علم المصدر أونلاين من مصادر قضائية مطلعة إن الرئيس علي عبدالله صالح وجه اليوم الثلاثاء رسالة إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي عصام السماوي، تطرق فيها إلى "تساهل بعض القضاة وتفريطهم في آداب القضاء وسلوك القاضي". وقال الرئيس صالح إن تلك السلوكيات تؤثر سلباً على عدالة القضاء وهيبته وسمعته، منتقداً على وجه التحديد "قيام بعض القضاة بارتياد قاعات وصالات الأفراح والعزاء دون ضرورة ملحة لهذا الحضور، وقيامهم بتصرفات لا تليق بهيبة القضاء وتمس باستقلالية القضاء وعدالة القاضي".
وأضاف الرئيس في رسالته، التي حصل المصدر أونلاين على نسخة منها، "كما أن كثرة ارتياد بعض القضاة لصالات وقاعات الأفراح والعزاء دون ضرورة يجعلهم يقابلون أصحاب القضايا والحاجات وفي ذلك تهمة لهؤلاء القضاة تتنافي مع سلوك القاضي الحريص والنزيه".
ولفت إلى إن "بعض القضاة يخوضون في تلك المجالس في أحاديث بشأن القضايا التي يتولون النظر فيها مما يجعلهم يفصحون عن قناعاتهم مسبقاً إزاء تلك القضايا".
ووجه الرئيس رئيس مجلس القضاء الأعلى بالتعميم على كافة القضاة وتنبيههم بالابتعاد عن هذه السلوكيات، والاهتمام بآداب القضاء وسلوكيات القاضي وغرسها وتجذيرها في الجيل الجديد من القضاة ولاسيما طلبة المعهد العالي للقضاء. وأكد الرئيس على ضرورة إن يتم إعتماد مدى التزام القضاة بآداب القضاء وسلوكياته ضمن معايير التقييم والتقويم الدوري للقضاة وبحيث تكون ذات اعتبار عند الترقية أو التعيين.
كما حث على منع القضاة بالإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، واعتبرها من السلوكيات التي تؤثر سلباً على عدالة القضاء وتعد تدخلا سافرا منه في شؤون سلطات الدولة الأخرى، وقال "من تلك السلوكيات أيضاً قيام بعض القضاة بالإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام المختلفة في القضايا العامة والقضايا السياسية والمشاركة في الندوات السياسية والعامة, ومعلوم أن ذلك إخلال باستقلال القضاء وحياده".
وأضاف إن "خوض القاضي في أقواله وتصريحاته لوسائل الإعلام المختلفة بشأن القضايا العامة والسياسية يعد إفصاحا عن قناعات القاضي وأحكامه المسبقة إزاء القضاياالعامة الخلافية التي خاض فيها بتصريحاته وأقواله لا سيما وان من المتوقع أن تعرض هذه القضايا والمسائل العامة على القضاء، فأي حياد واستقلال للقاضي عندئذ، ولا يختلف الحال بالنسبة للمسائل والقضايا العامة والسياسية التي قد لا تعرض على القضاة".
وأوضح الرئيس إنه "معلوم أن العدالة والقسط من أهم شروط القاضي وأن التصرفات الصادرة من بعض القضاة السالف ذكرها تقدح في عدالة هؤلاء القضاة وتجعلهم يحكمون بالهوى وبغير الحق والقسط مخالفين بذلك النصوص الشرعية والقانونية التي تأمر القاضي بالعدل والقسط والبعد عن التأثر والهوى".
وفي هذا الصدد، أورد الرئيس في رسالته بعض النصوص القرآنية والأحاديث منها قوله تعالى : (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ ً) , وقوله تعالى : (يَا دَاوُودُ إِنّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقّ وَلاَ تَتّبِعِ الْهَوَىَ فَيُضِلّكَ عَن َسبِيلِ اللّهِ ِ).
بالإضافة إلى قوله صلى الله عليه وسلم ( إن المقسطين عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن وهم الذين يعدلون في حكمهم) وقوله صلى الله عليه وسلم ( إن الله مع القاضي ما لم يجر فإن جار أوكله الله إلى نفسه) وقوله صلى الله عليه وسلم (من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة ومن غلب جوره عدله فله النار).
وتأتي هذه الرسالة بعد يومين فقط من إصدار الرئيس قرارات الأحد أحدثت تغييرات لرؤساء نيابات الاستئناف بمحافظات الجمهورية ورئاسات النيابات المتخصصة والشعب الجزائية.
وخصص قرار رئاسي لإزاحة سعيد قاسم العاقل من رئاسة النيابة الجزائية بالعاصمة صنعاء ليعينه محامياً عاماً لنيابات الأموال العامة.
والعاقل، وجه معروف ومثير للجدل لدى عشرات من أعضاء الجماعات المتشددة الذين خضعوا لمحاكمات في المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الأمن والإرهاب.
ولم ينحصر دور العاقل في الادعاء على أعضاء الجماعات المتشددة بل امتد إلى ناشطين مدنيين وصحفيين.
ومر على سجلات العاقل، عدد من الصحفيين والناشطين تولى هو الادعاء ضدهم أبرزهم عبدالكريم الخيواني ومحمد المقالح إضافة إلى ناشطين، اعتقلتهم النيابة الجزائية بدعاوى الاشتراك في أنشطة مساندة لجماعة الحوثيين المسلحة التي تقاتل القوات الحكومية منذ 2004.
كما عرف عن العاقل الصرامة في التحفظ على المتهمين إلى حد منع بعضهم من تلقي العلاج.
وارتبط اسم النيابة الجزائية خلال رئاسة العاقل لها بوفاة الشاب هاشم حجر في 2007 متأثراً بمضاعفات مرض الكبد. ويصر أقرباؤه على أن النيابة الجزائية منعته من تلقي العلاج اللازم ولم تسمح بنقله إلى المستشفى إلا حين بدأ بالاحتضار.
والآن، يستقبل كرسي العاقل رئيساً جديداً للنيابة الجزائية بأمانة العاصمة هو محمد عبد الرقيب فرحان الحميري الذي سيحاول التحلي بحزم سلفه، لكن ربما سيكون عليه التحلل مما اقترن بسلفه من اتهامات بالتبعية المطلقة لأوامر السلطات التنفيذية وأجهزة المخابرات والتخلي كلية عن استقلال القضاء.