أعلن الإعلام الحكومي القبض على المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع فجر 20/8/2013، وتظهر الصور بأنّه كما تقول قناة ساويرس إنّه في مكان آمن. تخيّل الانقلابيون أنّه بالقبض على المرشد أو القيادات ستنهار الجماعة ويتوقف الاعتراض على الانقلاب، وهم بذلك واهمون تماما ويؤكد أنّهم منفصلون عن الواقع. فتنظيم الأخوان مستمر منذ حوالى 85 عاما وتعرّض لمحنات رهيبة من اعتقالات وتعذيب وقتل ورغم ذلك ما زال مستمرا بفضل الله. وغالبا ما يعتمد على الإدارة اللامركزية وهذا ما أتاح لها التغلب على قيود كثيرة في أوقات ضغوط الدولة وتخطيها بنجاح، فمثلا، سأضرب مثالا قريبا، عندما كانت تتم انتخابات مجلس الشعب أيام مبارك فتكون حملة هوجاء لاعتقال كوادر وقيادات كثيرة ويتم التضييق الخرافي ورغم ذلك ينجح الكثيرون. وما يؤكد كلامي عن قوة التنظيم أنّه قد تم تعيين الدكتور محمود عزت نائب المرشد كمرشد مؤقت لحين انتخاب مرشد جديد خلال دقائق من إعلان اعتقال المرشد. هل يمكن أن يحدث هذا في إدارة ضعيفة؟ ولكن هناك ملاحظات بسيطة توضح كيف يتلاعب الإعلام بعقول الناس: - إذا كانت الأخوان جماعة مسلحة، فكيف يتم القبض على المرشد بدون أدنى مقاومة؟ حيث كان الأولى أن تكون هناك قوة مسلحة لحمايته وتشتبك مع الأمن لحين تهريبه. - المرشد استشهد ابنه منذ أيام في مظاهرات الجمعة 16 آب، أيّ أنّه لا يبخل أيّ من القيادات بأبنائه أو بنفسه، أيّ ليس كما يزعم أباطرة الإعلام الكاذب. - المرشد نفسه تم اختياره ضمن «أعظم مئة عالِم عربي» وفقاً للموسوعة العلمية العربية التي أصدرتها الهيئة العامة للاستعلامات المصرية 1999، أيّ أنّ قيادات الأخوان على مستوى عالٍ من العلم والثقافة وليسوا مغيّبين. - وحتى المرشد المؤقت الدكتور محمود عزت حاصل على الدكتوراه في الطب منذ حوالى 28 عاما ودبلوم الدراسات الإسلامية وإجازة قراءة حفص من معهد القراءات وغيره الكثيرون. - الجماعة تعتمد على فكرة واعتقاد وليس أفرادا مثلما يحدث مع أحزاب أخرى كثيرة، فمثلا يمكنك ملاحظة أنّه خلال مظاهرات الأخوان طوال عشرات السنين الماضية لم نرّ أحداً منهم يرفع صورة المرشد. بينما نجد أحزابا كثيرة لا يعرف اسمها، بل يعرف الحزب بمؤسسه فيقولوا حزب فلان. - الكلام عن أنّه في «مكان آمن» ينفي وجود دولة القانون أو وجود دولة أصلاً، فالرئيس مخطوف في مكان لا يعلمه أحد أو حتى النائب العام منذ أكثر من شهر ونصف ولا يسمح لأيّ زيارة له، حتى لأهله، هل هكذا تدار دولة؟ - أيام مبارك لم يتم اعتقال أيّ مرشد رغم وجود أكثر من مرشد خلال 30 سنة في حكم مبارك، وذلك ربما لإدراكه أنّ المسألة ليست مرشد أو أنّه لا يريد أن يصل الاستفزاز لخط أحمر. وهنا بذلك يتّضح الفارق بين طاغية يصل لهدفه بنوع من السياسة الشكلية حتى ولو فاسدة، وبين طاغية أهوج يعتمد على انفعالاته أكثر من أيّ شيء آخر. ولكن في النهاية أعتقد أنّ تلك الأبيات معبّرة عن الموقف بشكل كبير: لا تأسفن على غدر الزمان لطالما رقصت على جثث الأسود كلاب لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها تبقى الأسود أسودا والكلاب كلاب تبقى الأسود مخيفة في أسرها حتى وإن نبحت عليها كلاب تموت الأسد في الغابات جوعا ولحم الضأن تأكله الكلاب وعبد قد ينام على حرير وذو نسب مفارشه التراب