بإرادة قوية وعزيمة صلبة يقضي الأسرى الفلسطينيون أيامهم خلف قضبان الاحتلال الإسرائيلي بانتظار ساعة الفرج، ورغم إجراءات القمع والمضايقات التي تفرضها إدارة السجون بحقهم، إلا أنهم ينجحون في تحقيق الكثير من رغباتهم بالتميز والإبداع وبخاصة في شهر رمضان. أبرز محطات التميز التي يبحث عنها الأسرى تتمثل في حفظ القرآن الكريم، حيث يستغل نسبة كبيرة منهم شهر رمضان المبارك للتفرغ بشكل كامل لقراءة القرآن وحفظه وتعلم أحكام تلاوته حتى تحول بعض من أقسامها إلى أشبه "بمراكز تحفيظ القرآن" التي تمنح السند للحفظة.
الصبر الأسير أبو معاذ (52 عاما) المعتقل داخل أحد سجون الاحتلال، تحدث ل"إسلام أون لاين" عبر الهاتف المهرب، قائلاً :"يحرص الأسرى داخل سجون الاحتلال على ملء وقت فراغهم بكل ماهو مفيد، وهذا تحد ما بين الأسير وإدارة السجون التي تحاول إبقاء الاسير يعيش في ظروف نفسيه صعبة".
ويضيف :"على مدار العام يتم وضع برامج رياضية وثقافية ودينية يتعلم خلالها الأسير الكثير من الأمور، وتساهم في بناء شخصيته وثقافته، وفي شهر رمضان بشكل خاص يتم وضع برنامج مخصص يتركز بشكل أساسي على حفظ القرآن".
ويتابع بالقول :"رحلة حفظ القرآن بالنسبة للأسير تمنحه الصبر وتعينه على قضاء سنوات الاعتقال، كما تؤنسه في ظل الواقع الصعب الذي يعانيه الأسرى وممارسات التضيق التي تفرض عليهم".
و يوضح أبو معاذ بالقول :"خلال الفترة الماضية لمست أن هناك حرص شديد من قبل نسبة كبيرة من الأسرى لحفظ القرآن، وهذا الشيء يكون واضحا في رمضان بشكل خاص أكثر من باقي الشهور".
منافسة أما الأسير المحرر "لوط محمد" والذي أتم حفظ القرآن خلال 4 شهور اثناء اعتقاله بسجون الاحتلال، فيصف ل"إسلام أون لاين" أجواء حلقات التحفيظ داخل السجون، بأنها أجواء "منافسة بين الأسرى لتحقيق فرصة العمر في حفظ القرآن".
يقول لوط :"كنت أحفظ بعض الأجزاء القليلة قبل الاعتقال، لكن الجو الذي يعيشه الأسرى والتحفيز فيما بينهم لحفظ القرآن دفعني لأنافس على حفظه في أقل وقت ممكن وذلك فقط بأربعة شهور، كان من بينها شهر رمضان".
وعما يميز شهر رمضان داخل السجون، يوضح لوط :"الأسرى ينظمون أوقاتهم، ويستفيدون من كل دقيقه يعيشونها داخل المعتقل، وفي رمضان بشكل خاص يوضع برنامج مكثف يمكن من خلال ان يقطع الاسير شوطا كبيرا في حفظ القرآن".
ويتابع بالقول :"كثير من الأسرى يختم قراءة القرآن كل يومين أو ثلاثة أيام، وهذا يسهل عليهم الحفظ، بل هناك كثيرون يستغلون رمضا لتثبت حفظهم القديم".
مراكز تحفيظ "مركز النور" هو الاسم الأشهر لمراكز تحفيظ القرآن داخل سجون الاحتلال، وعن ذلك يتحدث الباحث والمتخصص بشؤون الأسرى فؤاد الخفش بالقول :" حرص الأسرى على حفظ القرآن جعلهم يضعون أسس صحيحة لذلك وهو ما تمثل بإنشاء مراكز تعرف بين الأسرى".
ويضيف في تصريحات ل"إسلام أون لاين" :"فكرة انشاء مراكز حفظ القرآن داخل السجون كانت في العام 1998 من خلال مجموعة من الشباب الذين يحفظون القرآن في سجن مجدو، والهدف هو تحفيظ القرآن وتعليم أحكام التجويد وتخريج عدد كبير ممن يتقنون تلاوة القرآن بأحكامه كاملة إضافة إلى إعطاء الرواية المتصلة بالسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم".
ويتابع:"دورات تحفيظ القرآن تستمر على مدار العام، إلا أنه مع بداية شهر رمضان تطلق برامج خاصه ومتميزه للحفظ ابتداء من عدد من الأجزاء وصولاً إلى حفظ القرآن كاملاً وتسميعه أمام لجنة محكمة".
وإلى جانب مركز النور، يبين الخفش أن الأسرى أقاموا مركزا آخر أطلق عليه إسم "مشروع الشفيع" حيث يتبع بشكل شبه مباشر للجنة الرحمة العالمية ومقرها في الكويت، حيث يعنى هذا المشروع بتحفيظ المنتسبين له خلال سنتين ونصف بمعدل صفحة في اليوم وجزء في الشهر.
وانطلق المشروع في فلسطين منذ سنوات، لكنه بدأ في السجون بداية العام الحالي، ويشمل محفزات مادية للحافظ والمحفظ، بحسب الخفش.
ويوضح الخفش أنه في العام 2009 حصل ما يقارب 299 أسير على شهادة تجويد، ومنح أيضاً 73 شهادة حافظ، كما منح 34 شهادة سند، وتم إدخال السند إلى السجون من خلال الدكتور عيد دحادحة من بلدة عطارة قضاء رام الله وذلك أثناء وجوده في الأسر.
ويبلغ العدد الإجمالي للأسرى في سجون الاحتلال 7350 أسيرا وأسيرة موزعين على 25 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف وتحقيق.