♦أعلنت جماعة الحوثي المسلحة سيطرتها على جبهة كتاف في 28 من ديسمبر السابق، بعد تراجع الجبهة التي يقودها رجال قبائل وسلفيون لمناهضة الحوثي، بعد حصاره لمنطقة دماج لا يزال مستمراً. وارتفعت نشوة الحوثيين بعد هذا الانتصار، وتم الاحتفال بوسائل إعلامهم عن هذا الانتصار الكبير للجبهة التي كانوا يخشونها بشكل كبير، ودفعهم هذا الانتصار إلى فتح جبهات جديدة في الجوف، وأرحب. أما جبهة كتاف، فقد أكتفى قائد الجبهة الشيخ صالح الهاجري بالتصريح بأن الجبهة انسحبت تكتيكياً إثر هجوم مفاجئ للحوثيين ب 8 دبابات وعشرات المدافع والصواريخ. وروى أحد القادة الميدانيين في جبهة كتاف بعض الحقائق في المعارك وأسباب سقوط كتاف بيد الحوثيين. ونقلت أسبوعية «الناس» عن القيادي الميداني قوله إنَّ «أحد الأسباب الرئيسية لانسحاب السلفيين والقبائل من منطقة كتاف كان يعود إلى نفاذ الأسلحة الثقيلة في الوقت الذي وصلت تعزيزات كبيرة من الأسلحة الثقيلة والدبابات الحديثة للحوثيين». وأوضح القائد ،الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن السلفيين كانوا مسيطرين على الأرض، إلا أن الحوثي دفع بأعداد كبيرة من كل مكان للهجوم على كتاف، مشيراً إلى سقوط مئات الأفراد في كل هجمة كان يقودها الحوثي ضدهم. وأضاف : «كان العشرة منا يواجه قرابة 200 مسلح من جماعة الحوثي، وكانوا يتوافدون علينا من كل مكان، وكأنهم جمعوهم من كل المحافظات اليمنية». وتابع : «استطاع الحوثيون أن يسيطروا على منبع الماء الذي كان يعتمد عليه الجيش المناهض للحوثي، وأنفصل الجيش إلى قسمين أمامي وخلفي يفصل بينهما أعداد كبيرة من الحوثيين عند منبع الماء». وأردف : «بعد استشعار القيادة بنفاد كميات كبيرة من الذخيرة الثقيلة، قررت الانسحاب بشكل تنظيمي من أجل الحفاظ على الأفراد، كونها لا تريد أن تغامر بهم في معركة غير متساوية القوى». وقال إن «الحوثيين كانوا يهاجمون المتارس بطريقة جنونية، تجعلك تجزم أنهم مصابون بالسحر، حيث يقفزون إلى أمام المتارس دون أن يستشعرون بالخطر». وزاد : «كنا نقتل فيهم حتى نشعر بالتعب الكبير، ولا تزال كتائبهم تتقدم، وكل ما سقطت كتيبة تلتها أخرى، حتى شعرنا أنهم لا ينتهون». وأكد أنَّ القيادات الحوثية لديها من الجرأة ما يجعلها تطيح بأعداد كبيرة من جنودها في مواجهات تعرف مسبقاً أنها ستخسر فيها أعداداً بشرية كثيرة. وأشار إلى أنَّ الانسحاب استمر لقرابة ثلاثة أيام، دون أن يسقط فيه أحد، فيما تبقى عشرة أفراد في مقدمة الجبهة قاوموا الحوثيين وسقط منهم خمسة فيما عاد منهم خمسة آخرين، من طريق آمن إلى مؤخرة الجبهة. وذكر أنَّ الجبهة انسحبت إلى جبل أم الرياح الأكثر أماناً، بكل أفراد الجبهة وسلاحها الخفيف والثقيل. ونفى سيطرة الحوثيين على أسلحة ثقيلة وخفيفة، وقال إن الجبهة انسحبت ولم تترك إلا بعض الأسلحة المدمرة أو العاطلة التي لا تنفع إلا في سوق الخردة. وقال إن «قرار الانسحاب جاء بعد تشاور بين القيادات القبلية التي كانت تقود المواجهات العسكرية ضد الحوثيين في الجبهة، وتم الاتفاق على الرجوع بشكل كلي للجبهة إلى مكان آمن حفاظاً على الأفراد». ولفت إلى أن المسجد دار الحديث الذي فجره الحوثيين بعد سيطرتهم على الجبهة، كان مسجد جديد بني بعد حصار دماج، نافياً أن يكون المركز فيه طلاب علم. وحول الأخبار التي تداولت وجود خيانات وسط القادة الجبهات والمواقع في كتاف، رفض الحديث عن ذلك كونه لا يعرف أي خيانات على مستوى القيادات الجبهة، مشيرا إلى أنَّ القيادات العليا رفضت هذا الحديث ونفته نفياً قاطعاً. واستدرك بقوله، إن «التخاذل كان موجود على مستوى القبائل المشاركة في الجبهة، نتيجة حصولها على وعود أو ضغوطات من قبل قوى محلية واقليمية لعدم المشاركة في الجبهة». إلا أنه لم ينفي وجود خيانات داخل الأفراد، وتغلغل حوثي داخل المقاتلين، وأكد أنه تم القبض على عدد من الجواسيس كانوا يعملون لصالح الحوثي، من أجل تحديد الأهداف للهاونات، ونقل المعلومات اليومية عن تفاصيل الجبهة. وقال إنها «حالات بسيطة تم السيطرة عليها»، مؤكدا وجود عدد من عناصر الحرس الجمهوري بزيهم العسكري في جبهات القتال الحوثية، وأن عدد من القتلى الحوثيين عثر بحوزاتهم بطائق عسكرية. وأشار إلى أن تلك العناصر قد تكون من الأفراد الحوثيين المدسوسين داخل المؤسسة العسكرية، أو من الأفراد الذين تم التأثير عليهم خصوصاً من المذهب الزيدي. ورفض القيادي القبلي، الرد على الحديث عن دعم سعودي للحوثيين في جبهة كتاف، قائلا : «الذي أعرفه أن السعودية لا يمكن أن تتورط في دعم جماعة إرهابية تمارس القتل والتنكيل بالمدنيين مثل جماعة الحوثي، ولذلك لا أستطيع أن أؤكد على ذلك إلا من خلال وقائع وإثباتات عن هذا الدعم». وأضاف : «لا يوجد لدي علم عن حجم العلاقة بين الحوثيين والسعودية، لكني أعتقد أن السعودية لن تغامر في دعم هذه الجماعة المسلحة». وأردف : «ما حدث من تخلخل داخل القبائل يوشي بأن هناك طرف أوعز لها بالخروج من الجبهة، وتركها مقابل وعود مالية كبيرة». واستطرد : «لا أدري هل هي السعودية أم الدولة أم طرف آخر، شجع مشايخ القبائل على ترك الجبهة، أو ضغط عليها مقابل وعود مالية أو مصالح أخرى». ونفى أن تكون جبهة كتاف قد حصلت على أي دعم من قبل المملكة العربية السعودية، مؤكداً أن الجبهة كانت تقوم على جهد فاعلين الخير ورجال القبائل، وكل شخص جاء بسلاحه الشخصي، ولم تحصل الجبهة على أي دعم من قبل الحكومة السعودية ولا من غيرها من الدول. وروى القيادي القبلي، بعض تفاصيل القتال التي كانت تدور بينهم مع الحوثيين، حيث أكد أن الحوثيين كانوا يستخدمون سلاح جديد وغير معروف في السوق اليمني، خصوصاً ذخيرة الرشاشات والبنادق، التي قال إنها رصاصات منفجرة ما إن تصل إلى أهدافها حتى تنفجر داخلها. وقال : «وجدنا حالات من الشباب الذين أصيبوا بطلقات عادية كانت تحدث فجوات كبيرة وكسور في العظام بدرجة غير معهودة من قبل، وأشار إلى أن هذه الطلقات من الصناعات الإيرانية الحديثة». ومن الغرائب التي تحدث بها القائد الميداني، أنهم «وجدوا من ضمن القتلى الحوثيين، شخص يحمل في حوزته بطاقة مكتوب عليها نص كان قد تقطع، ولم يفهم منه إلا عبارة من السيد عبدالملك الحوثي، إلى رضوان خازن الجنة». وقال إن «أغلب المسلحين من الحوثيين أعمارهم صغيرة جداً، وأنهم كانوا يستغربون من القذف بأطفال في سن الزهور في جبهات القتال». وتابع : «كنا نحتار من هذا الغباء في تقديم رؤوس الأطفال إلى مقدمة الصفوف بطريقة مندفعة ومتعجلة، تكون نتائجها سقوطهم أمام المتارس بكل سهولة». وأضاف : «نحن لا نقبل من يقل سنة عن عشرين عاماً، وبشرط أن يكون قوام جسمه مناسباً للقتال والصبر على التحمل، أما الحوثيين فإنهم يدفعون بأبناء القبائل للقتال في أعمار صغيرة». وذكر أن الحوثيين يمتلكون مقومات كبيرة، لا يمكن أن يحصلوا عليها إلا من الدولة، أو من الخارج ، مضيفا : «قد يكون هناك قيادات في الجيش تساهم في مساعدة الحوثيين، وإعطاءهم السلاح والرجال للقتال معها». وأوضح أنَّ جبهة كتاف لها خطتها الاستراتيجية في الأيام القادمة، مؤكداً أن القبائل في الجوف تكبد الحوثيين خسائر بشرية كبيرة جداً. وأكد أن الحوثيين نقلواً بعض المقاتلين لهم من كتاف إلى جبهة حاشد والجوف وأرحب، لافتا إلى أنهم يسقطون بالمئات من دون أي مبالاة بحجم القوة البشرية التي يخسرونها في جبهاتهم. واختتم القيادي حديثه بالقول إن «مئات الأفراد من جماعة الحوثي يسقطون في الجبهات، في ظل اصرار حوثي على ادخال أفراده إلى مسرح القتل، من دون أي مبالاة في قذفهم للمعارك».