غير مرة، أوقعني اسمي المستفز بالنسبة لغالبية الكويتيين في مواقف محرجة بطرافة.. وجلها بالطبع، ليست بذلك القدر من الصعوبة التي يتوجب مني استعادتها هنا على شاكلة قصص مروية بتسلسل لأحداث عادية في تأريخي البسيط، وقد مضت بصمت وسلام. لا يجدر بي مثلاُ، أن أحكي أنه ولعشرات المرات، حدث وأن سمع أحدهم أسمي وقال ما مفاده "ستحرم من دخول دولة الكويت بسبب اسمك". ولا يتوجب عليا أن استشهد أيضاً، بقصة "مؤامرة العطف والحنان" وهو عنوان مقال ناقد بسخرية لأبي وأمي اللذين تآمرا عليا وأنا كنت لم أزل كومة لحم تتكور عندما أسمياني باسمي هذا مع أن إخواني جميعاً لديهم أسماء تبدأ بحرف العين.. ولا أدري ما الذي جعل أبي حينها، يشذ عن قاعدته في تسمية أولاده عندما وصل لي أنا بالذات وأنا الأخير.. كان الأستاذ الجامعي الذي يكره القومية والبعث وصدام وعبد الناصر مبتهج بمحاولتي الأولى في الكتابة وهو يقرأ ذلك المقال.. لا ادري لم أبدو وكأني فعلاً، منزعج من اسمي الذي أفخر به لأنه من اختيار والدي الذي كان معجباً بشخصية صدام على الأرجح. لست مضطراً لأن أسرد ما تبقى من قصص لكن فتح "الجريدة" الكويتية لملف القضية الجنوبية في الأشهر الأولى من العام الحالي حيث كنت أحد فريق العمل إلى جانب مراسلة الجريدة رفقة الزميل محمد الأسعدي، جعل البعض من وجود اسمي في "الجريدة" مبعث للتندر وربما للتأكيد على أن هناك تأريخ غير أبيض لليمن حكومة وشعباً في التضامن مع أزمات الكويت وبالأخص بعد غزو العراق لها مطلع العقد الأخير من القرن الماضي.. ستكون هذه الحكاية مبعث للتندر ولاسيما عندما يعرف أحدكم أن ذلك كان يحدث غير مرة في تعليقات القراء على المواد المنشورة في عنوان "الجريدة" الالكتروني..
اعذروني.. لا أدري صراحة، لم أقودكم إلى زاوية شخصية لكنها فعلاً، مثلت ولا تزال حالة واحدة من جو العلاقات الشعبية بين اليمن والكويت إذ تجاذبتها العاطفة والمشاعر البينية المتناقضة وطورتها بعض الحقائق المتكئة على فكرة أن اليمن وقفت مع صدام في غزوه للكويت ومعلومة أن غالبية الشعب صاموا ثلاثة أيام من اجل أن ينتصر صدام على أمريكا التي تحركت جيوشها باتجاه الخليج لمحاصرة بغداد بعد تلك الفكرة الشيطانية التي أقدم عليها رئيس العراق. وذلك بالطبع، لا يعكس حالة كره جماعي للكويت حتى يستمر البرلماني الكويتي مسلم البراك في توجيه أقذع الشتائم لليمن ولليمنيين طوال السنوات الماضية.
ليس هناك من حقيقة مفادها أن اليمن كانت ضد الكويت سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي. تماماً، مثلما لا توجد حقائق في المقابل تدل على أن الكويتيين كانوا على ضفة أخرى موازية للكراهية. و لم يخف على أحد رد الفعل السلبي الذي تلقاه الشعب اليمني البسيط جراء تصرفات غير مسئولة استفاد منها البعض فقط، إذ تم ترحيل عدد من المغتربين اليمنيين في دول الخليج الخليج وأهمها السعودية والكويت. وتواصل الشد والجذب بين الطرفين حتى أن الكثير ظن أنه مشاعر الكراهية أو الحب المضمرة أو المعلنة في ازدياد.
وبعيداً عن تأكيداتي أني كنت ولم أزل أحترم الشعب الكويتي حكومة وشعباً، مثلما هو احترامي للشعب العراقي ولزعيمه صدام خصوصا بعد رحيله بتلك الطريقة البشعة، وهو حقا كان مجازفاً عندما غزا الكويت ولم يكن قد قام بعين الصواب. بعيداً عن كل ذلك، دعوني
أنثر باقات الفرح الأخير.. دعوني أتخذ من فرحتي بمناسبة فوز الكويت باللقب في بطولة الخليجي الأخيرة التي أقيمت في عدن، وأعتدها بمثابة اعتذار لكل ما كان حتى ولو لم يكن هناك شيء.. دعوني أتفاءل بمستقبل العلاقة اليمنية الكويتية بعد هذا الانجاز الذي كان والذي حتماً أعاد الجميع إلى ما قبل تسعين وأكثر.
حين رفع الرئيس علي عبدالله صالح كأس بطولة خليجي 20 قبل قائد منتخب الكويت نواف الخالدي، بدا وكأنه أراد أن يقول للمتابعين في الداخل والخارج أنه الفائز الأول والأخير بالبطولة قبل منتخب الشقيقة الكويت. ومع هكذا مشهد لطيف ببراءة، أسدى الرئيس صالح للجميع فكرة أنه كان ينتظر وبشغف، لحظة تكريم الأزرق؛ تكريمه كزعيم هو المشرف الأول والأخير على بطولة أدمغت بالكويت بدءاً من تسميتها إلى لحظة التتويج. لقد احتفل الشعب اليمني في شوارع عدن حتى الصباح وابتهج العديد من المسئولين والمهتمين وبدا كما لو أن جميع اليمنيين كانوا ينتظرون هذه اللحظة.
لقد توحدت الأصوات اليمنية الشعبية والرسمية المؤازرة للكويت. فالمتابع للحالة الشعبية اليمنية منذ مدة، يكتشف حقيقة أن اليمنيون لم يجتمعوا على مائدة فرح واحد وحلم واحد وطموح واحد مثلما اجتمعوا على تنظيم بطولة خليجي 20 لأول مرة في بلدهم في التفاصيل الجانبية لأيام البطولة، وأيضاً اجتماعهم حول مائدة الفرح للظفر الكويتي بلقب البطولة من عدن واستعادة مجد الأزرق في بطولة الخليج.
كان الجميع مع انتهاء بطولة خليجي 20 متأكد أن هذه بطولة المصالحة اليمنية الكويتية، فهل ستعود العلاقة إلى ما قبل التأرجح في شفة الصمت والركود.. هل سنعبر جميعاً جسر أخوي واحد أكثر جسارة وشموخ لاسيما والشعبين لهما ذات الامتيازات التي يمتازون بها عن غيرهم من النبل إلى الأخلاق والثقافة والشهامة وبعد النظر الغير منزوي في خانة ماض مريض.