طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية أمس الحكومة المصرية بالتراجع عن قرارها، باعتبار جماعة الإخوان المسلمين "جماعة إرهابية"، معتبرة أن هذا القرار "يهدف إلى توسيع حملة القمع على أنشطة الإخوان السلمية، وفرض عقوبات قاسية على مؤيديها". وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في المنظمة: "يأتي قرار الحكومة بشأن الإخوان المسلمين بعد خمسة أشهر من الجهود الحكومية لشيطنة الجماعة. وإذ تندفع الحكومة لتوجيه أصابع الاتهام نحو الإخوان دون تحقيق أو أدلة، فإنها تبدو وكأن شيئًا لا يحركها إلا الرغبة في سحق واحدة من كبرى الحركات المعارضة". واعتبرت أن "الهجوم الحكومي على الإخوان تعدى مرحلة خنق الأنشطة السياسية السلمية إلى تقليص الخدمات الصحية والمدارس التي تشتد حاجة المصريين العاديين إليها، ولا يبدو أن ثمة نهاية لهذه الموجة القمعية". جدير بالذكر أن الحكومة المصرية برئاسة حازم الببلاوي أعلنت في الأربعاء الماضي تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كجماعة "إرهابية". وجاء التوصيف الحكومي مباشرة في أعقاب هجوم تفجيري في 24 كانون الأول 2013 على مديرية الأمن بمدينة المنصورة في الدلتا، وهو الهجوم الذي خلف 16 قتيلاً وأكثر من 130 مصاباً. ألقت الحكومة مسؤولية التفجير على الإخوان المسلمين دون تحقيق أو تقديم أدلة. وأدان الإخوان التفجير، مطالبين ب"تقديم مرتكبي هذه الجريمة إلى العدالة". ونشرت جماعة "أنصار بيت المقدس" في سيناء بياناً على الإنترنت يتبنى مسؤولية الهجوم وأقر بدر عبد العاطي المتحدث باسم الخارجية المصرية، حسبما نقلت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال"، بعدم توفر أدلة مباشرة على تورط الإخوان في تفجير المنصورة على الفور. وقالت هيومن رايتس ووتش إن توصيف الحكومة للجماعة بالإرهابية يبدو وكأن الغاية منه هي إنهاء أي نشاط للإخوان المسلمين. وقال هاني عبد اللطيف الناطق باسم وزارة الداخلية، في مقابلة بتاريخ 26 كانون الأول على التليفزيون الحكومي، إن توصيف الإرهاب يتيح للوزارة التعامل مع الإخوان بموجب الباب المتعلق بالإرهاب في قانون العقوبات المصري (المواد 86 إلى 99). كما أشار بالتحديد إلى أن المشاركين في مظاهرة قد يواجهون السجن لمدة تبلغ 5 سنوات، بينما يواجه من يقودهم عقوبة الإعدام. وورد في بيان الحكومة في 25 كانون الأول أن المشاركة في أنشطة الإخوان أو الترويج لها أو تمويلها يقع بدوره تحت طائلة العقوبات الجنائية بموجب نفس الباب في قانون العقوبات. وأعلن أسامة شرابي المدير الأسبق للإدارة العامة للمصنفات الفنية خلال برنامج تليفزيوني في 26 كانون الأول على قناة الحياة، أن أي شخص أعلن أن أي شخص ينشر علامة رابعة التي تحيي ذكرى أولئك الذين قتلوا عندما فضت الحكومة اعتصام رابعة في آب، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، سيواجه تهما جنائية بموجب قانون العقوبات. وقامت وزارة الداخلية بمنع الصحيفة اليومية التي يصدرها حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان من النشر يوم 26 كانون الأول، كما ورد في تقرير لصحيفة الأهرام الحكومية. ونشرت الشرطة أيضاً بياناً على صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك" يدعو المواطنين إلى استخدام خط ساخن للإبلاغ عن أية معلومات عن أعضاء الإخوان أو أنشطتهم. وقالت سارة ليا ويتسن: "تعدى الهجوم الحكومي على الإخوان مرحلة خنق الأنشطة السياسية السلمية إلى تقليص الخدمات الصحية والمدارس التي تشتد حاجة المصريين العاديين إليها. ولا يبدو أن ثمة نهاية لهذه الموجة القمعية". وأضاف تقرير المنظمة: "إن مصر كدولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ملزمة بتعزيز الحق في حرية تكوين الجمعيات. والقيود الوحيدة المسموح بفرضها على هذا الحق هي تلك التي "تشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم". وينبغي لهذه الاستثناءات أن تستند إلى القانون، وأن تكون ضيقة التأطير، كما يقع عبء إثبات ضرورة هذا التصرف في حالة محددة على عاتق الحكومة. وتحتاج الحكومة عند تبني إجراء متطرف من قبيل حظر جمعية أهلية إلى التدليل على أنه كان ضرورياً لتحقيق غرض محدد ومشروع في نطاق أحد الاستثناءات المذكورة". وقد ذكر مقرر الأممالمتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، في تقريره عن مصر لعام 2009، أنه "ينبغي لتعريفات الجرائم الإرهابية أن تقتصر حصرياً على الأنشطة المنطوية على استخدام العنف المميت أو الخطير، أو المتعلقة به مباشرة، ضد مدنيين… أما حظر المنظمات الإرهابية، بما في ذلك تحميل مسؤولية جنائية لأعضائها، فينبغي أن يتم على أساس أدلة موضوعية على أنشطة ذات طبيعة إرهابية حقيقية، وعلى تورط الأشخاص المعنيين فعليا". إذا وجدت أدلة على تورط جماعة أو أعضائها في مسلك يخالف القانون -من قبيل أعمال العنف أو التحريض عليه- فإن مسؤولية الحكومة تقضي بملاحقتهم طبقاً للقانون. ومع ذلك، فإذا لم تكن هناك أدلة تثبت أن الأفعال الإجرامية لأعضاء الجماعة تمثل سياسة للمنظمة أو خطة وضعتها، فإنه لا يوجد أساس للربط بين أفعال الأعضاء والمنظمة كانت حكومات مصرية سابقة قد حاولت القضاء على الإخوان المسلمين. فقبل خلع الرئيس حسني مبارك في 2011، كان الإخوان جماعة محظورة منذ 1954 وقد تم زج أعضائها في السجون على أيدي الحكومات المصرية المتعاقبة للانتماء إلى جماعة غير مشروعة. وقد حصل حزب الحرية والعدالة على وضعه القانوني في 2011، وسجل الإخوان أنفسهم كجمعية أهلية في 2013. وقالت سارة ليا ويتسن: "يجوز للمصريين، بل يجب عليهم التناقش حول صدق التزام الإخوان المسلمين بالديمقراطية ومداه، لكن قمع الجماعة دون هوادة يضرب عرض الحائط بالحقوق والحريات الأساسية للإنسان".