سبق وأن قلنا منذ أكثر من عام، وفى مقالات عديدة إن أمريكا وغلمانها، بدأوا يعلنون الحرب على الإسلام والمسلمين على المكشوف دون حياء، ولا خجل، ولا خوف، ولا وجل، تارة باسم الإرهاب، وتارة باسم التطرف! لأن فترة التكتم، والتخفى، والسرية قد انتهت صلاحيتها! ولم تعد تنفع، ولا تُجدى فتيلًا. وقد ظهر هذا الكشف العلنى على استحياء أول مرة، فى تصريح علنى لرئيس أمريكا بوش فى عام 2001، حينما غزا أفغانستان، فقال: لقد عادت الحرب الصليبية من جديد. واعتبرت وسائل الإعلام أن هذا كان مجرد زلة لسان. ولكن الحقيقة أنها كانت البداية للسير فى طريق الحرب العلنى، المكشوف على الإسلام، إلى أن بلغت ذروتها فى الإعلان عن ما يسمى الاتفاق الدولى الإيرانى بشأن أسلحته النووية. هذا التصريح العلنى، المكشوف، بتوقيع الاتفاق بين إيران ومجموعة الدول العظمى، يمثل قمة الاستغفال، وذروة الاستهبال، وأوج الاستخفاف بعقول البشر عامة، وعقول العرب المسلمين خاصة، الذين لا يزالون يتقبلون أن يضحك عليهم هؤلاء الخبثاء الأنجاس. وتعمل الآلة الإعلامية الرهيبة متمثلة بجنودها المرتزقة، على تسويق، ونشر، وتوزيع هذا الاستغفال والاستهبال. علمًا بأن: التوافق بين أمريكا وغلمانها، وبين إيران موجود، وحاصل من قبل الثورة الخمينية، وكانت الترتيبات الخفية، السرية، بينهم وبين الخمينى، على أن تظهر إيران بأنها الدولة الإسلامية، المناصرة للمستضعَفين، والمظلومين، والمعادية للاستكبار العالمى المتمثل بأمريكا وإسرائيل، وأن تحتفل بشكل دورى بمناسباتها العقائدية الخاصة بها، وتقوم بالتظاهر بلعن، وسب، وشتم الشيطان الأكبر (أمريكا). لماذا كانت إيران الخمينية تفعل ذلك؟ ولماذا طلب منها الغرب أن تفعل ذلك؟ الجواب لأولى الأبصار: لكى تبيض وجهها أمام العالم الإسلامى، وتظهر أنها الدولة الوحيدة المناصرة لحقوق المسلمين، والمستضعَفين، والمظلومين أمام الاستكبار الأمريكى. وأنها الدولة الوحيدة الشجاعة، الجريئة، المعادية لأمريكا وإسرائيل ومخططاتهما فى المنطقة العربية. وبما أن الشعوب العربية والإسلامية –حتى بما فيهم الحركات الإسلامية– تعشق، وتهيم حبًا وغرامًا بهذه المظاهر الخلبية، الخادعة، وتصدق هذه الشعارات الطنانة، الرنانة، وتعتبرها حقيقة، لا مراء فيها، ولا جدال. فقد تم التركيز عليها، وتسويقها، ونشرها فى كل وسائل الإعلام المختلفة، واختلاق بعض الحروب، والمعارك بين إيران وحلفائها، وبين إسرائيل وحلفائها، لتدعيم، وتعضيد هذه النظرية المزيفة، وإظهار إيران بالبطل الإسلامى الصامد، الرادع، المقاوم، الممانع. وهكذا: حينما بدأت إيران قصة المشروع النووى، تظاهرت أمريكا وغلمانها بالعداء، والاستنكار، والرفض له، وتتالت التصريحات العنترية، النارية بعدم السماح لها بامتلاك السلاح النووى، لأجل ترسيخ نظرية العداء بين إيران والغرب، لدى الشعوب العربية المُستغفلة، الشاردة، التائهة! ولأجل ابتزاز الدول العربية النفطية، وامتصاص أموالها بصفقات أسلحة قديمة، مهترئة. والحقيقة أنها كانت مسرحيات هزلية، لتسويق المشروع الإيرانى الشيعى عند الشعوب المسلمة المٌغَفَلة، المسحوقة، المقموعة، المضطهدة، لإظهار هذا المشروع بالصورة الجميلة، البديعة، وعلى أنه هو المشروع الإسلامى المرتقب، المشروع الحضارى الذى سيعيد أمجاد المسلمين، ويدافع عن حقوقهم، ويتصدى، ويقاوم مؤامرات الاستعمار الأمريكى الإسرائيلى. ولكن: حينما بدأت الثورة السورية، وظهرت إيران بأنها الحليف الأقوى للنظام الأسدى، بل هى الراعية الحصرية له، والموجهة، والمديرة، والداعمة، والمساندة له، والممانعة، والمقاومة لمنع سقوطه، وأخذت التصريحات تزداد علانية، وسفورًا، ووضوحًا، بأنها هى المسيطرة، والمتحكمة فى سير المعارك ضد الشعب السورى، وبأنها لن تسمح بأى شكل من الأشكال بزوال الحكم الأسدى. وحينما اكتشف الشعب السورى، وبعض الشعوب العربية أسرار وخفايا المشروع الإيرانى المتمثل فى نشر العقائد الشيعية الشركية بين المسلمين قاطبة، أو القضاء على المسلمين الرافضين للتشيع، وقتلهم، وذبحهم. وحينما تيقنت أمريكا وغلمانها أكثر وأكثر، بأن زوال نظام الأسد، يعنى زوال إسرائيل فى المستقبل القريب أو البعيد، وأن النظام الإسلامى هو البديل الوحيد له، لتعطش الشعب السورى له، وانتظار تحقيقه منذ زمن بعيد، وأن تحقيق هذا الحلم فى سوريا، يعنى تحقيقه فى البلاد العربية جمعاء، وهذا يعنى تحطيم المشروع الشيعى، وبالتالى تدمير المصالح الأمريكية والغربية والشرقية، وبالتالى انهيار الإمبراطورية الأمريكية، بسبب خسارتها مليارات الدولارات. ولهذه الوقائع الحقيقية المُغيَّبة عن عموم الشعوب العربية، والتى بدأ الأحرار الثوار السوريون، وسواهم يكتشفونها، سارعت الدول المسيطرة على الكرة الأرضية، إلى توقيع الاتفاق بينها وبين إيران علانية، جِهاراَ، بعد أن كان سرًا، خفية! لتوصيل الرسالة التالية للشعوب العربية: افهموا على المكشوف! لن نقبل لكم أن تصبحوا أحرارًا! إن حصولكم على الحرية يعنى: إقامة حكم إسلامى فى سوريا! وهذا خط أحمر لن يُسمح به ألبتة. ودونه استمرار دعم، وتأييد المشروع الشيعى للمحافظة على تواجده، وهيمنته، وسيطرته على كل من العراقوسوريا ولبنان وعلى طول الشريط الساحلى للجزيرة العربية الممتد من الجنوب إلى الشرق. ودونه مواصلة الدعم والتأييد للأسد الصغير ليقود المرحلة الانتقالية المزعومة بعد مؤتمر جنيف 2، ومتابعة القتل والذبح للمسلمين، وتدمير سوريا أرضًا وشعبًا. هل سيعى المسلمون فى الأرض كلها هذه الرسالة؟ وأن المستهدف الحقيقى ليس مسلمو سوريا لوحدهم، بل مسلمو الأرض كلها؟!.