وهكذا يا سادة يا كرام تدخل السودان على خط مصر والشام؛ فرأسها مطلوب ايضا حتى لا تقوم قائمة بعدها لأي قحطان او عدنان، فينعم أبناء العمومة بالامن والسلام، والخيرات من الفرات الى النيل، فيحقق يهود العصر الاحلام. تلك هي الحكاية، والمطلوب اليوم هزيمة نكراء لكل الامة، وإعادة تاريخها إلى ما قبل الاسلام كشعوب وقبائل متناحرة، يتسلط عليها بنو قريظة والنضير، فخيبر في ذاكرتهم، ولم نتعلم نحن من سقوط الاندلس والتنصير في غرناطة! اليوم ها هو العراق ينزف بلا هوادة، وسورية تقطر موتاً ودماراً، ومصر لن يستقر حالها، وتعم الفوضى ليبيا، وتونس على قلق مستمر، واليمن محكوم من محيطه الخليجي، وعن موريتانيا والصومال حدث ولا حرج! والجزائر على موعد مع مصير أخواتها، واعتبارا من امس الاول دخل السودان حلبة انتحار الامة. أما من يظنون باستقرارهم فحكايتهم مختلفة، وينبغي العلم أنه ليس ليهودي هنا او في امريكا عهد وقد نكثوه من قبل في مكة والمدينة. من أكثر ما يميز أمريكا خلطاتها الشهيرة للأكلات السريعة مثل «الكنتاكي» و»البرغر» و»الببايز» و»الماكدونالز»، وهي تعتبر أمرها سرياً، وبعدم كشفها غزت العالم. أما من حاولوا تقليدها فقد عجزوا جميعا عن الوصول الى نفس المذاق، لتظل الخلطة الامريكية خصوصية بامتياز. في السياسة لا تختلف الامور، فهناك خلطة امريكية لها ايضا، وهي أكثر ما تكون غامضة وسرية فيما يخص سورية، فمنذ بداية أزمتها والموقف الامريكي منها شكل خلطة سياسية عجيبة، فمن إعلان سقوط شرعية الاسد والمطالبة برحيله، ثم محاكمته فدعم المسلحين ثم التحفظ على بعضهم، الى قصة الكيميائي، وصولا الى لقاءات امريكية ايرانية، وقرار مجلس أمن بإشارة إلى البند السابع، وما بين ذلك كله من تحريك للأساطيل لتوجيه ضربة عسكرية، وحتى «جنيف الثاني»، كل ذلك خلطته امريكا منتجة بقاء الازمة، ونقلها من سيئ الى أسوأ؛ فالنظام على ما هو عليه، والمسلحون كذلك! وستظل امريكا تخلط إلى أن لا تجد ما تخلطه.