هاهو شهر القرآن، شهر الرحمة والغفران، شهر رمضان المبارك قد جمع أمتعته وحزم حقائبه وغادرنا على عجالة لم أعهدها منذ أن عرفت نفسي صائماً للمولى عز وجل وأنا في الصف الخامس الابتدائي بمدرسة العهد الجديد بمدينة معبر. غادرنا رمضان سريعاً وكأنه لمس فينا أننا لم نعطه حقه ولم تعد فينا تلك النزعات الروحانية والسلوكيات الإيمانية التي تنثال من العبق الرمضاني الذي اعتدنا عليه في السنوات الماضية، غادرنا رمضان والسعيد هو من حصد فيه الجوائز الإلهية الكبرى التي أعدها المولى عز وجل للصائمين من عباده، فهنيئاً لمن صام نهاره وقام ليله وقرأ كتابه وأخلص عمله وتقرب إلى ربه بالطاعات والفضائل التي تجعله من الحاصلين على تذاكر العبور إلى جنات النعيم عبر باب الريان، سائلاً من المولى عز وجل بأن يجعلنا من الذين شملتهم الرحمة والمغفرة والعتق من النار في هذا الشهر الفضيل والذي نسأل من الله أن يعيده علينا وعلى أبناء شعبنا والأمتين العربية والإسلامية بالخير واليمن والبركات والصحة والسلامة. غادرنا رمضان وحل علينا عيد الفطر المبارك هذه المناسبة الدينية العظيمة التي جاءت تكريماً للصائمين واحتفاء بهم بعد شهر حافل بالطاعات والعبادات وتلاوة القرآن، حيث تجسد هذه المناسبة وحدة المسلمين والتفافهم حول راية الإسلام وثوابته العظيمة والخالدة فالمسلمون في كل بقاع الدنيا يحتفلون بهذه المناسبة في وقت محدد تتحد في القلوب والأفئدة لتحلق في أجواء مفعمة بالسعادة والبهجة والفرح والسرور، وفي بلادنا الحبيبة للعيد نكهة ومذاق خاص حيث تتميز مجتمعاتنا المحلية بطقوس وعادات وتقاليد عيدية في غاية الروعة والجمال ولعل فرحة الأطفال وسعادتهم بهذه المناسبة هي الصورة الأكثر جمالاً وسحراً فيها فهي من تعطي العيد نكهة ومذاقاً متميزاً، الفرحة ترتسم على محياهم منذ المساء يلبسون ملابس العيد ومن فرحتهم بها ينامون بها حتى صباح العيد وفي الصباح تجدهم بحيوية يرسمون لوحة بديعة للفرح والسعادة ببراءتهم المعهودة دونما تكلف أو تصنع، وهم وليس غيرهم من تفشل أمامهم حيل الآباء وأولياء الأمور الذين يتذرعون بعدم الوفاء بالالتزامات العيدية الخاصة بهم بأن العيد عيد العافية، وقد يكون العيد عيد العافية عند الكبار أما الأطفال فإنهم يأخذون حقهم ويحصلون على طلباتهم غير مكترثين بالأوضاع المادية والحالة المعيشية«فالكسوة والعسب والجعالة» هي المطلوب عندهم «وطز في البقية». وفي العيد تتجلى صور التراحم والتكافل الاجتماعي وذلك من خلال زيارة الأرحام والعطف عليها وتلمس احتياجاتها، والرفق بالأيتام والأرامل والأسر الفقيرة والمعدمة من أجل أن تطغى فرحة العيد على الجميع دون استثناء دونما أدنى شعور بالنقص والتفضيل، ومن الضروري في العيد الإقبال على الله بالطاعات وعدم التكاسل في أدائها والابتعاد عن السلوكيات غير المحمودة والتي تفسد علينا فرحة العيد مثل إطلاق النار والإسراف في الأطعمة والتهور في قيادة المركبات والسيارات، والإغراق في استخدام الألعاب النارية والألعاب التي تلحق أضراراً بالآخرين والتي يعبث بها الأطفال وغيرها من السلوكيات التي لافائدة مرجوة منها، وهنيئاً لمن جاد في هذا اليوم بالعطاء الجزيل على الفقراء والمساكين والمحتاجين والأيتام وخصوصاً أولئك الذين يقبعون داخل منازلهم ونحسبهم كما قال المولى عز وجل أغنياء من التعفف، فأيديهم لاتمتد للتسول وألسنتهم لاتطلب المساعدة ولاداعي للرياء والتمظهر أمام الناس بتوزيع المساعدات كما يفعل بعض تجارنا وخصوصاً أن من يحتشدون في الطوابير الطويلة أمام منازلهم ومحلاتهم وأسواقهم غالبيتهم لايستحقون الصدقة وهؤلاء أذكرهم بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام «صدقة السر تطفئ غضب الرب». وفي بلادنا الحبيبة يأتي عيد الفطر المبارك متزامناً مع احتفالاتنا بالعيد السابع والأربعين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة والتي تخلص فيها شعبنا من أدران الحكم الإمامي البغيض ومضى بإرادة أمضى وعزيمة لاتلين يرسخ مبادئ النظام الجمهوري ومكتسباته العظيمة، كما يأتي العيد متزامناً مع بشائر النصر المؤزر بإذن الله لأبناء قواتنا المسلحة والأمن الأبطال على ماتبقى من فلول التمرد الحوثي في محافظة صعدة، حيث يواصل أبطالنا الأشاوس دك معاقل المتمردين وتوجيه ضربات موجعة لهم، ثمناً لجرائمهم اللاإنسانية التي ارتكبوها في حق أبناء محافظة صعدة وأبناء القوات المسلحة والأمن والتي تنم عن حقد دفين ونهم إجرامي غير مسبوق لأفراد هذه العصابة المارقة والإجرامية والتي تجاوزت كل حدود العقل واستنفدت كل خيارات السلم والحوار، ومامن شك فإن التاريخ سيسجل لكم ياحماة الوطن وقفتكم الصامدة ومواقفكم البطولية للذود عن حمى الوطن وأمنه واستقراره في هذه المناسبة العيدية العظيمة، فالوطن وأمنه واستقراره فوق كل اعتبار ويكفيهم دعوات الملايين من أبناء الشعب الذين يدعون لهم بالنصر والتوفيق والسداد. وفي هذه المناسبة لايفوتني بأن أترحم على شهداء الوطن الأبرار، شهداء الثورة والوحدة والديمقراطية من قدموا أرواحهم الطاهرة فداء للوطن ودفاعاً عن مكتسباته ومنجزاته الخالدة التي نفاخر بها اليوم. وبالمناسبة أتقدم بخالص التهاني وأجملها وأطيب التبريكات لقيادتنا السياسية وأبناء شعبنا اليمني وأبناء الأمتين العربية والإسلامية بهذه المناسبة العظيمة والتهنئة خاصة لشقيقي الأصغر محمد ورفاقه من أبناء قواتنا المسلحة والأمن أبعثها لهم إلى مواقع البطولة والتضحية والفداء وهم يشاركون في دحر قوى التمرد الحوثية وللجميع عيد مبارك وكل عام وهم بألف خير.. ومن العايدين.. وعساكم من عواده.