ثمة الكثير مما يختلج القلب في شهر البركة والخير .. رمضان .. ومن ذلك الكثير إن الصيام ليس صيام البدن عن الطعام والشراب فقط وإنما صيام القلب عن المعاصي ايضاً ، لكن مع فارق إن الصيام عن الطعام والشراب ينتهي بافطار بعد آذان المغرب كل يوم، بينما الصيام عن المعاصي يجب أن يستمر بلا إفطار ، وطوال شهور السنة .. إن ما أقصده بصيام القلب هنا ، يشمل الكثير الكثير من الأعمال الطيبة ، منها : أن نطهرالقلب من أي مشاعر بغيضة ورغبات سيئة . أن نحفظ اللسان من الزلل والغيبة والإساءة الى إنسان آخر .. وأن نعوده على أن يقول كل ماهو طيب . أن نمرن الروح على التسامح مع الآخر . أن نعود انفسنا على فعل الخير دائماً مهما كان بسيطاً . أن نحاول مسح دمعة من عين طفل يتيم . أن نعين الفقير والمسكين . أن نيسر للأخرين أمورهم ، ولانضع العقبات أمام حاجاتهم وطموحاتهم المشروعة ، ولانمنع الخير عنهم . أن لانحارب الآخرين في أرزاقهم وأعمالهم ، وأن لانسرق اللقمة من فم غيرنا . أن ننظر للآخرين كما ننظر لأنفسنا ، وان نحب لهم مانحب لأنفسنا . أن ننزه النفس عن التكبر والتعالي والغرور ، مهما بلغ شأننا وكبرت نجاحاتنا . أن نشكر الله على كل نعمة نحن فيها . أن نحاول الحفاظ على مساحة البياض في قلوبنا ، تلك المساحة التي تشعرنا بأننا أنسانيون في تعاملنا مع الجميع . أن نرفض الفساد والكذب والغش وما الى ذلك . أن نقدم النصيحة الطيبة والخالصة لمَن يحتاجها او يطلبها منا . أن نقول الحق دائماً . أن نحاول منع الأذى عن الآخر . باختصار ، أن نبحث عن كل ما يمت للخير بصلة ، فنعمل به بمقدار استطاعتنا . فليكن بعضنا عوناً للبعض الآخر ، فعلاً ، وليس قولاً ورياءً كما يفعل أولئك الذين يقضون شهر رمضان في التعبد ، وما أن ينتهي حتى يعودوا لنفاقهم وأحقادهم ومؤامراتهم وملذاتهم ، هذا إن لم يكفوا عنها أصلاً في شهر رمضان وهم صائمون . إن الصيام لايكتمل بالكف عن الأكل والشرب حتى المساء ، بل بدعم مساحة النقاء في الروح والقلب ، من خلال كل عمل طيب ، وإن كان عملاً صغيراً . وليس صيام القلب سوى أن يبقى مفطراً على حب الناس والخير . وكل رمضان أنتم بخير ، تزهون بقلوب بيضاء .