يغادر السلفيون دماج حاملين أهاتهم وجراحاتهم متحللين تمام من فكرة الانتماء لوطن منحهم –كما يبدو –ملاذاً أمناً ومصيفاً جديداً لممارسة برامجهم على شواطئ عامرة بحكايات العشاق و مووايل البحر يغادر السلفيون دماج تاركين أوجاعهم على جدران مسجدها كشاهد على الموت الذي منحهم العالم بترف فائض وانتصار باهتا لجماعة عجزت طيلة أشهر ثلاثة عن إرسال صرختها من على جبل البراقة باتجاه دماج يحمل السلفيون عصاهم –كأي مستعمر- باحثين عن وطن يمنحهم الإحساس بالأمن، "مروج زهور " أخر تذكرهم ب"ظلم ذوي القربى "، ويبذر في طريقهم ما يمكنهم من مواصلة الحياة. انتصر الحوثيون ،وصار علينا كيمنين الرضوخ لصورت الرصاص وغلبة السلاح، ولنطق جماعة آلت إلا أن تزرع في نفوسنا التساؤلات التملئة بخوف من ابصر بأم عينيه الطلائع للفتح الحوثي في دماج وعمران والجوف. خسر السلفيون معركتهم تحت وطأة القصف اليمي من قبل ميليشيات مسلحة وجدت البيئة الصالحة لنموها من خلال الغياب القسري لدولة اضحت رهنا لرغبات وأهواء اجنحة السلطة الهشة والمتصارعة. ربما أفلح الحوثيون في فرض خياراتهم في الميدان وإملاء شروطهم؛ غير أنهم أخفقوا في تبديد مخاوف مجتمع مازال ينظر إليهم –بتفاؤل- كأمل يمكن بواسطته تأسيس وبناء دولة المواطنة المتساوية غاب عن الحوثيين –في خضم تباهيهم بالانتصار-أنهم قدموا للسلفيين مظلومية وذكرى ،ستظل محفورة في قلوبهم كلما شاهدوا حشود الحوثيين في ذكرى مولد الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة وعلى آلة وصحابته أجل التسليم هكذا تمر ذكرى مولد نبي البشرية الأعظم مخصبة بأنين وأوجاع ودماء أبناء دماج ومقترنة بمشاعر غضب مجتمعي جراء هذا التهجير القسري والعنف المذهبي المقيت يرضخ السلفيون لمنطق الإشادة بخروجهم من دماج كانتصار وخطوة بطولية تم بها إطفاء فتيل حرب مذهبية سيكون اليمنيون جميعهم وقودا لهذه الحرب ؛ فيما حظي الحوثيون بانتصار لا أخلاقي وتبرير كسيح عجز عن إضفاء المشروعية لهذا التهجير المصحوب بإعلان صعدة حوثية بامتياز بعيداً عن القول بخطيئة التواجد السلفي في منطقة وجرافيا زيدية خالصة ،ووجوب مغادرتهم لهذه الجغرافيا وفقاً للفرز المذهبي الذي اقدم عله الحوثيون ،ما يقودنا إلى التساؤل وفق المياس السابق عن تواجد الجماعات الزيدية أو من ينتسبون لآل البيت في جغرافيا سنية خالصة كآل البيت في منطقة جبلية مثلاً، وهل على أتباع السنة وأن يقوموا بتهجير هؤلاء كرد فعل طبيعي للخطوة التي قام بها الحوثي مع إخوانهم في دماج؟. إن استدعاء الجغرافيا وإقحامها في هذا الفرز قد يقودنا جميعاً غلى كوراث اخفق الحوثيون في تداركها وعليهم فقط أن ينتظروا الرد الحتمي لكل الانطباعات التي تركوها في نفوس اليمنيين جميعهم على السواء لا يحتاج هذا الاستنتاج إلى ذكاء بقدر مايحتاج إلى تذكر وإعادة قراءة التاريخ، اعتماداً على المثل العربي القائل "يداك أوكتا وفوك نفخ".