمفكرين، وظهر بالأمس القريب في الجزائر وليبيا واليمن وتونس والعراق، ويظهر اليوم متقمصا شخص الأسد في سوريا والسيسي في مصر، ليجهز على إرادة الشعوب. إن قدر مصر أن ينبعث أشقاها (يزيدها) السيسي) ينفخه الغرور والطيش بمباركة سادن الأزهر الذي تسبب في إراقة الدماء باسم ارتكاب أخف الضررين، وسادن الكنيسة، الذي تسبب في إزهاق الأرواح باسم المحبة والسلام, ليقول ما قاله جده من قبل (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد). إن أهل مصر اليوم مدعوون لتأمل وجود الحسين بين ظهرانيهم، إنه ما استقر بينكم يا أخوال خاله إلا ليحميكم من ظلم اليزيد كلما ظهر بينكم من جديد، فكونوا في صف الحسين، ولا تكونوا في صف من يسفك الدماء ويسأل عن دم البعوض.