بعد اسابيع من الصيام والقيام وقراءة القرآن الكريم وبذل الخير والصدقات، وبعد تلك النفحات الإيمانية التي هبت نسائمها طوال الشهر الفضيل، شهر العتق والغفران، والقرآن، يطل علينا اليوم عيد الفطر السعيد، ونحن أحوج ما نكون إلى وقفة صادقة مع النفس، وهل أدينا ما علينا خلال شهر رمضان المبارك من عبادات خالصة لوجه الله تعالى، فأمسكنا عن الغيبة والنميمة والكلام المذموم، كما أمسكنا عن الطعام، وهل صبرنا على المسيء، كما صبرنا على الجوع والعطش، وهل شعرنا بمتعة مساعدة عائلة فقيرة، أو مسح رأس طفل يتيم، أو قدمنا دعماً لمركز أيتام، وهل سيتواصل هذا الشعور الطيب بعد رمضان؟!. عيد الفطر المبارك، هو اليوم الذي يتوج الله به شهر الصيام، ويفتح به أشهر الحج إلى بيته الحرام، ويجزل فيه للصائمين والقائمين الأجر والجزاء والاكرام، إنه عيد تمتلئ به قلوب المؤمنين فرحاً وسروراً، وتنشرح به صدورهم لذة وحبوراً، يخرج الناس فيه لربهم حامدين ومعظمين ومكبرين لنعمته بإتمام الصيام مغتبطين وشاكرين، ولخيره وثوابه وأجره مؤملين وراجين، يسألون ربهم الكريم أن يتقبل أعمالهم، وأن يتجاوز عن سيئاتهم وأن يعيد عليهم هذا العيد أعواماً عديدة وأزمنة مديدة على خيرٍ وطاعة الله العزيز الحكيم. في هذا العيد لا بد أن نذكر من سبقنا إلى الدار الآخرة من الأهل والأحباب، ونجزل لهم بالدعاء، وان نعرف أن هناك من أقعدهم المرض وأعاقهم عن شهود جمع العيد، فهم في المستشفيات راقدون، بخاصة الأطفال وهم يستمتعون من أن نزورهم، على مستوى الجمعيات، والجامعات والمؤسسات، لنخفف من آلامهم، ونمسح دموعهم، لأن أفضل الأعمال في يوم العيد وأكثرها نفعاً زيارة المرضى ومراكز الأيتام والمسنين في أماكنهم ومواساتهم. في يوم العيد، يجب أن نذكر أخوة لنا في سوريا أهلكتهم جرائم النظام، فقتلت طائراته، ودباباته ومدفعياته الآلاف من النساء والأطفال والشباب، وشرد مئات الألوف، وسالت الدماء الزكية في معظم المدن والقرى السورية منهم يستحقون منا الدعوة إلى الباري عز وجل أن ينصرهم، ويشفي جرحاهم، ويرحم قتلاهم، ويفك أسر المعتقلين منهم. وألا ننسى مديد العون إلى العائلات السورية اللاجئة عندنا، وأن نصطحب اطفالنا لتقديم الهدايا لأطفالهم ونخفف من متاعبهم ومعاناتهم ومصاعبهم، وابتعادهم عن الديار والاحباب. في هذا العيد، نأمل ألا تمتلئ المستشفيات بالمراجعين الذين يشكون في كل عيد من التلبك المعوي والاضطرابات الهضمية نتيجة تناول كميات كبيرة من الحلويات واللحوم، والقهوة وغيرها وأن نقتصد في طعامنا بعد أن تعودنا على الصيام طوال شهر كامل. في هذا العيد نأمل أن نحافظ على أطفالنا من حوادث السير، وأن نوجه رسالة إلى كل سائقي السيارات بأن يتقوا الله ويلتزموا بعدم السرعة بخاصة داخل المدن والقرى، فقد كنا نشهد حوادث سير مؤلمة في أعياد ماضية. عمل الخير نأمل أن يستمر بعد رمضان، وهناك من يتطلع إلى نفس الأيدي الحانية والقلوب المؤمنة، والسخاء الذي شهدناه، وألا ننسى هذه الفئات المحرومة. في عيد الفطر السعيد نبعثها تهنئة خالصة من الأعماق إلى كل المسلمين في أنحاء المعمورة وندعو الله عز وجل أن يفرج كربهم، ويجمع صفهم، ويحرر مقدساتهم، ويحقن دماءهم، وأن يعود مجدهم، وكل عام والجميع بألف خير.